لم تأت "المفاجأة" الانتخابية المتوقعة في السباق الى البيت الأبيض، من شريط لتنظيم"القاعدة"أو اعتداء إرهابي أو أزمة دولية، تعيد إحياء حظوظ المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية جون ماكين في وجه تقدم خصمه الديموقراطي باراك أوباما في الاستطلاعات. راجع ص 10 على العكس، جاءت المفاجأة لغير مصلحة المرشح الجمهوري، في اختيار ديك تشيني نائب الرئيس، إبداء دعمه لماكين قبل ساعات من الانتخابات المقررة غداً، في وقت يسعى الأخير لكسب أصوات المستقلين والمترددين، إلى تأكيد ان رئاسته لن تشكل استمراراً لولاية الرئيس جورج بوش. في المقابل، برزت تسريبات إعلامية مناهضة لأوباما، تضمنت استمراراً للهجمات الشخصية عليه، وطاولت هذه المرة عمته المهاجرة الكينية زيتوني أونيانغو الموجودة في الولاياتالمتحدة بشكل يخالف قوانين الهجرة. هذه الفضيحة لم تشكل ضربة قوية للمرشح الديموقراطي كالتي تعرض لها سلفه جون كيري نتيجة الشريط"التحريضي"لأسامة بن لادن العام 2004، أو كما حصل مع الرئيس السابق جيمي كارتر في ظل خطف الرهائن في السفارة الأميركية في طهران العام 1980، وهي الأزمة التي أخرجت الرئيس الديموقراطي من البيت الأبيض. لم يكن تسريب فضيحة عمة أوباما، كافياً لوقف التقدم الكبير لأوباما في الاستطلاعات على صعيد الولاياتالمتحدة ككل، وهو التقدم الذي يسجل نسباً أقل في ولايات حاسمة، علماً ان موقف تشيني، الوجه الأقل شعبية في الوسط السياسي حالياً قد يفقد ماكين أصواتا كثيرة من الناخبين اللذين لم يحسموا أمرهم بعد ويميلون الى أوباما بسبب تحميلهم إدارة بوش مسؤولية الأزمة المالية التي تهدد بعضهم بخسارة منازله ومدخراته. وقبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع صباح الغد وبعد اختتام كل من أوباما وماكين جولاتهما الختامية على ولايات الغرب كولورادو ونيفادا ونيو مكسيكو والشرق والوسط فلوريدا وبنسيلفانيا وفرجينيا وأوهايو والتي ستحمل مفاتيح الفوز لأي منهما ليل الثلثاء، برز اسم أونيانغو على شبكات الإعلام بعد خبر لوكالة"أسوشيتد برس"يفيد عن أنها عمة المرشح الديموقراطي وموجودة في شكل غير شرعي منذ أربع سنوات في مدينة بوسطن. إلا أن حملة أوباما سارعت الى تأكيد أن المرشح ليس على اتصال مستمر مع قريبته، مشيرة الى انهما تحدثا للمرة الأخيرة العام 2006، وانه ليس مطلعاً على وضعها القانوني. وعلى رغم عدم وجود ارتباط مباشر للخبر بشخص أوباما كما ظهرت في وجه جورج بوش في الأسبوع الأخير من الانتخابات العام 2000، فضيحة اعتقاله ثملاً في الثمانينات من القرن الماضي، أثارت قضية عمة أوباما تحفظات لدى بعض ناخبين عن خلفيته العرقية والعائلية والتي استغلها الجمهوريون لتأكيد أن المرشح الديموقراطي"لا يحمل القيم الأميركية"السائدة. وترددت خلال مهرجانات ماكين الانتخابية في ولايات فلوريدا أمس، هتافات منددة بالمرشح الديموقراطي، مشيرة إليه باسمه الوسطي"حسين"، وشعارات:"نعم لماكين لا لحسين"في وقت يصدق 10 في المئة من الأميركيين ادعاءات أن أوباما مسلم. إلا أن ربط تشيني بماكين كانت قضية أكثر إثارة للديموقراطيين أمس، بعد تبني نائب الرئيس الحالي والذي لا تتعدى شعبيته ال12 في المئة، ترشيح السناتور الجمهوري في خطاب في ولاية وايومينغ أشاد فيه بصفات ماكين"الصلبة والقيادية"وفهمه"للمخاطر التي تحدق بأميركا". وانقضت حملة أوباما على الفرصة التي أتتها على"طبق من فضة"عشية التصويت. وبلهجة ساخرة،"هنأ"أوباما منافسه على هذا الدعم الذي جاءه بعد"تصويته 90 في المئة من المرات في الكونغرس لمصلحة بوش"و"لتأييده المتفاني للحرب على العراق". كما أطلقت حملة المرشح الديموقراطي إعلاناً تصور فيه لقطات من خطاب تشيني، وتقابل موقفه بالدعم الذي تلقاه أوباما من شخصيات أميركية مثل الثري وارن بافت ووزير الخارجية السابق كولن باول. وحافظ الديموقراطيون على تقدمهم في بنسيلفانيا وفلوريدا، إلا أن أي مفاجأة لماكين هناك ستغير في شكل النتائج وقد تضع الجمهوريين فوق حاجز ال270 كلية هيئة انتخابية المطلوبة للفوز. واتجهت هيلاري كلينتون الى ولايتي فرجينيا وكنتاكي لمساعدة أوباما حيث يتقدم في الأولى بنسبة خمسة في المئة ويتراجع في الثانية.