تذهب حكمة تقليدية الى أن الوسائل العسكرية لا تقضي على تمرد التاميل في سريلانكا. ولكن حوادث الأسابيع الأخيرة، وهي تكللت بسيطرة القوات الحكومية السريلانكية على معقل التمرد الرئيسي، تدحض هذه الحكمة. فالمتمردون احتلوا بلدة بونيرين طوال 15 عاماً، واليوم، عادت البلدة الى كنف الحكومة، وهي جسر الحكومة الى منطقة الشمال. وهناك بسطت الحكومة سلطتها على مدينة جافنا. ويحظر الجيش السريلانكي على الصحافيين المستقلين العمل في منطقة النزاع. وهو أقر بأنه، على رغم بسطه نفوذه على منطقة بونيرين، يقاوم"نمور"التاميل مقاومة شرسة خارج المدينة الاستراتيجية. ويبدو أن القوات الحكومية أفلحت في دحر المتمردين، في الأشهر الماضية. ويرى مراقبون أن الفضل في هذا النجاح يعود الى تدريب القوات النظامية على التوسل بتكتيكات عسكرية فعالة ضد مقاتلي التاميل. ويشعر بعض نمور التاميل انهم أسهموا في هزيمتهم. فأكثر من 30 عاماً من الصراع لم تحقق حلم المتمردين الانفصاليين بالانفصال وإنشاء دولتهم. ويعزو هؤلاء تمرد الأقلية التاميلية الى تهميش الغالبية السنهالية البوذية لها. وفي الماضي، شهدت بعض المناطق استقراراً وسلاماً نسبياً. ولكن المجتمع التاميلي عانى كثيراً جراء العزلة. ويبدي أطفال المدارس التاميلية رغبتهم في متابعة نضال الاستقلال. ولكن عقلاء التاميل، وهم أكثر حكمة من قادة ثوار"النمور"، سئموا العنف والبطالة، وضاقوا ذرعاً بهيمنة قادة"النمور"على المجتمع، وشنهم حرباً مستمرة. وبعث توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة والمتمردين، إثر وساطة النروجيين، الأمل في أوساط التاميل والغالبية الإثنية، في 2002. وكان من المفترض أن يتحول الاتفاق الموقت اتفاق سلام دائم في بلاد التاميل. وبموجب هذا الاتفاق، تتمتع المناطق القومية باستقلال ذاتي، في إطار فيديرالية سريلانكية. وإذا كانت الحكومة على وشك الانتصار عسكرياً، فحري بها الإعداد لمرحلة السلام. والحق أن الحرب كانت قاسية على جميع الاطراف. وعلى كولومبو، إذا صدق أنها تسعى الى السلام، أن تمنح التاميل حكماً ذاتياً، وتتفادى إلحاق هزيمة مذلة بهم. فمثل هذه الهزيمة يزرع بذور تمرد آخر. وفي حال أطاح الجيش السريلانكي سلطة نمور التاميل، حقق إنجازاً لا مثيل له في التاريخ السريلانكي. ولكن"النمور"أثبتوا قدرة على الصمود والخداع. وقد تحمل سلسلة الهزائم قادة التاميل على وقف الحرب والقبول بالسلام. عن افتتاحية"سيبر نيوز"السريلانكية، 16/11/2008 نشر في العدد: 16672 ت.م: 26-11-2008 ص: 28 ط: الرياض