قال وزير المال والتخصيص المغربي فتح الله ولعلو ل"الحياة"، إن بلاده ستنشئ صندوقاً اجتماعياً لتمويل"المبادرة الوطنية للتنمية البشرية"التي تهدف إلى تقليص معدلات الفقر في المغرب، وتحسين مستويات معيشة سكان الأرياف والمناطق النائية التي أعلن عنها الملك محمد السادس في أيار مايو الماضي. وذكر ولعلو أن اعتمادات الصندوق ستبلغ في المرحلة الأولى 10 بلايين درهم 1.1 بليون دولار تغطي المرحلة الممتدة إلى عام 2010، على أن تزاد اعتمادات بقيمة 5.1 بليون درهم ابتداءً من عام 2006 و5.2 بليون درهم في نهاية العقد الجاري. وكشف الوزير أن 60 في المئة من رأس مال صندوق دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سيقتطع من موازنة عام 2006، بينما ستوزع بقية المساهمات بين البلديات 20 في المئة والمساعدات الدولية، ولا سيما الأوروبية والأميركية 20 في المئة. ويتوقع أن تستفيد من تمويلات الصندوق الاجتماعي الفئات الأقل دخلاً أو تلك التي تقطن مناطق نائية أو قرى معزولة. ويشمل البرنامج تأهيل نحو 350 قرية ونحو 250 من الأحياء المهمشة في ضواحي المدن الكبرى. وكشف ولعلو أن الدعم الدولي سيكون على شكل هبات ومساعدات من مؤسسات تمويل دولية، وليس على شكل قروض مصرفية تجنباً لرفع حجم المديونية الخارجية وإثقال كاهل الأجيال القادمة. ويقدر عدد الفقراء في المغرب بنحو ستة ملايين شخص يمثلون نحو 19 في المئة من إجمالي السكان. وكانت النسبة تقدر بنحو 13 في المئة في مطلع تسعينات القرن الماضي. وينتظر أن تنطلق عملية محاربة الفقر خلال النصف الثاني من العام الحالي بعد مصادقة الحكومة على قانون إحداث صندوق التنمية البشرية والإجراءات المصاحبة لطريقة صرف الاعتمادات. وكان الملك محمد السادس أعلن في 18 أيار عن إطلاق مبادرة وطنية للتنمية البشرية بهدف تأهيل المغرب للاستحقاقات المنتظرة في مطلع العقد المقبل، والتي تشمل إنشاء مناطق تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول إعلان أغادير العربية، وتحرير الاقتصاد المغربي وإدماجه في الاقتصاد العالمي. واعتبرت العولمة وتحرير الاقتصاد وبرامج التقويم الهيكلي التي نصح بها البنك الدولي الرباط في العقدين الأخيرين، من الأسباب غير المباشرة لتنامي الفقر في المغرب واتساع الهوة بين المناطق الغنية وتلك التي تشكو نقصاً في التجهيزات. وساهم الجفاف الذي ضرب مناطق في المغرب في زيادة أعداد الفقراء من السكان القرويين. وكان البنك الدولي اقر قبل أسابيع اعتمادات للمغرب بقيمة تزيد على 2.1 بليون دولار في إطار خطة الدعم الإستراتيجي لتحسين معيشة سكان الأرياف وتطوير مناهج التعليم والتربية، وتحسين أداء الإدارة العمومية، وترشيد استخدام الماء بعد توالي سنوات الجفاف وتأثيرها في الزراعة وإيرادات سكان البوادي في المغرب. وبحسب الحكومة، يتجه اكثر من نصف موازنة المغرب السنوية إلى المجالات الاجتماعية مثل مد شبكات الطرق، ومياه الشرب والري، والطاقة الكهربائية، والتعليم، والصحة، والرعاية الاجتماعية. وتقدر استثمارات الدولة في العام الحالي بنحو 80 بليون درهم تسعة بلايين دولار معظمها في البنى التحتية والتجهيزات. ويرى المحللون أن تقليص معدلات الفقر إلى النصف على الأقل خلال العقد المقبل ينسجم مع برنامج الأممالمتحدة للألفية، الذي حدد عام 2015 تاريخاً للقضاء على جزء كبير من مظاهر الفقر في عدد من مناطق العالم، ومنها المنطقة العربية التي يقدر فيها عدد الفقراء بنحو 20 في المئة من السكان. ويعتبر الاتحاد الأوروبي اتساع الفقر في منطقة شمال أفريقيا المتاخمة له على البحر الأبيض المتوسط، مسؤولاً عن تنامي الهجرة السرية والجريمة والإرهاب والتطرف وعدم الاستقرار الاجتماعي، الذي يقلص فرص تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة. ويشكل موضوع التنمية البشرية ومحاربة الفقر إحدى أهم القضايا المطروحة حالياً في المغرب بعد سنتين من إطلاق الانتخابات الاشتراعية التي يتوقع أن تنبثق عنها الحكومة المقبلة في الرباط، وهي ثاني انتخابات برلمانية في عهد الملك محمد السادس.