على رغم إجراء عملية اقتراع هادئة نسبياً في الانتخابات العامة الباكستانية أول من أمس، وخلوها من أعمال تفجير كبيرة في المدن كلها، شهدت مدن مختلفة أحداث عنف و شغب وإخلالاً بالقانون، كما شهدت بعض الدوائر الانتخابية ما أسماه مرشحو المعارضة مزيجاً من التدخل الحكومي أو الإهمال من قبل لجنة الانتخابات التي شكلتها الحكومة وقبلت بها أحزاب المعارضة على مضض. وافتتحت مراكز الاقتراع في كل الدوائر الانتخابية في الثامنة صباحاً، لكن رئيس منظمة تفعيل المشاركة الشعبية في الانتخابات حارث خليق أعلن أن مراكز اقتراع في دوائر انتخابية عدة في السند والبنجاب وبلوشستان تأخر فتحها للناخبين بسبب عدم توافر أوراق الاقتراع أو بعض اللوازم الأخرى لعملية الانتخاب. واشتكى عدد من مرشحي المعارضة من عدم امتلاك الموظفين المسؤولين عن الاقتراع لوائح نهائية للناخبين واعتمادهم على لوائح مختلفة عن تلك التي وزعت على المرشحين، ما أدّى الى عدم وجود العديد من أسماء الناخبين فيها وتسبب في مشاكل. وفي ضاحية جولرة شريف غرب العاصمة إسلام آباد، حيث معقل المرشح القوي أنجم عقيل الذي ينتمي الى حزب"الرابطة الإسلامية - جناح رئيس الوزراء السابق نواز شريف"، هرع السكان لدعم مرشح منطقتهم منذ الساعات الأولى، ما أدّى الى ازدحام في مركز للاقتراع بخلاف مركز آخر في الحي العاشر من الضاحية ذاتها القريب منه حيث لم يزد عدد المقترعين في الساعات الثلاث الأولى عن ثلاثة في المئة من مجموع الناخبين المسجلين. وصرح أنجم عقيل ل"الحياة"بأنه"على رغم القيود التي حاولت الحكومة وضعها أمامي وأمام حزبي تصدرنا لائحة تأييد الناخبين الذين هرعوا للإدلاء بأصواتهم"، علماً انه اعترف بأن نسبة المقترعين اعتبرت أقل من المستوى الذي طمح له حزبه". وفي وسط العاصمة، اشتكى مرشح حزب"الشعب"الدكتور إسرار شاه الذي بترت ساقاه في الانفجار الذي قتلت فيه زعيمة المعارضة رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو افتقاد مراكز الاقتراع في العاصمة الموظفين الرسميين خاصة في أماكن اقتراع النساء، وقال:"استبدلت موظفات مراكز اقتراع النساء مرات، ولم يحصلن على لوائح الناخبات، ما أوجد ثغرات في العملية الانتخابية". ونصبت في سوق جناح خيم لمؤيدي الحكومة وشريف وحزب الشعب. وقلبت الرياح خيمة جلس مندوب الحزب الحاكم في داخلها، ثم تقدم أحد المسنين من أنصار بوتو بعد اكثر من ربع ساعة من سقوط الخيمة على الأرض لاعادة بناء الخيمة التي لم يدخلها أحد خلال ساعة من وجودنا في المنطقة. وفي مدينة روالبندي المجاورة لإسلام أباد والتي يزيد عدد سكانها عن ستة ملايين شخص، خلت الشوارع من حركة السير الطبيعية فيما أغلقت الأسواق كلها. ولوحظ انتشار أمني كبير قرب مراكز الاقتراع التي لم تشهد تجمعاً ملحوظاً للناخبين. ولفت في روالبندي خلو مكاتب وزير الإعلام والسكك الحديد السابق شيخ رشيد أحمد الموالي للرئيس برويز مشرف من أي تواجد لأنصاره، بينما كانت معسكرات ومراكز مرشحي أنصار نواز شريف وحزب"الشعب"مكتظة بالأنصار والناخبين الذين يسعون الى الإدلاء بأصواتهم دعماً لهما، وهو ما اعتبر علامة بارزة في المدينة التي شكلت سابقاً معقلاً قوياً لشيخ رشيد أحمد. وصوت الرئيس مشرف بحسب ما دأب عليه في روالبندي، لكنه بدا على غير عادته شاحب الوجه، ولم يرتدي ربطة العنق في شكل رسمي بل ظهر أمام عدسات التصوير بما يوحي بأنه سيواجه أياماً عصيبة بعد إعلان النتائج. وقال في محاولة لإظهار ثقته بالنفس وطمأنة الجميع في شأن مستقبله:"إنني مستعد للعمل والتعاون مع أي حزب يفوز بالانتخابات"، لكنه صرح في لهجة تحذيرية لقطبي المعارضة شريف وآصف على زرداري زوج بوتو الذي يتزعم حزب"الشعب"حالياً، بأن"الحزب الخاسر يجب أن يقبل النتيجة بشجاعة ولا يعمل على إثارة القلاقل والفوضى في البلاد". وأعلن إسكندر شاه أحد قياديي حزب"الشعب"بأنه"في حال عدم تزوير الانتخابات فإن حزبنا سيكتسح