يبدو أن مشروعات نقل الغاز الجديدة من آسيا الوسطى، من دون المرور عبر روسيا ليست أحسن حالاً، فالخطوط السوفياتية القديمة، لا تزال الأفضل لنقل الغاز من آسيا الوسطى إلى أوروبا. وحافظت خطوط النقل عن طريق أوكرانيا على أهميتها، ولا يتوقع أن تشكل الخطوط الجديدة منافساً لها، في السنوات العشر المقبلة. وتنقل أوكرانيا أكثر من 80 في المئة من الغاز الروسي وغاز آسيا الوسطى إلى أوروبا، وتتكفل خطوط بيلاروسيا بالباقي، ما دفع خبراء إلى توجيه النصح للحكومة الروسية بضرورة التركيز على إيجاد حلول وسط في العلاقات مع جيرانها وتحديث البنية التحتية، أو محاولة امتلاك هذه الشبكات، وهو ما بدأت به"غازبروم"عملياً مع بيلاروسيا، إذ تملكت السنة الماضية 51 في المئة من"بيلترانسغاز"المحتكرة لنقل الغاز فيها. وتسعى"غازبروم"إلى الحصول على حصة في شبكة أوكرانيا الداخلية لنقل الغاز، على رغم اتجاه النخب السياسية الأوكرانية المعارضة عموماً الى روسيا. وبعيداً من النصائح والمخططات، أثمرت ديبلوماسية الطاقة الروسية، في السنتين الأخيرتين، توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم عززت مواقعها في الصراع على نقل الغاز من قزوين. فالاتفاقات الخاصة بإطلاق مشروع السيل الجنوبي ساوث ستريم، وقعت في زمن قياسي، ويبلغ طوله 900 كيلومتر، وينتظر أن ينقل 30 بليون متر مكعب من الغاز سنوياً، ولم تتحد مخططاته للآن. ويتوقع أن يمر عبر 8 دول في جنوب أوروبا لإيصال الغاز إلى إيطاليا، وتأمل"غازبروم"في إنهاء المشروع في 2013. وفي حال نجاح روسيا في إطلاق المشروع، تتضاءل آمال الاتحاد الأوروبي في تسويق مشروع"نابوكو"المنافس. الخط الألماني متعثر في قعر البلطيق وفي الشمال، مع تعزيز العلاقات مع ألمانيا ودخول شركاتها في استغلال حقول الغاز في"يامال"غربي سيبيريا، بدأ الطرفان العمل على تشغيل مشروع السيل الشمالي نورث ستريم منذ 2005 ، وتأخر إطلاقه أكثر من مرة بسبب معارضة دول البلطيق، والسويد وفنلندا لأسباب تتعلق بالبيئة، إضافة إلى بولندا لأنه يحرمها موارد ترانزيت الغاز عبر أراضيها. وينقل المشروع الغاز من مدينة فيبورغ الروسية إلى"غرايفسفالد"الألمانية، وطوله 1200 كيلومتر، ويمر عبر قاع بحر البلطيق، تصل طاقة الأنبوب الأول إلى 27.5 بليون متر مكعب من الغاز، وتخطط روسيا لإنهاء العمل في بنائه عام 2010، كما تنوي رفع طاقته إلى 55 بليون متر مكعب، ببناء خط آخر يؤمل أن ينتهي في2012. ودفعت روسيا بثقل المستشار الألماني السابق غيرهارد شرويدر من أجل نجاح المشروع، إذ وافق الأخير على ترؤس مجلس إدارة الشركة المشغلة له، بعد تنحيه عن قيادة ألمانيا. ومنحت كلاً من"إيون"، وپ"وينترشال"الألمانيتين20 في المئة وتملك"غازوني" الهولندية 9 في المئة، وحافظت غازبروم على51 في المئة. وعلى رغم انخفاض الطلب على النفط وتراجع دخل روسيا جراء هبوط أسعار النفط العالمية، يستبعد خبراء أن يتراجع الكرملين عن أحلام التحول إلى"دولة عظمى"في مجال الطاقة، ويؤكدون أن بوتين ماض في مشروعه المحبب، وسيقدم الدعم اللازم لمساعدة شركات النفط في ظل انخفاض أسعاره، ولن ينسى أنها قدمت 1.3 ترليون دولار في سنوات حكمه الثماني، ويجمع الخبراء على أن روسيا ستواصل سعيها إلى توطيد علاقاتها مع"أوبك"وكبار المنتجين، في مجال الغاز الطبيعي وربما التوصل إلى صيغة"أوبك غاز"في اجتماع منتدى الدول المصدرة للغاز قريباً في موسكو. نشر في العدد: 16704 ت.م: 28-12-2008 ص: 22 ط: الرياض