كشفت مصادر فلسطينية ل"الحياة"في غزة أن فصائل المقاومة الفلسطينية رفضت عرضاً بتمديد التهدئة من جانبها لمدة ستة شهور، فيما لم يتبق سوى يوم واحد على انتهاء أمدها غداً الجمعة. وشددت حركة"حماس"أمس على أنها"ليست مع تجديد اتفاق التهدئة"، فيما أطلقت فصائل أكثر من 15 صاروخاً من غزة، وردت إسرائيل بشن غارات جوية على القطاع. وقالت المصادر إن الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر قدم إلى رئيس المكتب السياسي ل"حماس"خالد مشعل عرضاً بتمديد التهدئة لمدة ستة شهور من جانب واحد خلال الاجتماع الذي عقده الرجلان في العاصمة السورية دمشق مساء الأحد الماضي. وأضافت أن مشعل نقل العرض إلى قادة الفصائل في دمشق والذين رفضوه، وقالوا إن أمد اتفاق التهدئة الذي تم التوصل إليه قبل ستة شهور برعاية مصرية ينتهي غداً،"خصوصاً أن إسرائيل لم تلتزمها وخرقتها نحو 200 مرة". ومع انتهاء أجل التهدئة، عقدت الفصائل المسلحة الرئيسة في غزة، وهي"حماس"و"الجهاد الاسلامي"و"الجبهة الشعبية"و"الجبهة الديموقراطية"، اجتماعاً ليل الثلثاء - الأربعاء للبحث في ملف التهدئة وشروطها واستحقاقاتها. وغابت حركة"فتح"بالطبع عن الاجتماع كعادتها منذ سيطرت"حماس"على القطاع قبل عام ونصف العام، إذ لا تشارك الحركة الإسلامية التي هزمتها، أي اجتماع. واتفق قادة الفصائل الأربعة الذين شاركوا في الاجتماع على أن"التهدئة تعتبر منتهية في 19 الشهر الجاري". وحمّلوا إسرائيل"مسؤولية عدم تنفيذ شروط التهدئة واستحقاقاتها المتمثلة في وقف العدوان العسكري، وفتح المعابر التجارية، فضلاً عن أن معبر رفح الحدودي ظل مغلقاً أيضاً". واتفقوا على"تشكيل لجنة عليا للتنسيق الميداني بين الأجنحة المسلحة للفصائل"، وضم بقية الفصائل المسلحة، بما فيها التابعة لحركة"فتح". وجاء ذلك في وقت توقفت المساعي المصرية للتوسط في ملف التهدئة، رغم زيارة رئيس الهيئة الأمنية السياسية في وزارة الدفاع الاسرائيلية عاموس غلعاد القاهرة مطلع الأسبوع، للبحث في الملف مع رئيس الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان. في غضون ذلك، قالت"كتائب القسام"، الذراع العسكرية ل"حماس"، إنها"لا تهرول في اتجاه التهدئة"مع إسرائيل. وأشار الناطق باسم كتائب القسام"أبو عبيدة"في تصريح صحافي أمس إلى أنها"ترى التهدئة في شكلها الحالي غير مرشحة للتقدم والتمديد"، متهماً مصر بأنها"عجزت عن التنفيذ والمراقبة والضغط في اتجاه تحقيق شروط التهدئة". وذهب في الاتجاه نفسه الناطق باسم"حماس"فوزي برهوم الذي قال إن غداً"الجمعة هو اليوم الأخير للتهدئة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال". وجدد موقف الحركة أنه"لا مجال لتمديد التهدئة بعد الجمعة". وأكد أن"لقاءات ستعقد خلال أيام بين الفصائل لإعلان موقفها النهائي من التهدئة"، مشيراً الى أن"الوجهة العامة ضد تمديدها بسبب تنصل الاحتلال من استحقاقاتها وعدم تلبيته شروطها". وقال الناطق باسم"حماس"سامي أبو زهرى ل"الحياة"إن حركته"ليست مع تجديد اتفاق التهدئة"، لافتاً