الانتخابات ويفوز بغالبية مطلقة في البرلمان تخوله تشكيل الحكومة بمفرده"، بينما قال شريف إن"حركة العصيان المدني والإضرابات في المدن الباكستانية ستبدأ غداً، في حال أقدمت الحكومة على تزوير الانتخابات، وإعلان فوز"الحزب الملكي"وهم مؤيدو مشرف في جناح حزب"الرابطة الإسلامية"المنشق عن شريف . وأشارت مصادر في البنجاب الى ان عملية الاقتراع في لاهور ومدن الإقليم سادها توتر شديد بين أنصار شريف والحزب الحاكم الذي كان انشق أعضاؤه عن حزب الرابطة بزعامة شريف وأيدوا الرئيس مشرف . واشتبكت غنوة بوتو، اللبنانية الأصل وأرملة مرتضى بوتو شقيق بينظير ورئيسة حزب شهيد بوتو، مع ناصر خورو مرشح حزب"الشعب"في بلدة لاركانا شمال كراتشي، بعدما اتهمته بمحاولة تزوير أوراق انتخابية ومنعها من الوصول إلى مركز الاقتراع. وأشارت نتائج أولية الى أن مرشح حزب"الشعب"في لاركانا شاهد حسين بوتو تقدم على غنوة في انتخابات البرلمان الإقليمي بأكثر من 700 صوت. وأكد مرشحون أن سكاناً كثيرين خشوا الخروج من منازلهم للإدلاء بأصواتهم، بسب حملة العنف والتفجيرات في باكستان التي واكبت يوم الاقتراع حيث هاجم مسلحون ثلاثة مراكز اقتراع في إقليم سوات المضطرب، ما حتم تأجيل التصويت فيه. 80 مليون ناخب وبضعة أحزاب دعي اكثر من ثمانين مليون ناخب باكستاني للإدلاء بأصواتهم لاختيار أعضاء مجلس النواب الفيديرالي وأربعة مجالس محلية للولايات. في ما يأتي معلومات حول هذه الانتخابات: مواعيد وناخبون - كان من المقرر أن تُجرى هذه الانتخابات في الثامن من كانون الثاني يناير الماضي، لكنها تأجلت الى الأمس، بعد اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو. - يبلغ عدد الناخبين المسجلين في باكستان 81 مليوناً، من اصل عدد السكان البالغ 160 مليون نسمة. - سينتخب في هذا الاقتراع أعضاء مجلس النواب الفيديرالي او الجمعية الوطنية، البالغ عددهم 272 نائباً. - مقاعد مجلس النواب موزعة على الولاياتالباكستانية. وتشغل البنجاب 148 مقعداً، والسند 61 في مقابل 35 مقعداً للولاية الحدودية الشمالية الغربية، و14 لبلوشستان ، و12 للمنطقة القبلية الخاضعة للإدارة الفيديرالية، الى جانب مقعدين للعاصمة الاتحادية إسلام آباد. وحدد عدد هذه المقاعد لكل ولاية حسب عدد السكان. -خصص ستون مقعداً آخر للنساء وعشرة مقاعد لغير المسلمين، وهذه تعود الى الأحزاب بحسب عدد الأصوات التي تفوز بها. الأحزاب وموازين القوى -"الرابطة الإسلامية -جناح القائد الأعظم"الذي كان حاكماً في الولاية الاشتراعية المنتهية ويدعم الرئيس برويز مشرف. وهو ممثل على بطاقات الاقتراع بصورة دراجة. - حزب الشعب وهو اكبر أحزاب المعارضة الذي كانت تتزعمه رئيسة الوزراء السابقة بوتو. وهو ممثل على بطاقات التصويت بسهم. -"الرابطة الإسلامية - جناح نواز"، الذي يقوده رئيس الوزراء السابق نواز شريف، ويرمز له على بطاقة الاقتراع بنمر. - في انتخابات 2002، فازت"الرابطة الإسلامية -جناح القائد الأعظم"ب130 مقعداً، وفازت ثلاثة أحزاب أخرى متحالفة معه ب53 مقعداً. وفي المعارضة، كان حزب الشعب الباكستاني يشغل 63 مقعداً. كما شغل في الولاية الاشتراعية السابقة تحالف من ستة أحزاب إسلامية متشددة هو مجلس العمل المتحد 59 مقعداً وحزب نواز شريف 18 مقعداً. وفازت أحزاب أصغر بما فيها التنظيم الذي أسسه لاعب الكريكيت السابق عمران خان وأخرى قومية ومستقلون ب19 مقعداً. لم يترشح هذه السنة عدد كبير من الشخصيات الرئيسة. فمشرف فاز في الانتخابات الرئاسية لولاية ثانية العام الماضي. ولم يترشح آصف علي زرداري زوج بوتو الذي يتزعم حزب الشعب والعضو في مجلس الأعيان، لشغل مقعد في مجلس النواب، فيما رفضت السطات ترشيح نواز شريف لمقعد نيابي. -- يؤكد المسؤولون الباكستانيون أن الانتخابات تُجرى بحضور 500 مراقب أجنبي على الأقل. -- نشر اكثر من نصف مليون من عناصر الجيش والأمن لضمان أمن الانتخابات، بينهم 81 ألف عسكري.