أعلنت شركة الغاز الروسية العملاقة «غازبروم» أن أعمال الإنشاء في خط أنابيب «نورد ستريم» المثير للجدل بدأت تحت الماء في مشروع يرمي إلى جر الغاز الروسي إلى أوروبا تحت بحر البلطيق. وأفادت الشركة بأن أول أنبوب في خط الأنابيب أُنزل تحت الماء، وأن حفلة ستُقام في وقت لاحق أمس للإعلان رسمياً عن بدء العمل بالمشروع الذي يربط بين روسياوألمانيا. وكان يُتوقع أن يحضر الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف وقادة أوروبيون آخرون الحفلة التي ستقام بالقرب من فايبورغ الساحلية القريبة من الحدود مع فنلندا لإطلاق العمل بالمشروع العملاق، وفقاً للموقع الإلكتروني ل «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي). يذكر أن خط الأنابيب الجديد لن يمر عبر أوكرانيا التي نشب خلاف بينها وبين موسكو العام الماضي حول أسعار الغاز ما أدَّى إلى قطع إمدادات الغاز الروسي عن أوروبا الغربية. لكن بولندا ودول البلطيق التي لن يمر الخط الجديد عبر أراضيها أيضاً، عبَّرت عن قلقها من أن يعطي المشروع الجديد روسيا قوة إضافية تمكنها من الضغط عليها في المستقبل. يُذكر أن «غازبروم» تملك 51 في المئة من «نورد ستريم» الذي سيمتد من ميناء فايبورغ الروسي إلى غريفسوالد في ألمانيا، مروراً بالمياه الإقليمية الفنلندية والسويدية. كما أن كلاً من شركتي «باسف - وينترشال» و «إي أون روهرغاز» الألمانيتين يملك 20 في المئة من المشروع، بينما تذهب ملكية التسعة في المئة الباقية إلى شركة «غازوني» الهولندية. وكان الضوء الأخضر أُعطي للمضي قدماً في المشروع خلال شباط (فبراير) الماضي وسط مخاوف من أن خط الغاز الجديد قد يلحق ضرراً بيئياً ببحر البلطيق. كذلك حصل المشروع الشهر الماضي على تمويل مقداره 5.4 بليون دولار لتغطية تكلفة المرحلة الأولى منه فقط. وقال العضو المنتدب لشركة «نورد ستريم أي جي» بول كوركوران: «سيغطي تمويل الديون 70 في المئة من تكلفة المشروع، بينما يتكفل المساهمون بتغطية ال 30 في المئة الباقية من التكاليف». وأشار أليكسي بولغاكوف من مصرف «ترويكا دايالوج» للاستثمار إلى «أن غازبروم وشركاءها استطاعت الحصول على تمويل للمشروع بأسعار فائدة منخفضة إلى حد ما». وتُقدَّر التكلفة الإجمالية للمشروع، الذي سينتهي العمل فيه عام 2012، ب 7.4 بليون يورو (10 بلايين دولار). وتأمل روسيا أن تضخ عبر خط أنابيب الغاز الجديد نحو 55 بليون متر مكعب من الغاز سنوياً إلى دول الاتحاد الأوروبي. وتمدّ روسيا أوروبا بنحو 30 في المئة من الغاز الذي تستخدمه القارة حالياً. وتبدي دول أوروبية كثيرة حرصاً على إيجاد بديل آمن لإمداداتها من الغاز الروسي. ويمر خط أنابيب الغاز الروسي الحالي إلى أوروبا عبر كل من أوكرانيا وبيلاروسيا ومولدوفيا. وبالإضافة إلى «نورد ستريم»، تخطط روسيا أيضاً لإنشاء خط أنابيب آخر، هو «ساوث ستريم» الذي سيربط بين روسيا وبلغاريا ويمر تحت البحر الأسود. ويقول مؤيدو المشروع إنه سيؤمِّن إيصال إمدادات الغاز من روسيا إلى أوروبا، تلك الإمدادات التي قُطعت في السابق أو تعرضت للتهديد جرَّاء الخلافات المالية والسياسية التي نشبت بين موسكو وجيرانها. لكن أنصار البيئة يجادلون بالقول إن من شأن إنشاء خط أنابيب جديد أن يؤدي إلى تحريك المواد السامة المتراكمة في قاع بحر البلطيق الذي يُعدُّ من أكثر البحار تلوثاً في العالم. وكانت بولندا رفضت لفترة طويلة إعطاء موافقتها على بدء العمل بالمشروع، لكنها وافقت أخيراً في شباط الماضي بشرط ألاَّ ترسو السفن، التي تُستخدم في وضع الأنابيب تحت الماء، داخل المياه الإقليمية في المنطقة الاقتصادية البولندية. وكانت العقبة الأخيرة قد أُزيلت من أمام المشروع عندما طمأن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قادة دول البلطيق بأن المشروع آمن، «إذ أن دراسات مكثفة قد أُجريت في شأن أي أثر بيئي محتمل لإنشاء خط الأنابيب». وكانت كل من تركيا ورومانيا وبلغاريا والنمسا وهنغاريا وقَّعت خلال تموز (يوليو) المنصرم اتفاقاً لإنشاء خط أنابيب «نابوكو» للغاز الطبيعي الذي كان جرى التخطيط له منذ وقت طويل، وسيبلغ طوله 3300 كيلو متر. ويُتوقع أن ينقل خط «نابوكو» 31 بليون متر مكعب من الغاز سنوياً من منطقتي بحر قزوين والشرق الأوسط إلى أوروبا، مروراً بتركيا.