إلى أنه سيتم إعلان موقف الحركة رسمياً بعد إنهاء سلسلة الاجتماعات والمشاورات مع القوى والفصائل الفلسطينية من الداخل والخارج"للخروج بموقف عام يعكس إرادة الجميع". وأضاف أن"التجربة لا تشجع على تكرار هذا الاتفاق في ظل عدم التزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي ببنود التهدئة التي تتضمن وقف العدوان ورفع الحصار وتشغيل المعابر". ولفت إلى أن"تلويح إسرائيل بتهديدات تتضمن إشارات بتصعيد عملياتها نوعياً واستهداف قيادات في الحركة لن يكون له تأثير على موقفنا". من جهته، اعتبر القيادي في"الجهاد الإسلامي"الشيخ نافذ عزام أن"التهدئة لم تكن في مصلحة الشعب الفلسطيني وإنما لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي". وشدد عضو اللجنة المركزية في"الجبهة الشعبية"كايد الغول على أن"الجمعة هو نهاية التهدئة التي انتهت في منتصف الطريق في ضوء سلوك إسرائيل التي زادت من عدوانها وحصارها على الشعب الفلسطيني". ودعا إلى"الاستعداد للمواجهة المقبلة وتشكيل جبهة مقاومة موحدة كي تستطيع القوى صد أي اعتداء أو هجوم يشنه الاحتلال على الشعب الفلسطيني". وقال:"ربما نشهد اعتداءات وتصعيداً في بعض العمليات الإسرائيلية، خصوصاً في عمليات الاغتيال ضد قادة المقاومة". بدوره، اعتبر عضو المكتب السياسي ل"الجبهة الديموقراطية"صالح زيدان أن"التهدئة ستكون بعد الجمعة غير قائمة بفعل عدم التزام إسرائيل باستحقاقاتها المطلوبة التي تخدم الشعب الفلسطيني"، محمّلاً إسرائيل المسؤولية الكاملة عن انتهاء التهدئة. ونقلت وكالة"فرانس برس"عن ناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن 15 صاروخاً أطلقت من قطاع غزة على جنوب إسرائيل من دون أن تسفر عن ضحايا. لكن مصادر أكدت وقوع مصابين اثنين في سديروت حيث سقط صاروخ في مركز المدينة قرب متجر كبير وأصاب ثلاث سيارات بأضرار. وأعلنت"سرايا القدس"، الجناح العسكري ل"الجهاد الإسلامي"مسؤوليتها عن"قصف التجمع الاستيطاني أشكول"بخمسة صواريخ من طراز"قدس". وأكدت أن هذا القصف"يأتي في إطار الرد الأولي على جريمة اغتيال أحد قادة سرايا القدس في جنين الشهيد جهاد نواهضة ورداً على العدوان الصهيوني بحق أبناء شعبنا في الضفة المحتلة وقطاع غزة، وتأكيداً على استمرار خيار الجهاد والمقاومة". وقالت"ألوية الناصر صلاح الدين"، الجناح العسكري ل"لجان المقاومة الشعبية"، إن"مجموعة مجاهدة تمكنت من قصف موقع زيكيم العسكري الصهيوني المحاذي لشمال قطاع غزة بصاروخين من طراز ناصر 3... رداً على اغتيال الشهيد جهاد نواهضة وعلى العدوان الصهيوني المتواصل على أبناء شعبنا في قطاع غزةوالضفة الغربية وتمسكاً منا بطريق الجهاد". وقتل نواهضة برصاص قوة من"المستعربين"، وهم عسكريون إسرائيليون متنكرون بزي عربي، أطلقت النار عليه في بلدة اليامون في قضاء جنين في شمال الضفة الغربية فجر الثلثاء. وكان الطيران الحربي الإسرائيلي شن أول من أمس غارتين على شمال غزة بعد إطلاق سلسلة صواريخ. نشر في العدد: 16694 ت.م: 18-12-2008 ص: 9 ط: الرياض