يترقب الوسط السياسي اللبناني نتائج الاتصالات العربية والدولية المكثفة الجارية في شأن إعطاء دفع لجهود الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، لتطبيق مبادرتها لإنهاء الفراغ الرئاسي ومعالجة الخلاف بين الأكثرية والمعارضة على الحصص في حكومة الوحدة الوطنية قبل الجلسة النيابية المقررة في 26 الجاري لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. فيما اعلنت القاهرة، بعد لقاء الرئيس حسني مبارك والعاهل الاردني عبدالله الثاني في شرم الشيخ، انها لا تتصور خلو مقعد لبنان في القمة العربية. وفي موازاة ذلك ينتظر جمهور"حزب الله"وأنصاره واللبنانيون أنباء التحقيقات الجارية في دمشق في عملية اغتيال القائد العسكري في الحزب عماد مغنية، خصوصاً ان لهذا الحدث تداعياته على الوضع اللبناني الداخلي. واوفد زعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري أمس وفداً من تياره للتعزية بمغنية باسمه، بعدما دعا في خطابه في الذكرى الثالثة لاغتيال والده الخميس الماضي في ساحة الشهداء، الى"لقاء الساحات بدل تباعدها". كما أن العماد سليمان قام أمس بتعزية قيادة الحزب وعائلة مغنية في ضاحية بيروت الجنوبية. وفي دمشق، قالت مصادر سورية مطلعة ل"الحياة"أمس ان التحقيقات التي تجريها السلطات الأمنية السورية لمعرفة من يقف وراء اغتيال عماد مغنية ومنفذي العملية"لا تزال قائمة"وان النتائج"ستعلن رسمياً لدى الوصول الى نتائج ملموسة". ونفت المصادر ما قيل عن تشكيل لجنة سورية ? إيرانية للتحقيق، مشيرة الى أن"الجهات السورية المختصة وحدها هي التي تقوم به". وفي شرم الشيخ مصر، حضت مصر والأردن الأطراف اللبنانية على تنفيذ المبادرة العربية من أجل إنهاء الوضع الحالي بما يحقق انتخاب رئيس للبنان، فيما طالبت مصر بتهيئة الأجواء لإنجاح القمة العربية المقرر أن تستضيفها دمشق في أواخر شهر آذار مارس المقبل، موضحة أنها لا تتصور خلو مقعد لبنان في القمة. وكان الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بحثا خلال قمة جمعتهما في منتجع شرم الشيخ أمس في الشأن اللبناني. وقال الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في مصر السفير سليمان عواد، في مؤتمر صحافي عقب انتهاء أعمال القمة، إن"الرئيس حسني مبارك والعاهل الأردني أكدا ضرورة إنهاء الوضع الحالي في لبنان على نحو يحقق وفاق شعب لبنان بمختلف طوائفه وقواه السياسية حول مقتضيات الاستحقاق الرئاسي"، موضحاً أن"الرئيس مبارك والملك عبدالله أعادا تأكيد تأييدهما المبادرة العربية في هذا الخصوص". ورداً على سؤال، قال السفير عواد إن"الجميع الآن يتطلع إلى القمة العربية المقبلة في دمشق والرئيس مبارك سبق وأن صرح بأنه يتمنى أن تتوافر كل عناصر النجاح لهذه القمة". لكنه أضاف:"لا أعتقد بأن محادثات اليوم بين الرئيس مبارك والعاهل الأردني تطرقت بالتفصيل لهذا الموضوع، ولكن موقف مصر هو تأكيد ضرورة تكاتف كل الأطراف بما في ذلك جامعة الدول العربية كمظلة للعمل العربي المشترك وبما في ذلك أيضاً سورية باعتبارها الدولة المضيفة للقمة العربية وكذلك كل الأطراف العربية من أجل تهيئة الأجواء المواتية لتوفير كل أسباب النجاح للقمة المقبلة". وشدد عواد على أن الجميع عندما ينظر الى هذه القمة العربية و"لا يتصور أن يكون لبنان هو الحاضر الغائب عنها، ولا يتصور أن يخلو مقعد لبنان كرئيس لدولة عربية في هذه القمة"، معرباً عن أمل مصر في أن تكون الأجواء قد تهيأت من الآن وحتى موعد انعقاد القمة بما يوفر كل أسباب النجاح لها". وتابع المسؤولون اللبنانيون المعطيات التي توافرت بعد الجولة العالمية التي قام بها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل على عواصم عدد من الدول الكبرى، إضافة الى بعض الدول العربية، لاطلاعها على الجهود التي بُذلت حتى الآن من أجل معالجة الأزمة في لبنان، والتي كان بدأها في القاهرة وانتهت أول من أمس في واشنطن حيث التقى الرئيس جورج بوش. وتزامن تحرك الوزير الفيصل مع اتصالات أجرتها الرياض مع عدد من العواصم العربية لاطلاعها على الجهود الاخيرة التي بذلتها في الإطار العربي، وفي الاتصالات مع دمشق من أجل حلحلة الأزمة في لبنان، من دون نتائج على هذا الصعيد. وأجرى رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة اتصالين أمس بكل من الأمير سعود الفيصل وعمرو موسى للبحث في أوضاع المنطقة ولبنان. وأعلن المكتب الإعلامي للنائب الحريري انه غادر بيروت ليل أول من أمس الى الرياض في زيارة خاصة. وكان الحريري التقى يوم الجمعة السفير السعودي في بيروت الدكتور عبدالعزيز خوجة للتداول في آخر التطورات والجهود في شأن الأزمة اللبنانية. وقالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع ل"الحياة"ان الاتصالات العربية تتناول إمكان الضغط في اتجاه انتخاب العماد سليمان رئيساً في جلسة 26 الجاري، على أن يقترن الأمر مع اتفاق على تشكيل حكومة فور الانتخاب، استناداً الى الضمانات التي طرحها موسى من أجل معالجة هواجس المعارضة والأكثرية، بحيث يجري الانتخاب وفق سلة سياسية لا تقتصر على ملء الفراغ الرئاسي تفادياً لتجدد الخلاف على تشكيل الحكومة بعد انتخاب سليمان من أجل الحؤول دون حصول فراغ حكومي. وأفادت مصادر ديبلوماسية عربية أن بعض الاتصالات العربية يهدف الى معالجة تداعيات الخلاف بين عدد من الدول العربية من جهة والقيادة السورية من جهة أخرى، حول لبنان، منعاً لانعكاس هذا الخلاف على انعقاد القمة العربية في دمشق الشهر المقبل.