كعادة الملحنين الذين يتميزون بأصوات جيدة، وتسبقهم شهرة في التلحين قبل شهرة في الغناء، بقي الفنان نقولا سعادة نخلة مصرّاً على أنه ملحن فحسب، وعلى أن صوته يخدمه في إيصال الأغنية الى المغني بدقة لا أكثر من ذلك. احتفظ نقولا بصوته بعيداً من التسجيل الجدي لأي أغنية، ليس من بداية إدارته أعمال المغنية كارول سماحة، بل قبل ذلك بوقت، عندما برز اسمه ملحناً لأجمل أغاني الفنان صبحي توفيق في بداياته الصاروخية التي فرضته بقوة مغنياً نجماً. لكنه كان يدرك أن ثمة"اشياء"في صوته يمكن أن يكون عبرها مغنياً أيضاً و..."ليس وقتها الآن"! بعد انفضاض"الشراكة"بينه وبين كارول سماحة تحركت رغبة نقولا سعادة نخلة في إظهار موهبته الغنائية. لم يكن الخلاف بينهما سبباً مباشراً لتحرك تلك الرغبة، لكن التوقيت حصل هكذا، خصوصاً أن نخلة كان سجل أغنية من كلمات مروان خوري بصوته بعنوان"الله معا"تمهيداً ليسمعها أحد المغنين المعروفين ويسجلها، ولمّا تعذر تسجيل ذلك المغني أغنية"الله معا"رأى نخلة أنه الأصلح لتأديتها. وهكذا كان. "الله معا"لفتت انتباه قيّمين على الانتاج في"روتانا". وتمت الموافقة على تبنّي الأغنية بصوت نقولا سعادة نخلة وتصوير كليب لها. نجح الكليب في لفت الانتباه أيضاً الى نخلة المغني لا الملحن فحسب. والخطوة الأولى المقبولة فنياً، عادة ما تكون مقدمة لخطوات أخرى أكثر جدية انتاجية، ولأغانٍ أكثر انتماء الى هوية صاحبها، على أساس أن المحاولة الأولى قد تكون خاضعة لظروف معينة، تتحرر منها المحاولة الثانية. وفي المحاولة الثانية ثم الثالثة كان نقولا سعادة نخلة يضع قدميه على سكة النجومية الغنائية التي يفكر بها ويتمناها... في صوت نخلة قوة، انفعال، حركة. وفي طلته التلفزيونية اختلاف عن الآخرين، وبهذين العنصرين استطاع فتح الطريق الى علاقة جيدة مع الجمهور، ومع شركة"روتانا"، ودخل أكثر فأكثر في اللعبة، وها هو قاب قوسين أو أدنى من تقديم الألبوم المنتظر. يعرف نقولا سعادة نخلة، بحكم خبرته في التلحين، ما هي نقاط قوة صوته، ونقاط ضعفه، وما هو النوع الغنائي الذي يناسبه، ويعرف في المقابل أن مزاج الجمهور ومزاج الانتاج عموماً ليس قدراً... لذلك فإن الأغاني التي لحنها لصوته حتى الآن، مقطوفة من فهمه لشخصيته الغنائية أكثر مما هي مقطوفة من مراعاة لمتطلبات إنتاج أو إعلام أو تسويق. كأنه يريد أن يثبّت أسلوباً أدائياً يميزه عن بقية زملائه، ويسعى في هذا الاتجاه مدفوعاً بتأييد إنتاجي كأنه هو بدوره يريد فسح المجال أمامه ليكون كما يريد... داخل كل ملحن، هناك مغن... فاشل، أو على الأقل هناك مغن ينتظر فرصة كي يغني. مروان خوري بدأ ملحناً، أو تحديداً عازفاً على"الكيبورد"مع ملحم بركات وأحياناً مع صباح ثم دخل الغناء مواربة عبر أغنية مشتركة مع باسمة قبل أن ينصرف الى الغناء ويحاول بناء نجومية فيه. معظم الملحنين يبحثون عن أصواتهم في أصوات المغنين الذين يؤدون ألحانهم، والأمثلة كثيرة قديماً وحديثاً. نقولا سعادة نخلة لن يكون خارج هذه المعادلة الطريفة والغريبة والثابتة بالتجربة. عبدالغني طليس