سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"القاعدة" تعتبر المرشحين مناسبين ل "تدمير" الولايات المتحدة . من يحمي أميركا من المخاطر العالمية ... أوباما "صديق الإرهابيين" أم ماكين "البطل المتحفظ"؟
وجهت "الاهتزازات" الاقتصادية الناتجة من الأزمة المالية الأخيرة، ضربة قاسية لأولوية مشاريع الحروب المستقبلية والمواجهات المسلحة"المكلفة"في حسابات الناخبين الأميركيين الذين سيختارون غداً رئيسهم العتيد بين المرشح الجمهوري جون ماكين ومنافسه الديموقراطي باراك اوباما. وربما تتلاقى موجبات هذه"الاهتزازات"في صناديق الاقتراع مع رغبة الأميركيين في بدء عهد جديد باستعادة جزء من آمال البحبوحة المهدورة، وكسب أسس لخدمات"مريحة"على الصعيد الصحي وتحسين أنظمة الضرائب. لكن الأمة الأميركية تعيش دائماً على أمجاد انتصار"العالم الحر"، ولا يمكن ان تسقط من حساباتها انتخاب"الرئيس القائد"الذي يضمن حماية أراضيها بالدرجة الأولى. لذا لا بد من ان يجيب المقترعون في يوم التصويت على سؤال: من الأفضل لحماية الولاياتالمتحدة ماكين أم أوباما؟ بعد اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001 اقتنع مسؤولو أجهزة الاستخبارات الأميركية بأن الرئيس الحالي جورج بوش أبلى بلاءً حسناً في جعل البلاد"أكثر أماناً"، وجنبها هجمات أخرى لتنظيم"القاعدة"وسواها من المنظمات المتشددة، عبر قتل"الإرهابيين"وإحباط مخططات عملياتهم في أفغانستانوالعراق، وشن هجمات استباقية في بلدان أخرى. وفيما لا يستبعد مدير الاستخبارات القومية مايك ماكونيل وسياسيون بينهم المرشح الديموقراطي لمنصب نائب الرئيس جوزف بايدن ان يواجه الرئيس المقبل مجدداً نكسة أمنية"عالمية"في السنة الأولى لولايته، على غرار ما حصل لبوش عام 2001، وللرئيس السابق بيل كلينتون عام 1993، حين استهدف هجوم انتحاري مركز التجارة العالمي في نيويورك للمرة الأولى، يرى مسؤولو الاستخبارات ان الرئيس المنتخب لا يمكن إلا أن يتحلى بشجاعة بوش نفسها في قتال"الإرهابيين". وهم يرفضون أي موقف آخر ينادي بعدالة اللجوء الى القضاء لمحاكمتهم والاقتصاص منهم. ويسخر بعض هؤلاء المسؤولين من أي نية لمحاكمة انتحاريين مزعومين،"ذلك انهم لا يخشون التحول الى أشلاء، فكيف الحال بمواجهة أحكام القضاء"؟ ويعتبر المسؤولون ان أسس مكافحة"الإرهاب"ترتكز على تعزيز صلاحيات مراقبة المشبوهين غير المربوطة بإذن قضائي، واستخدام وسائل استجواب قاسية في حقهم، في حال اعتقالهم، كما حصل في قاعدة غوانتانامو العسكرية الأميركية في كوبا منذ عام 2002. أوباما ... مواقف"ضعيفة" وتقوّم الاستخبارات الأميركية سجل تعاون المرشح الديموقراطي أوباما مع متطلبات"حماية البلاد"انطلاقاً من موقعه كسناتور في مجلس الشيوخ عن ولاية ايلينوي بأنه"ضعيف"، بعدما صوت مرتين لمصلحة إخضاع مراقبة الاتصالات للقضاء. وتشير الى انه أيد قانون المراقبة الخارجية، بعدما أيقن ان الكفة تميل الى إقراره، في أعقاب جلسات مناقشة استمرت 