أكدت تقارير صحافية إسرائيلية أمس أن "المطبخ السياسي" المتشكل من رئيس الحكومة ايهود اولمرت ووزير الدفاع ايهود باراك ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني اتخذ الخميس الماضي قراراً بتصعيد العمليات العسكرية ضد القطاع"بشكل تدرجي"، وأن يتم تحديد طابع العمليات العسكرية ومكانها وموعدها"وفقاً لاعتبارات عملانية وتكتيكية وليس لاعتبارات انتخابية"، على أن يفاجئ الرد بقوته حركة"حماس". مع ذلك، قرر"المطبخ"الاحتفاظ بإمكان التوصل إلى تفاهمات في شأن استئناف التهدئة. وذكرت تقارير أخرى أن باراك ترأس جلسة مشاورات في مكتبه لفحص إمكان استخدام المدفعية لقصف مواقع إطلاق القذائف الصاروخية في القطاع، كتصعيد للرد الإسرائيلي. وانتقد في جلسة لحزب"العمل"أمس"الثرثرة الزائدة"للسياسيين التي تشوش تحضيرات الجيش ومن شأنها أن تمس بنجاعة العملية، وهو تصريح فهم منه الحضور أنه يهيئ الأرضية لعملية عسكرية. وغمز من قناة الوزراء وأركان في المعارضة الذين يطالبون بشن عملية واسعة لإسقاط حكم"حماس"، وقال إن هذه"الفلسفات الشعبوية المتكررة تأتي من أناس لم يروا حروباً في حياتهم، وعندما قادتهم الظروف لاتخاذ قرارات تتعلق بالحياة والموت والحرب والسلام، رأينا منهم سلوكاً مستباحاً وطيشاً ما زلنا حتى اليوم نداوي نتائجهما". من جهته، قال رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غابي أشكنازي أمس إن إسرائيل لن تسلّم بواقع"تطلق فيه منظمات الإرهاب النار على إسرائيل متى تشاء"، معتبراً"حماس"العنوان بالنسبة لإسرائيل ويجب معالجته، مضيفاً ان الجيش يدرك الواقع المعقد"لكننا نعرف ما يجب فعله". وأوضح أن سلامة الجندي الأسير في قطاع غزة غلعاد شاليت هي"إحدى الاعتبارات الرئيسة التي نأخذها في حساباتنا عندما نقرر القيام بعملية عسكرية واسعة في القطاع، لكنه ليس الاعتبار الوحيد. نحن أيضاً مسؤولون عن سلامة آلاف المواطنين غرب النقب بمحاذاة القطاع". وتهرّب أشكنازي في حديثه للإذاعة العسكرية من الإجابة على السؤال هل تعتزم إسرائيل شن عملية كبيرة بداعي أنه"ليس من الصواب الخوض علناً في خطط عملياتية"، مضيفا:"طرحنا على المستوى كل الخيارات الممكنة، ونحن مستعدون لتنفيذ الأوامر". ويبدو أن قرارات"المطبخ السياسي"وتصريحات أشكنازي تقف وراء شروع إسرائيل في حملة إعلامية دولية لحشد التأييد لتصعيد عسكري تخطط له، إذ وجهت رسائل إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس مجلس الأمن أبلغتهما فيها تصميم الدولة العبرية على الرد على إطلاق الصواريخ الفلسطينية، مهددة أنها"لن تتردد في القيام بكل ما يلزم لتأمين حماية سكانها الذين يتعرضون لإطلاق صواريخ. واجرت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني حديثا هاتفياً مع نظيرها المصري أحمد أبو الغيط لتؤكد له ان"إسرائيل لن تبقى لامبالية حيال تواصل إطلاق النار على مواطنيها". وأكدت مصادر في وزارة الخارجية أن ليفني تعتزم قريباً دعوة السفراء المعتمدين لدى اسرائيل لشرح موقف الدولة العبرية، فضلاً عن اتصالات ستجريها مع عدد من نظرائها في أرجاء العالم. كما أصدرت ليفني توجيهاتها إلى السفراء الإسرائيليين في دول العالم، خصوصاً الدول الأعضاء في مجلس الأمن ودول اوروبا، بالشروع فوراً بنشاط ديبلوماسي وإعلامي لتبرير مسبق لأي تصعيد عسكري قد تقوم به، والتأكيد بأن"حماس"هي من خرقت التهدئة وأنها المسؤولة عن الوضع في القطاع. في غضون ذلك، نقلت"معاريف"عن جهات أمنية إسرائيلية رفيعة قولها إن"حماس"تلمس الضعف السياسي في إسرائيل والشلل الذي يعتري القيادتين العسكرية والسياسية وتستغلهما لمصلحتها. وأضافت أن حال عدم اليقين السياسي الداخلي في إسرائيل"تشجع الحركة على شد الحبل لقناعتها بأن إسرائيل ستمتنع عن اتخاذ قرارات مصيرية"عشية الانتخابات العامة فيها. إلا أن مصادر سياسية وعسكرية أبلغت الصحيفة أنه لا يمكن لإسرائيل التسليم بالوضع الراهن، وأنها سترد بعنف على مواصلة سقوط القذائف الفلسطينية. وزادت الصحيفة أن المشاورات الأمنية الأخيرة في إسرائيل أوضحت أن ليس لدى الجيش حل لوقف تام لسقوط صواريخ"القسام"وأن"الوضع مماثل لما كان خلال الحرب الثانية على لبنان عندما تواصل إطلاق الصواريخ على إسرائيل حتى اليوم الأخير". وتابعت أن لدى"حماس"مخزونا هائلاً من"القسام"وصواريخ مزودة بمواد تفجيرية تمكنها من إمطار إسرائيل بالعشرات من الصواريخ يومياً لفترة طويلة. وزادت أن الحركة لن تتردد في استخدام صواريخ تصل مداها 40 كيلومترا تطاول كل جنوب إسرائيل. وكتبت"معاريف""أن أوساطاً رفيعة تتفق في الرأي بأنه، خلافاً لموقف الجيش، يفضل تصعيد عسكري على"حماس"وقيادييها من دون كسر الأواني والتوغل في غزة". وترى هذه الأوساط ان إمكان إسقاط حكم"حماس"وارد في عملية واسعة وإعادة احتلال غزة والبقاء لفترة طويلة،"لكن لا احد في إسرائيل مستعد لمغامرة كهذه".