قرر الاتحاد الأوروبي أخيراً رفع مستوى التعاون مع اسرائيل، واعتبرها شريكاً مقرباً له الحق في حضور الاجتماعات والمشاركة في النقاش، والاستفادة من سياسات الاتحاد بصورة أفضل مما كان الأمر عليه. يأتي هذا القرار في الوقت الذي لم تقدم فيه اسرائيل أي شيء ملموس وحقيقي للسلطة الفلسطينية في رام الله في ما يتعلق بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، والذي تحاصر فيه غزة وتمنع عن أهلها الطعام والعلاج، وفي وقت يردد الاتحاد الأوروبي باستمرار اهتمامه بمسألة السلام، ويعبر عن حرصه على ضرورة التقدم في العملية التفاوضية، لكن قراره الأخير يؤكد مجدداً أكاذيبه. لم أكن يوماً من المؤمنين بأن الاتحاد الأوروبي، مجتمعة دوله أو منفردة، سيكون ركناً أساسياً في إحلال سلام يعيد للشعب الفلسطيني شيئاً من حقوقه الوطنية، لأن الدول الأوروبية هي التي تآمرت على الشعب الفلسطيني وعملت على تشريده وإحلال اليهود الصهاينة مكانه. ربما يقدم الاتحاد الأوروبي مساعدات إنسانية، وهو يقدم بالفعل، لكنه، من الناحية الجدلية، لا يمكن أن يقف مع شعب عملت دوله، بخاصة فرنسا وبريطانيا، على تمزيقه وتشريده، وإلغائه. هذه الدول الأوروبية التي مزقت أرض الشام وحولتها الى إقطاعيات ضعيفة متنافرة، وحولت فلسطين الى اسرائيل، لا يمكن أن تكون يوماً إلا مع اسرائيل ضد العرب وضد الشعب الفلسطيني. يقدم الأوروبيون للشعب الفلسطيني أحياناً مساعدات مالية وغذائية، ويدعمون منظمات غير حكومية توظف العديد من الفلسطينيين، لكنهم يقومون بذلك لسببين: أولهما للتأكيد على أنهم إنسانيون يراعون ظروف الجوعى والمساكين وأبناء السبيل، والثاني من أجل شراء المواقف السياسية المتمثلة بالتنازل عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. انهم يستعملون الأموال لابتزاز المواقف السياسية بنعومة، وتحت شعارات الواقعية وفن الممكن. وأكبر دليل على ذلك أنهم تخلوا عن الديموقراطية بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية، وكانوا على رأس المحاصرين للشعب الفلسطيني من أجل إسقاط حكومة حماس. عبدالستار قاسم - بريد الكتروني