11 ساعة في الكونغرس. ويرى مراقبون ان المقاربة السياسية التي يعتمدها أوباما لشؤون الإرهاب، تفتقد الخبرة الخارجية التي يفترض ان يعوضها نائبه بايدن. وأجاب أوباما خلال إحدى المناظرات على سؤال عن الخطوة التي سيتخذها في حال تحديد مكان وجود زعيم"القاعدة"أسامة بن لادن في باكستان، بأنه سيأمر بقصف الموقع على الفور، من دون ان يراعي احتمال"إغضابها"عبر هذا السيناريو، ما يمكن ان يؤدي الى منعها نقل الإمدادات الحيوية عبر أراضيها الى القوات الأميركية والغربية في أفغانستان. وفي شأن الحرب على العراق، يبدي أوباما معارضته الكاملة لها، لكن من دون تبنيه بصراحة خيار سحب القوات الأميركية منها. كما يدعو بغداد الى خوض حربها بنفسها ضد"القاعدة"، مؤكداً انها ستدفع تكلفتها عبر استخدام موارد النفط، وهو أمر غير ممكن عملياً حالياً، في ظل الهبوط الحاد لأسعار النفط. ولا شك في ان أوباما سيواجه ضغوطاً كبيرة من غلاة الديموقراطيين لتنفيذ وعده بوقف الحرب في العراق، والتي كان نائبه بايدن أيدها عام 2002، خصوصاً انه تعهد بذلك خلال منافسته هيلاري كلينتون على ترشيح الحزب الديموقراطي للرئاسة. وستأتي الضغوط أيضاً من قادة الجيش الذين لن يحبذوا ان تغير الإدارة الجديدة، مع بداية عهدها، مسار الأمور في العراق، وسيعارضون ذلك بقوة. وكانت لافتة، دعوة أوباما تبيليسي الى التهدئة خلال أزمة الغزو الروسي لجورجيا في آب أغسطس الماضي، ثم اقتراحه تدخل الأممالمتحدة لإيجاد حل، ما يعني ان تكراره الدعوة ذاتها لدى ممارسته صلاحيات الرئيس في حال انتخابه، سيسقط"قيادة"واشنطن للمنظمة الدولية، في وقت لا يمكن الرهان على فاعلية تدخل الأممالمتحدة لإنهاء انتهاك ترتكبه دولة تملك حق النقض فيتو في مجلس الأمن. كذلك لم يخلو موقف أوباما من الأزمة النووية الإيرانية من"السذاجة السياسية"عبر تأييده الحوار مع الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، في وقت خاضت الإدارة السابقة صراعاً مريراً خلال السنوات الماضية لفرض العقوبات الأشد على إيران. وتزيد التشكيك في تعامل أوباما"السلس"مع الإرهاب، علاقته مع ناشطين مزعومين يصنفهم الجمهوريون"أعداء"للولايات المتحدة، على غرار وليام ايريس الذي قاد مجموعة نفذت اعتداءات داخلية في الولاياتالمتحدة، وجيريميا رايس المشرف على كنيسة تردد عليها أوباما لفترة عشرين عاماً، وتعرف بأفكارها الراديكالية العنصرية المناهضة لأميركا. وكذلك الباحث الفلسطيني رشيد خالدي الذي يعتقد بأن أوباما امتدحه خلال عشاء جمع بينهما عام 2003. وتملك صحيفة"لوس أنجليس تايمز"تسجيلاً للحديث الذي دار بين أوباما وخالدي، لكنها ترفض عرض مضمونه على العلن. ماكين ... شجاعة حذرة في المقابل، عانت حملة ماكين من مشكلة عدم التركيز على"إنجازاته"العسكرية لتعزيز صورته كقائد مناسب للبلاد، على رغم ان المرشح الجمهوري يوفر نظرياً ضمانات اكبر لمواجهة اكثر فاعلية لأخطار الإرهاب بالاعتماد على سجل"المحارب"الذي امتلكه خلال حرب