خلت ذكرى تأسيس اتحاد المغرب العربي، أمس، من مؤشرات إلى معاودة تفعيله، باستثناء برقيات التهاني التي تبودلت بين القادة المغاربيين في مناسبة الذكرى ال 19 لابرام"معاهدة مراكش"في 17 شباط فبراير 1989. بيد أن العاهل المغربي الملك محمد السادس كان صريحاً لجهة تأكيد وجود معوّقات وعراقيل تحول دون تفعيل دور الاتحاد الذي"لا بد بل منه في عصر التكتلات الاقتصادية والسياسية". ورأى مراقبون أن الخلافات القائمة بين الجزائر والمغرب في أبعادها الثنائية والاقليمية الموقف من قضية الصحراء واستمرار اغلاق الحدود البرية بين البلدين الجارين يحد من المساعي المبذولة لضبط إيقاع الاتحاد المغاربي المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا على وتيرة العصر. فقد صرح الموفد الدولي في نزاع الصحراء بيتر فان فالسوم في ختام جولته إلى منطقة شمال افريقيا، قبل أيام، بأنه"غير راض"عن مستوى المحادثات التي أجراها، إذ يُعتقد أنه كان يعوّل على دور أفضل تلعبه كل من الجزائر وموريتانيا في تشجيع ودعم المفاوضات الجارية بين المغرب وجبهة"بوليساريو"، والمقرر استئناف جولتها الرابعة في 11 آذار مارس المقبل في مانهاست في ضواحي نيويورك، خصوصاً أن قرار مجلس الأمن الرقم 1783 يطلب إلى دول الجوار دعم هذا التوجه. غير أن الوفد الجزائري إلى جولات مانهاست الثلاث السابقة اكتفى بحضور الجلسات الافتتاحية، فيما التزمت نواكشوط دعم أي توجه يرعاه مجلس الأمن، لكنها أبدت ميولاً نحو مساندة خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب. أما على الصعيد الثنائي فقد خبت الآمال في معاودة فتح الحدود المغلقة بين الجزائر والمغرب منذ صيف 1994، على رغم أن البلدين ألغيا نظام التأشيرة على رعاياهما. وتقول مصادر مغربية إن الجزائر تقرن أي تطور في الموضوع الحدودي بحل نزاع الصحراء، ما يجعل من الصعوبة بمكان احراز أي تقدم في جهود البناء المغاربي المتعثر. ولم تفلح اجتماعات وزراء الخارجية المغاربيين، وكان آخرها انعقد في الرباط قبل أسابيع، في الاتفاق على موعد لعقد القمة المغاربية المؤجلة. فقد ساد اعتقاد أن نقل رئاسة الاتحاد من الجزائر إلى ليبيا يمكن أن يساعد في حلحلة الموقف، إلا أن ذلك لم يحدث. واكتفى المغرب والجزائر، في غضون ذلك، بالحوار والاجتماع في نطاق منظومة"5+5"التي تجمع البلدان المغاربية إلى نظيراتها في الضفة الشمالية للبحر المتوسط إسبانيا والبرتغال وفرنسا وايطاليا ومالطا أو على صعيد الاجتماعات الأمنية والعسكرية في إطار حلف"الناتو"، من دون أن ينسحب ذلك الحوار على الصعيدين المغاربي أو الثنائي. وكانت القمة الوحيدة التي جمعت العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، على هامش القمة العربية التي كانت استضافتها الجزائر قبل سنوات، أحرزت تقدماً في إقرار أجندة تسمح بتحقيق انفراج. إلا تلك الجهود سرعان ما تبخرت أمام تباين المواقف حيال قضية الصحراء. ويسود اعتقاد أن الاتحاد المغاربي سيقضي عاماً آخر من دون بريق أمل، باستثناء التلويح بأدبيات وحدة اللغة والدين والانتساب التي لم تسعف أهل القرار السياسي.