نجحت مصر مرة أخرى خلال أقل من أسبوع في تثبيت التهدئة في قطاع غزة بعدما التزمتها فصائل المقاومة الفلسطينية، باستثناء «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين». وتوقّف إطلاق الصواريخ على بلدات ومواقع عسكرية إسرائيلية باستثناء صاروخين سقطا في مدينة المجدل عسقلان (أشكلون) جنوب إسرائيل، وأعلنت «كتائب أبو علي مصطفى»، الجناح العسكري ل «الشعبية» مسؤوليتها عن إطلاق احدهما من طراز «صمود» تأكيداً لرفضها التهدئة. وقالت مصادر دولية ل «الحياة» إن «مصر لعبت الدور الأكبر في تثبيت التهدئة هذه المرة»، مشيرة إلى أن مكتب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة «أجرى اتصالات مع حكومة حماس في غزة لتثبيتها حفاظاً على أرواح المدنيين». ودخلت التهدئة الجديدة حيز التنفيذ عند الواحدة من فجر أمس بعد يومين داميين خرقت فيهما إسرائيل التهدئة وقتلت 11 فلسطينياً وجرحت نحو 40 آخرين، بعضهم في حال الخطر، فيما ردت الفصائل، خصوصاً حركة «الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية» بإطلاق الصواريخ. وقالت مصادر فلسطينية ل «الحياة» إن «مسؤولين مصريين أجروا اتصالات مكثّفة من أجل تثبيت التهدئة ووقف إطلاق الصواريخ في مقابل وقف إسرائيل عمليات الاغتيالات» التي طاولت خلال اليومين الماضيين ناشطين من «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد». وقالت مصادر أخرى إن الرئيس محمود عباس دخل على الخط وتحدث هاتفياً مع الأمين العام للحركة رمضان شلّح وحضه على العودة إلى أجواء التهدئة الهشة التي كانت سائدة في القطاع خلال السنوات الأخيرة من حكم «حماس» في القطاع. وأكد عضو المكتب السياسي في «الجهاد» الشيخ نافذ عزام دخول التهدئة حيز التنفيذ، لافتاً إلى الدور المصري في تثبيت التهدئة. وقالت الحركة إنها «ستراقب الأوضاع على الأرض»، مشددة على أنها «سترد على أي خرق للتهدئة». لكن «سرايا القدس» قالت إنها لا تبحث عن التهدئة، وتوعّدت بالرد على جرائم الاغتيال. وقال الناطق باسمها «أبو أحمد»: «نحن في حرب مفتوحة مع العدو، وقبلنا التحدي معه وجاهزون لأي عدوان قد يفكر العدو في ارتكابه ضد أبناء شعبنا» في القطاع. وغمز من قناة «حماس» التي لم تشارك ذراعها العسكرية «كتائب القسام» في الرد على الجرائم الإسرائيلية، وأكد أن «سرايا القدس ستدافع عن شعبها حتى لو تركت وحدها في الميدان»، مبدياً استغرابه مما وصفه «دعوات البعض لها لالتزام التهدئة، فيما يواصل الاحتلال عدوانه في شكل يومي»، في إشارة إلى «حماس» التي تسيطر على القطاع منذ 14 حزيران (يونيو) عام 2007. وقال: «لن نصمت ولن نسمع لأحد عندما نُقتل ويذبح أبناؤنا»، مضيفاً أن «من يريد أن يشارك في المقاومة فالساحة مفتوحة، ومن يبحث عن الشعارات فهنيئاً له». وقال الناطق باسم حكومة «حماس» في غزة طاهر النونو في بيان ليل الخميس - الجمعة إن الحكومة «أجرت اتصالات مع مصر والأمم المتحدة لوضعهم في صورة الانتهاكات التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي». وأضاف أن «الحكومة تدعو الفصائل الفلسطينية إلى تفويت الفرصة على الاحتلال، وقطع الطريق عليه في تصدير أزماته على حساب الشعب الفلسطيني»، في إشارة إلى التزام التهدئة. واستنكر جرائم الاغتيال والقتل التي ارتكبتها قوات الاحتلال. واعتبر عضو اللجنة المركزية ل «الشعبية» جميل مزهر في تصريح إلى «الحياة» أن «التصعيد المستمر وعمليات القتل الصهيونية التي طاولت الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ يؤكد صوابية موقف الجبهة من التهدئة» التي وصفها بأنها «سياسة خاطئة يستغلها الاحتلال غطاءً لارتكاب المزيد من الجرائم في حق أبناء الشعب الفلسطيني». وجدد مطلب الجبهة ب «الإسراع في تشكيل غرفة عمليات وجبهة مقاومة موحدة للتصدي للعدوان المتواصل على شعبنا وإدارة تكتيكات المقاومة بعيداً عن أي التزامات مع هذا الكيان المجرم». كما جدد دعوة الجبهة الفصائل والقوى الفلسطينية إلى «وضع آليات محددة لتنفيذ اتفاق المصالحة لإنهاء حال الانقسام وتوحيد الموقف الفلسطيني لمواجهة هذا العدوان المتواصل على شعبنا والتصدي له».