فيتنام نهاية الستينات من القرن العشرين، حين قاد برتبة أميرال القوات الأميركية في المحيط الهادئ، وكذلك اعتماداً على خبرته السياسية الطويلة بعدما شغل منصب سيناتور عن ولاية اريزونا لأكثر من 25 سنة. واكتفى المرشح الجمهوري خلال حملته الانتخابية بإعلان انه لم يتردد يوماً في تلبية نداء الوطن. لكن الأكيد ان إنجازاته في سبيل الدفاع عن وطنه تجاوزت هذا الموقف، علماً انه لم يسمح بعرض أشرطة فيديو تظهر احتجازه في سجن شمال فيتنام، حيث تعرض للتعذيب، ونجاته من مقصورة طائرة حربية احترقت خلال معركة. واجمع المشاهدون القليلون لهذه الأشرطة على ان أهمية التزام ماكين بواجباته الوطنية تفوق كل ادعاءات الولاء لجميع المرشحين خلال مراحل الانتخابات الرئاسية الحالية. وربما يستحق ماكين صفة"البطل الأميركي الحقيقي"الأكبر الذي اقترب من كرسي الرئاسة، لكن تصريحاته حول"الإرهابيين"طرحت دائماً السؤال عن مرحلة ما بعد المواجهات العسكرية معهم، ما عكس تكراراً لموقفه المماثل خلال حرب فيتنام، ومطالبته بتركيز العمل على محاولة حماية المدنيين عبر إجراءات غير عسكرية. وهنا لم يظهر ماكين حماسة كبيرة لمواصلة ملاحقة بن لادن، مبدياً تخوفه من ان تغرق الولاياتالمتحدة في مزيد من الأزمات نتيجة عملية عسكرية جديدة ضد"القاعدة"في باكستان أو توسيعها في أفغانستان أو بلدان أخرى. ويخالف ذلك ترحيبه عام 1998 بالضربات الجوية التي وجهتها إدارة الرئيس كلينتون لمراكز"القاعدة"في أفغانستان، على اثر تفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، ثم تصويته في الكونغرس عام 2002 لمصلحة غزو العراق. ولعل ماكين سعى عبر هذه التصريحات الى الإيحاء بأن عهده سيختلف عن ولايتي الرئيس الحالي بوش، فيما وجه تحديه العسكري الأهم الى إيران التي تتعامل الإدارة الأميركية الحالية معها باعتبارها مصدر الخطر الأول على مصالحها في العالم والشرق الأوسط خصوصاً. وأعلن ماكين ان استحواذ إيران على أسلحة نووية"سيكون أسوأ من شن الولاياتالمتحدة حرباً جديدة". ويمكن القول ان ماكين يؤيد عبر إظهار"شجاعة"التصدي لإيران، بوش وبالتالي الحزب الجمهوري الذي يتشاركان في الولاء له. لكن بوش"خذل"المرشح الجمهوري من خلال التزامه الصمت المطلق حيال تأكيد أهمية ورقة الأمن في العهد العتيد، في مقابل انتقاد"رومانسية"أوباما في تصديه للعالم"الخطر"الحالي. انقسام في"القاعدة" واللافت ان"القاعدة"تنقسم في تأييد أوباما أو ماكين للرئاسة، وذلك بخلاف انتخابات عام 2004 حين أيدت بوش في شكل غير مباشر. وبث موقع"الحسبة"الإلكتروني التابع للتنظيم على شبكة الإنترنت الأسبوع الماضي رسالتين متناقضتين حول الموضوع، أيدت أحدها المرشح الديموقراطي للرئاسة،"لأن مواقفه في شأن العراق اكثر مرونة"في إشارة الى دعوته لحل عبر الانسحاب، فيما ساندت رسالة أخرى حملة ماكين"لأنه سيكمل الحرب على الإرهاب في أفغانستانوالعراق، وصولاً الى تدمير الاقتصاد الأميركي، وهو ما نسعى إليه"بحسب البيان.