تراجعت معدلات الفقر في المغرب الى 9 في المئة من مجموع السكان، في مقابل 18 في المئة قبل عشر سنوات، مستفيدة من البرنامج الوطني للتنمية البشرية، الذي كان الملك محمد السادس أعلنه عام 2005 لمحاربة التهميش والإقصاء الاجتماعي، وتأمين النشاطات الموفرة للدخل، وتحسين معيشة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وأعلن المنسق العام لبرنامج التنمية البشرية المحافظ عزيز دادس في حديث إلى"الحياة"، أن حصيلة ثلاث سنوات"مكّنت من إنجاز 21 ألف مشروع على امتداد المغرب خصوصاً في العالم القروي والأحياء المهمشة، واستفاد منها 4 ملايين شخص بكلفة بلغت 10 بلايين درهم 1.2 بليون دولار في أكبر معركة محلية ضد الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي"، لافتاً إلى أنها"أموال مغربية بالكامل". واعتبر أن المغرب"تمكّن في السنوات الأخيرة من تحسين أوضاع عشرات الآلاف من العائلات الفقيرة، عبر توفير شروط أفضل في السكن والتعليم والصحة الإنجابية، وزيادة الدخل الفردي وتأمين التجهيزات والبنية التحتية، وفكّ العزلة عن مناطق شاسعة نائية استفادت من مياه الشرب والكهرباء والطرق والخدمات المختلفة". وأشار في ندوة صحافية على هامش جولة لوفد إعلامي لمناطق استفادت من برنامج التنمية البشرية في ضواحي الدار البيضاء، أن المغرب"كسب من تحسن التنمية البشرية التي خفضّت نسبة الفقر إلى 9 في المئة، بعدما كانت تقدر ب 14 في المئة منتصف العقد الحالي، بفضل دمج الفئات الفقيرة والمهمشة في الدورة الاقتصادية من خلال برامج التكوين والتدريب ومشاريع البنية التحتية، والتجهيزات والمرافق الرياضية والصحية والثقافية بخاصة تعليم الفتاة القروية وتدريبها". وأوضح أن مشاريع التنمية البشرية"تُنفذ عبر شراكة بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والسكان المحليين، وهي تتواصل بوتيرة تصاعدية بعدما تأكدت نجاعتها في تقليص الفقر ودمج الشباب المنقطع عن الدراسة في الدورة الاقتصادية". وتستعد الحكومة لتخصيص 50 دولاراً في الشهر لكل عائلة فقيرة ترسل أطفالها الى المدارس، في مسعى إلى الحد من الهدر المدرسي الذي يهدد نحو مليوني طفل في البوادي والأحياء الفقيرة. ويتوقع أن ينفق المغرب 6 بلايين دولار على التعليم السنة المقبلة. ولاحظت"الحياة"في خلال جولة الوفد الإعلامي الذي زار منطقة سيدي مومن، التي كان خرج منها الانتحاريون في الدار البيضاء 16 أيار/مايو 2003، تحسن مستوى معيشة السكان المحليين، حيث نُفذت مشاريع كلفتها 4.5 بليون درهم أكثر من نصف بليون دولار، لبناء شقق حديثة تعوض الأبنية الهشة، و بناء ملاعب رياضية وفضاءات ثقافية ومدارس للتعليم المهني. وتقع المنطقة على مشارف مصانع صوماكا لتصنيع السيارات، وهي اكبر منطقة صناعية في المغرب. وقال رئيس البلدية المنسق المحلي للتنمية محمد بريجة في حديث الى"الحياة"، إن سيدي مومن وكاريان طوما"يضمان 22 الف كوخ من الألواح المعدنية ستُدمّر لتُبنى بديلاً عنها شقق ومنازل جديدة، بتعاون مع مجموعة العمران العقارية، وهو اكبر مشروع للسكن الاجتماعي في المغرب تفوق كلفته 330 مليون دولار". وقال مدير مركز سيدي مومن للتنمية البشرية عبد الله جنان، ان"1200 شخص استفادوا من التكوين الذي يضمنه المركز، ويتراوح بين تعليم فنون الموسيقى والمسرح والسينما، والتدريب الطبي والحرف اليدوية والمعلوماتية وتكنولوجيا الاتصالات". وأشار الى أن"كلفة بناء المركز بلغت 15.4 مليون درهم"، موضحاً أن"مئات من هذه المراكز موزعة داخل الأحياء المهمشة والريفية على امتداد البلد، لمنح الشباب الأقل تعليماً فرصاً جديدة للإندماج في الحياة الاقتصادية". وكانت معدلات البطالة انخفضت بدورها الى اقل من 10 في المئة من مجموع الفئة النشيطة. وأفاد تقرير حكومي بأن تحسن الوضع الاقتصادي"انعكس إيجاباً على المؤشرات الاجتماعية إذ تراجعت البطالة والفقر الى 9 في المئة، وازداد الدخل الفردي بمعدل الثلث في خمس سنوات". ويتوقع المشرفون على التنمية البشرية خفض معدلات الفقر والتهميش وإنقاذ أطفال الشوارع بوتيرة أسرع في السنوات المقبلة، تتجاوز النسب التي كان حددها برنامج الأممالمتحدة للألفية عام 2000 ، لتقليص معدلات الفقر في العالم الى النصف بحلول عام 2015. وتساهم دول أجنبية في برامج التنمية البشرية في المغرب، منها الاتحاد الأوروبي واليابان والإمارات، ووعدت الولاياتالمتحدةالرباط بإنفاق 797 مليون دولار لتحسين تعليم الفتيات القرويات ومساعدة الأشخاص الذين يشكون من وضع اجتماعي وجسدي صعب، وتنمية النشاطات الزراعية واليدوية والصيد البحري. يُشار إلى أن الملك محمد السادس، الذي يُشرف شخصياً على برنامج التنمية البشرية حدد له ثلاثة أهداف، هي"الحد من العجز الاجتماعي ومحاربة التهميش والإقصاء عبر توفير التعليم والصحة والماء والكهرباء والطرق، وإيجاد النشاطات الموفرة للدخل، ومساعدة من هم في وضع صعبة وذوي الحاجات الخاصة والعناية بالأطفال والنساء في الأرياف والمناطق المهمشة اقتصادياً.