بدا الارتباك واضحاً في الوسط السياسي السنّي أمس، بعد اعلان زعيم"جبهة الحوار"، أحد مكونات"جبهة التوافق"الانسحاب منها، والمطالبة بحلها على خلفية إسهام"الحزب الاسلامي"في ممارسة ضغوط لإجبار رئيس البرلمان محمود المشهداني على الاستقالة من منصبه. على صعيد آخر، أبلغ رئيس الوزراء نوري المالكي، خلال زيارته، أنقرة نظيره التركي رجب طيب أردوغان والرئيس عبدالله غل خطة لتصفية حزب"العمال الكردستاني"في شمال العراق، وسيبحث الخطة ذاتها مع المسؤولين الإيرانيين في طهران. وعلى رغم أن"التوافق"السنية فازت في انتخابات عام 2005 ب44 مقعداً في البرلمان، إلا أن عدداً من أعضائها انسحب لاحقاً لتشكيل"الجبهة العربية"، ليبقى لديها 38 نائباً، وبات العدد مرشحاً للهبوط الى حوالي 30 نائباً، بعد اعلان زعيم"جبهة الحوار الوطني"خلف العليان الانسحاب منها مع عدد من المستقلين. وحمّل العليان خلال مؤتمر صحافي أمس"الحزب الاسلامي"مسؤولية"فشل الجبهة في أداء رسالتها"، واتهمه ب"التفرد بالقرارات والشروع في مؤامرات مشبوهة". وجاء حديثه على خلفية اشتراك الحزب الاسلامي الذي لديه 25 نائباً في الضغوط على رئيس مجلس النواب عضو"جبهة الحوار"محمود المشهداني للاستقالة من منصبه. وأكد أيضاً أن الحزب اجتمع مع أطراف ضغطت لمعاقبة المشهداني على موقفه الداعم لتجمع"22 تموز"أو"التجمع التنسيقي". ويضم هذان التجمعان كتل"العراقية"و"الصدر"و"الفضيلة"و"الحوار الوطني"و"جبهة الحوار"ومستقلين في"الائتلاف"الشيعي، تمكنوا جميعاً من تمرير الفقرة 24 من قانون الانتخابات الخاصة بفرض تقاسم السلطة في كركوك خارج مفهوم توافقات قادة الكتل السياسية. من جهته، أعلن المشهداني الذي قدم، إضافة الى الاستقالة، طلباً بالإحالة على التقاعد، أنه في صدد تأسيس حزب خاص به لخوض الانتخابات، ورشح لخلافته في منصب رئاسة البرلمان رئيس كتلة الصدر الحالي عقيل عبدالحسين. وقال رئيس البرلمان المستقيل محمود المشهداني:"أغادر البرلمان العراقي وسأعود اليه بعد تسعة شهور"، مشيراً الى أن"الشعب سيختار القائد الحقيقي له". وكشف محاولة كتلة برلمانية لم يسمها"اسقاط حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي"، مشيراً الى أن"هناك كتلة تتآمر وتريد اسقاط الحكومة وسنذهب الى المجهول إذا تحقق ذلك". وأكد أن"رئيس الوزراء نوري المالكي يقود مرحلة من أصعب المراحل وكادت قضية كركوك أن تعصف به غير أن تكاتفنا بالتوافق الوطني معه مكّنه من المضي قدماً في كسر طوق الطائفية وبناء دولة المؤسسات". وعلى رغم أن مصادر نقلت عن المشهداني اشتراطه أن يكون بديله من"جبهة التوافق"السنية، إلا أن تصريحه ومطالبة العليان بحل"جبهة التوافق"يشيران الى أن قضية اختيار رئيس البرلمان ستتعرض لسجالات سياسية واسعة خلال الاسابيع المقبلة. وتؤكد مصادر"الحياة"أن هناك تفاهماً سياسياً بين الحزبين الكرديين و"المجلس الاسلامي الاعلى"و"حزب الدعوة"و"الاسلامي"على تعيين النائب اياد السامرائي رئيساً للبرلمان، لكن"جبهة الحوار"التي تقع رئاسة البرلمان ضمن حصتها في نطاق المحاصصة الداخلية بين أحزاب الجبهة رفضت الاقتراح. وكشفت مصادر برلمانية أمس أن ظافر العاني مؤتمر أهل العراق واياد السامرائي واسامة التكريتي الاسلامي واسامة النجيفي العراقية وصالح المطلك الحوار أبرز المرشحين لخلافة المشهداني، وأن العليان يدعم المرشحين الأخيرين. وأعلنت"جبهة التوافق"رداً على العليان"أن من حق أي عضو الانسحاب من الجبهة، لكن ذلك لا يعطيه الحق بحلها". وأكد النائب عن التوافق علاء مكي ل"الحياة"أن"الجبهة لن تفصح عن أسماء مرشحيها لرئاسة البرلمان إلا بعد الاتفاق النهائي على أحد المرشحين". وقال النائب عن"الائتلاف"الشيعي جلال الدين الصغير ل"الحياة"إن"الائتلاف لم يحدد دعم أي بديل لكنه يريد شخصية تستطيع قيادة البرلمان وتقف على مسافة واحدة من كل الكتل السياسية". وأضاف أن"منصب رئيس البرلمان هو للمكون السني وليس لجبهة التوافق حصراً، ويمكن ان تشغله اي شخصية سنية تحظى بالإجماع الوطني". من جهته، أكد الناطق باسم"التحالف الكردستاني"النائب فرياد راوندوزي ل"الحياة"أن"التحالف لن يتدخل في اختيار التوافق لمرشحها". على صعيد آخر، أكد غل خلال اجتماعه مع المالكي أنه سيزور العراق الشهر المقبل، وكان اضطر لتأجيل زيارة الأسبوع الماضي لأسباب صحية. وقال المالكي إنه في أنقرة للبحث في العلاقات الثنائية بين البلدين والملف الأمني ومستقبل العراق بعد توقيع الاتفاق مع واشنطن، وتفعيل اتفاق آخر مع أنقرة وقع في تموز يوليو الماضي. وأبلغ المالكي نظيره التركي رجب طيب اردوغان تبلور خطة متكاملة لدفع حزب"العمال الكردستاني"إلى التخلي عن السلاح أو مغادرة شمال العراق، وتقضي الخطة بأن تسمح تركيا لمقاتلي الحزب من الكوادر الشابة بالعودة إلى أراضيها، وعدم التعرض للملاحقة، واصدار عفو جزئي أو غض النظر عمن يسلم نفسه واطلاقه فوراً، وبقاء 152 قيادياً مطلوبين للسلطات التركية في شمال العراق او ترحيلهم إلى دولة اوروبية. ويفترض أن يبحث المالكي الموضوع ذاته مع المسؤولين الايرانيين خلال زيارته المرتقبة لطهران، خصوصاً أن قسماً مهماً من حزب"العمال الكردستاني"انضم الى تنظيم"بيجاك"الذي يعمل في ايران.