تعتبر شبه جزيرة مسندم من بين أصغر مناطق سلطنة عمان من حيث المساحة، وتقع في أقصى شمال البلاد وتغطي ما يقارب 3000 كم من المساحة الاجمالية للسلطنة، ويفصلها عن بقية المناطق شريط من أراضي دولة الامارات العربية المتحدة. ويمثل موقع مسندم على مضيق هرمز أهمية استراتيجية كونه يقع على رأس أحد أهم خطوط الملاحة البحرية في العالم. يبلغ عدد سكان محافظة مسندم حوالي 30 ألف نسمة، يقطن معظمهم في العاصمة الادارية للمحافظة خصب. كما يتبع هذه المحافظة بالاضافة الى ولاية خصب كل من بخاء ودباء البيعة ومدحاء حيث تتباين كل من هذه الولايات في تكويناتها الجغرافية ومواقعها الطبيعية المختلفة. ومدحاء هي الولاية الوحيدة بالمحافظة التي تعتمد على نظام الأفلاج في الري. تمتد سلسلة جبال الحجر البالغ طولها حوالي 640 كم من رأس الحد في الجنوب إلى مسندم في الشمال، وتنتهي عند رؤوس الجبال التي تتداخل مع البحر. وتشكل الجبال الجزء الأكبر من محافظة مسندم فيما تعتبر قمة جبل حارم التي يبلغ ارتفاعها 2087 متراً تقريباً أعلى قمة في المحافظة. ويوجد عبر هذه السلسلة طريق منحدر يمتد بشكل متعرج بين الجبال الشاهقة. كما تمتاز هذه المحافظة بشواطئها الصخرية المتداخلة مع البحر لتشكل أخواراً ذات مناظر رائعة الجمال، بينما تجد على ضفاف الوديان المتعرجة قرى صغيرة مأهولة يمكن الوصول إليها عن طريق البحر فقط مثل ليما وبيروت وكمزار. وساهم موقع مسندم الجغرافي وتضاريسها الصعبة في عزلتها عن بقية المناطق حتى تم فيها تشييد الطرق الممهدة والمعبدة التي ساعدت على تسهيل وصول الزائرين اليها. وتزخر مسندم بالعديد من المقومات السياحية لزوارها والمحبين للمغامرة والتخييم في العديد من المواقع الجبلية والشطآن الخلابة. ويؤمن ركوب القوارب والسفن التقليدية متعة لا توصف، فيما يمكن لهواة الغوص في الشواطئ المرجانية الجميلة الاستمتاع بهواياتهم. بالاضافة الى ذلك يوجد هناك عدد من الآثار القديمة والمواقع الأثرية للحضارات القديمة التي قامت في المنطقة وتتمثل في المقابر والرسوم البدائية على الصخور. تعتبر"خصب"المدينة الرئيسية لمحافظة مسندم، وهي تقع في أقصى شمال سلطنة عمان، ويفصل بينها وبين بقية السلطنة الساحل الشرقي لدولة الامارات العربية المتحدة. وتتسم هذه الولاية بطبيعة جميلة كونها تقع وسط مناطق وعرة، وتتجسد آيات الجمال الطبيعي في تلالها العالية التي يتمركز بعضها وسط ممرات بحرية ضيقة. كما تتباهى ولاية خصب بروعة قراها وطرقها المثيرة المؤدية إلى قمم الجبال. وترسم وعورة البراري على ساحل محافظة مسندم والتلال المتمركزة وسط الممرات البحرية صورة طبيعية خلابة غاية في الجمال، وتعتبر من المعالم التي تنفرد بها السلطنة. تبعد المدينة مسافة 500 كيلومتر تقريباً عن مسقط. وان اردت الوصول اليها براً بواسطة السيارة يمكنك اتباع الطريق الساحلي من خلال ساحل الباطنة. وتستغرق الرحلة ست ساعات تقريباً . كما يتخلل تلك الرحلة عبورك الى اراضي دولة الامارات قبل ان تتمكن من وصول خصب. ويترتب على ذلك الحصول على اذن مروري مسبق من شرطة عمان بالاضافة الى تأشيرات عبور لبعض الجنسيات. من ناحية اخرى يمكن الوصول الى خصب جواً من مسقط بواسطة الطيران العماني الذي يخصص أربع رحلات أسبوعية إليها. وتجدر الاشارة الى أن الرحلات الجوية لا تتطلب الحصول على أي تأشيرات. الرحلة بالطائرة من مدينة مسقط الى محافظة مسندم المسماة"نرويج الشرق الأوسط"، نظراً الى كثرة خلجانها البحرية مثلما هي الحال في دولة النرويج شمالي أوروبا، هي رحلة مثيرة ويشاهد ركاب الطائرة من خلالها مناظر جوية مدهشة. وترتفع الجبال في هذه المنطقة الى 2000 متر عن سطح مياه الخليج العربي الذي يحيط بها وتنتشر الجبال بصورة هندسية مرتبة طبيعياً. أضف الى ذلك مزيج الحجارة التي تتكون منها الجبال لتبدو بمنظر في منتهى الروعة. الوقت المثالي لزيارة خصب هو بين تشرين الثاني نوفمبر وآذار مارس. يعتبر الخنجر أكثر الأدوات شهرة عند الرجل العماني. أما الوضع في خصب فيختلف قليلاً، فهناك أداة تفوق حيازة الخناجر شهرة هي"الجرز"، وهي عبارة عن رأس فأس صغيرة الحجم مثبتة في عصا طويلة. وتعتبر أداة فريدة بكل معنى