يحدد مشاهدو التلفزيون خياراتهم من الأعمال السينمائية التي تعرضها القنوات الفضائية استناداً إلى خبرات تراكمت لديهم عبر مشاهدات طويلة باتت تسمح لهم بمعرفة نوعية الأفلام التي تقدمها كل قناة فضائية. وأصبح بإمكان المشاهد معرفة تلك القنوات التي تعرض نسخة"نظيفة"من الفيلم، أي تلك التي يمكن أن تعوّضه ولو بالحد الأدنى عن متعته القديمة الغائبة في بعض البلدان العربية، متعة مشاهدة الفيلم في صالات العرض السينمائية. مسألة النسخة"النظيفة"من أي فيلم سينمائي ليست مسألة عابرة أو قليلة الأهمية، فأفلام كثيرة نشاهدها عبر الفضائيات تفتقد شروط الحد الأدنى المقبولة للعرض، والتي تتحوّل المشاهدة بغيابها إلى نوع من العرض الباهت الذي ينتقص من تسلسل أحداث الفيلم ومن فنياته وجمالياته على السوّاء. بعض من أهم وأشهر كلاسيكيات السينما العالمية عرضتها بعض الفضائيات العربية من دون عناية من أي نوع ما جعلها تمر كما لو أنها عروض عادية ليست لها أي خصوصية، أي أنها لم تستطع إقناع المشاهدين من الأجيال الجديدة بأهمية تلك الأفلام وموقعها في خريطة السينما العالمية وتاريخها. مع ذلك نسجّل لبعض القنوات الفضائية العربية، ومنها قناة"ام بي سي"، أنها تميزت دوماً بعرض نسخ نظيفة من الأفلام العالمية وفي صورة جعلتها تقترب كثيراً من المتابعة والاهتمام، ومن تلك الأفلام" د0 جيفاغو"فيلم المخرج دافيد لين وأحد أهم الأفلام التي لعب بطولتها النجم العالمي عمر الشريف. المسألة تبدو أكثر حساسيّة حين يتعلق الأمر ببعض الأفلام العربية القديمة والتي تعتبر من الأفلام المهمة والتي نراها عبر بعض الفضائيات العربية في عروض مهلهلة، يتعرّض خلالها الشريط للانقطاع والبتر وغياب مشاهد كثيرة تجعلنا نعتقد أن عدم عرضه أفضل كثيراً، ناهيك عن ما ينتاب مواضع كثيرة منها من خلل في الصوت وانقطاع الحوارات بين أبطال الفيلم. هي مسألة باتت تتعلّق بالاهتمام الذي تبديه القناة التلفزيونية بفن السينما، وما إذا كانت تترجمه عملياً وعبر إداراتها بتخصيص دائرة متخصصة للسينما تؤمن بالفن السابع فعلاً، وتعرف أهمية حضوره على شاشتها، وإلا فالمسألة لن تعدو أن تكون مجرد ملء ساعات بث شاغرة على ما بين الحالتين من فوارق. نشر في العدد: 16686 ت.م: 10-12-2008 ص: 26 ط: الرياض