سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إقبال قياسي على الانتخابات التاريخية وحماسة استثنائية للأقليات . مخاض "أميركا الجديدة" يذكر بانتخاب كينيدي ، جيل جديد من الناخبين ... ومشاكل في مراكز اقتراع
إقبال قياسي في انتخابات تاريخية. هذا كان عنوان اليوم الانتخابي في الولاياتالمتحدة أمس، مع تدفق خليط من الأقليات وناخبين جدد وشباب الى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة، لاستعادة ما يصفونه ب"الحلم الأميركي"، في ظاهرة لم تعرفها الولاياتالمتحدة منذ انتخاب جون كينيدي في ستينات القرن العشرين. راجع ص 8 و9 أجواء الحماسة في شوارع المدن والبلدات أوحت بأن"أميركا جديدة"في حال مخاض، فيما واصلت المؤشرات إعطاء المرشح الديموقراطي باراك أوباما أفضلية على منافسه الجمهوري جون ماكين. وبعد حملة استمرت 21 شهراً وكانت الأطول في تاريخ البلاد، بدأ المشهد الانتخابي يتجلى منذ منتصف ليل الثلثاء -الأربعاء في أول بلدة تغلق مراكز اقتراعها وهي ديكسفيل نوتش في ولاية نيو هامبشير. هذه البلدة التي تعطي أصواتها تقليدياً للجمهوريين، انتقلت الى الديموقراطيين للمرة الاولى منذ أربعة عقود وأعطت أوباما 16 صوتاً في مقابل خمسة لماكين. ومنذ ساعات الفجر الأولى وبدء الناخبين بالتوافد في الرابعة صباحاً على صناديق الاقتراع السبعة آلاف في الولايات الخمسين، وحتى انتهاء الاقتراع في ولاية ألاسكا في الحادية عشرة ليلاً، رصد المراقبون حماسة للناخبين تعدّ سابقة، وتعكس جهود الحملتين، خصوصاً فريق أوباما لإشراك شريحة جديدة من الناخبين وصلت نسبتها الى 7.3 في المئة ممن يصوتون لأول مرة. كما تعبر الحماسة عن تطلع الأميركيين الى استعادة المبادرة السياسية بعد ثماني سنوات للرئيس جورج بوش في البيت الأبيض، تراجع خلالها موقع الولاياتالمتحدة في العالم، وتدهورت أوضاعها الاقتصادية. طوابير أمام مراكز الاقتراع، امتدت مسافات في ولايات حاسمة مثل فلوريدا وأوهايو وبنسلفانيا، وبمعدل إقبال تجاوز 130 مليون ناخب في كل الولايات في حين كانت التقديرات تشير الى ان عددهم سيزيد قليلاً على مئة مليون. إلا أن المفارقة الأكبر في هذه الدورة، كانت في استنفار الأقليات، مثل اللاتينيين والأفارقة الأميركيين والآسيويين وحتى العرب، ومشاركتهم بنسب مرتفعة في العملية الانتخابية على نحو لا سابق له. وتعكس نسب هؤلاء، التحول الديموغرافي في أميركا 2008، ففي وقت شكل البيض 84 في المئة من الناخبين في الثمانينات، هبطت هذه النسبة الى 69 في المئة، ومع صعود تمثيل الأقليات الى 31 في المئة، وأكثرها من أصول لاتينية 15.1 في المئة ومن ثم أفارقة أميركيين 12.3 في المئة وآسيويين 4 في المئة. ويساعد هذا المؤشر الى حد كبير، أوباما المرشح الأفريقي -الأميركي الأول الى هذا المنصب، إذ تتخطى نسبة تأييده وسط تلك الشرائح ضعف التأييد لماكين. وأورد استطلاع ل"يونيفيجين ? رويترز - زغبي"أمس، ان 78 في المئة من الأميركيين ذوي الأصول اللاتينية، يفضلون أوباما في مقابل 13 في المئة لماكين. وفي انتخابات العام 2004 فاز الرئيس الجمهوري جورج بوش بنحو 40 في المئة من أصواتهم حين هزم المرشح الديموقراطي جون كيري وهو رقم قياسي للجمهوريين. أوباما صوّت برفقة زوجته ميشيل في شيكاغو، وكان عرضة لهجوم اليمين، لاختياره مركز الاقتراع الذي يصوّت فيه زعيم"أمة الاسلام"لويس فرخان والمتطرف اليساري وليام آيرز، وهما يسكنان في حيّين في شيكاغو قريبين من منزل المرشح. واستضاف الديموقراطيون حشداً ناهز مئة الف في مهرجان انتحابي في"غرانت بارك"في مدينة المرشح، لمتابعة النتائج. أما ماكين، فصوّت في كنيسة في فينيكس أريزونا فيما اقترعت نائبته سارة بايلن في ألاسكا، قبل لقائهما في الاحتفال الانتخابي للجمهوريين في فينكس. كما صوّت الزوجان هيلاري وبيل كلينتون في أرياف نيويورك، والتي شهدت نسب إقبال هائلة وبلغت بحسب مراقبين ضعفي المشاركة العام 2004. واستدعت هذه النسب التاريخية، مشاكل انتخابية في ولايات الساحل الشرقي والوسط، أبرزها من النواحي التقنية وعطل في الأجهزة الالكترونية في بعض مناطق ولاية نيو جيرسي، والاستعاضة عنها بالوسائل التقليدية للتصويت ولوائح الشطب الورقية، كما شهد بعض المراكز أخطاء في أسماء الناخبين المسجلين. ورصد المراقبون شكويَين قضائيتين في ولاية فرجينيا، الأولى بعد رفض محكمة فيديرالية تمديد فترة الاقتراع في مناطق فيها أقليات افريقية -أميركية ولاتينية، وسط اتهامات من منظمات مستقلة ب"كبت الأصوات"، كما قدمت حملة ماكين شكوى لإجبار الأقلام في فرجينيا على احتساب أصوات الناخبين في الجيش الأميركي، والمتوقع أن يصل بعضها بعد السابعة ليلاً. وحبس أعضاء الحملتين أنفاسهم بانتظار النتائج والتي ستعرف قبل ليل الأربعاء - الخميس، إذا لم تحدث مشاكل تؤجل إعلانها. ويعوّل الديموقراطيون على فوز مزدوج وواسع النطاق في البيت الأبيض والكونغرس، يمكنهم من اختراق ولايات جمهورية والسيطرة على 60 في المئة من مقاعد مجلس الشيوخ. ولم يستبعد مراقبون وحتى كتاب جمهوريون هكذا سيناريو أمس. ودعا فرد بارنز المعلّق الجمهوري في صحيفة"ويكلي ستاندرد"اليمينة حزبه الى الاستعداد ل"هزيمة نكراء"اليوم، فيما أشارت صحيفة"واشنطن بوست"الى"زلزال ديموقراطي"محتمل في العاصمة الأميركية. وكان رهان ماكين بقي أمس على القاعدة المحافظة وتحقيقه مفاجآت في ولايتي بنسلفانيا وفرجينيا، تمكنه من الصمود في وجه المد الديموقراطي الذي اقترب أكثر من أي وقت مضى من هيمنة اشتراعية وتنفيذية على واشنطن، ومرحلة جديدة لم تعرفها واشنطن منذ فوز جيمي كارتر وسيطرة حزبه على مجلسي الكونغرس العام 1977.