الكلمة، فهي موجودة فقط في خصب، ولن تراها في اي مكان آخر من السلطنة أو في اي بلد آخر من العالم. واشتملت الاستعمالات التقليدية العديدة لأداة الجرز في الماضي على قطع أخشاب الأشجار لاستخدامها في المواقد. كما تستخدم كمقبض عند تسلق الأشجار بالاضافة الى كونها عملية كعصا للمشي ووسيلة للارتكاز في الوثب فوق الأحجار. وكادت حرفة صنع الجرز أن تتلاشى تماماً لولا إقدام وزارة السياحة على احياء هذا التراث عبر تشجيع بعض الحرفيين على صنع الجرز في خصب وذلك لإرضاء محبي جمع التذكارات الراغبين في اقتنائها. كما يمكن رؤية أنواع مختلفة منها في المتحف الذي تم تجهيزه في حصن خصب. توفر المياه الساحلية في خصب بيئة ملائمة لعدد من الطيور البحرية والسلاحف والدلافين ما يجعلها نقطة مهمة في قطاع سياحة الحياة البرية. كما تؤوي البحار هنا مجموعة من الثدييات البحرية منها الدلافين الحدباء والدلافين التقليدية والحيتان، بالاضافة الى عدد كبير من بقر البحر. كما تشكل المنحدرات الصخرية والخلجان المغلقة مصدراً آخر لجذب السياح من محبي مشاهدة الطيور البحرية بأعدادها التي لا تحصى والتي تعشش في المنطقة بالاضافة الى مناطق الشُعب المرجانية كاملة النمو المنتشرة هنا. تعد خصب مكاناً مدهشاً لعشاق مشاهدة الطيور، إذ تعيش فيها أعداد كبيرة من الطيور مثل خطاف البحر والفاقة التي تهاجر من سوقطرة وتزور المنطقة خلال أشهر الصيف وتختار منحدرات معينة تجثم عليها على طول الساحل. أما طيور الرفراف الأورآسيوية فتوجد على شواطئ كثير من الممرات المائية خلال فصل الشتاء. وتعشش طيور السمانة في الربيع في الجزر النائية والمنحدرات الساحلية، فيما تنتشر النسور على غالبية مساحة الشاطئ. كما يمكن مشاهدة الصقور تجوب سماء خصب بين الحين والآخر ولكن بأعداد قليلة. وبالاضافة الى الاقبال عليها لمناظرها الخلابة، فإن السياح المغادرين لمدينة خصب يروجون لها على أنها مكان مثالي لعشاق رياضة الغطس. وتوفر شركات السياحة رحلات الى الجبال ورحلات بحرية على قوارب البوم ورحلات داخل المدينة الى جانب رحلات غطس للمتمرسين في هذه الرياضة خصوصاً في الطرف الشمالي لشبه الجزيرة. ومن الواضح أن الساحل الممتد لولاية خصب يؤهله كي يكون مكاناً سياحياً واعداً في الفترة المقبلة لا سيما في ما يتعلق بسياحة المناظر الطبيعية الخلابة. كما تمتلك خصب جميع المقومات اللازمة للسياحة البيئية نظراً الى ما تتميز به من خلجان واسعة وشعاب مرجانية وحياة برية غنية وسواحل رائعة. يعتبر حصن خصب موقعاً ساحراً يجذب عيني الزائر عند مروره عبر الطريق الساحلي في الجزء القديم من المدينة، فهو يطل على الجانب الشرقي من ولاية خصب. وقد بني على بقايا قلعة موغلة في القدم قبل تعزيز بنائها من قبل البرتغاليين. وطرد الامام ناصر بن مرشد البرتغاليين من المدينة بعد أن عمل على توحيد البلاد خلال فترة إمامته 1624-1649 ، وقام بعده الامام سلطان بن سيف اليغربي بترميم الحصن، فيما أولى سلاطين البوسعيد اهتماماً متزايداً بالحصن واستخدموه كبرج للمراقبة وكمنزل لعائلة الوالي. ويرجع تاريخ الحصن الحالي الى ما يقارب 250 عاماً. وتم ترميمه في عام 1990. وعند دخولك الحصن ستجد عند البوابة الرئيسية ثلاثة مدافع صغيرة موجهة نحو البحر. وقد صنعت أبواب الحصن من خشب الساج الأصلي والجدران مزينة بالسيوف والبنادق القديمة. قامت وزارة السياحة في الربع الأول من عام 2007 بافتتاح مشروع تطوير هذا الحصن، ومن ضمنه تأهيل مبنى الحصن وتأهيل الطاقة الكهربائية وتوصيلاتها واستخدام أجهزة طرد الرطوبة من الصاروج والأرضيات، وتأهيل البرج الأوسط الكبير ليكون متحفاً دائماً يعرض مختلف المشغولات اليدوية والعادات والتقاليد والفنون الشعبية بمحافظة مسندم، وتأهيل المرافق السكنية الموجودة بالحصن وتحويلها الى معرض منزلي مؤثث بكل ما يحتويه المنزل بما في ذلك معرض للباس التقليدي بأنواعه مع الحلي التقليدية. كما اشتمل المشروع على بناء نموذج لبيت القفل داخل فناء الحصن وعرض أنواع القوارب التي تشتهر بها المحافظة، وكذلك بناء نموذج للعريش الكمزاري المعلق والتنور والرحى القديمة وإقامة محل لبيع التحف والهدايا والمشغولات اليدوية.