لا يشبه المعرض الفني الذي افتتحه رئيس اتحاد كتاب مصر الكاتب محمد سلماوي في قاعة"بورتريه"في وسط القاهرة في 15 الجاري غيره من المعارض التشكيلية التي بدأت موسمها الفني في العاصمة المصرية قبل أيام. فالمعرض مغاير بفكرته وأهدافه والأسماء التي شاركت فيه. ولعل ذلك الاختلاف هو ما دعا وسائل الإعلام والمحطات الفضائية ومواقع"الانترنت"وپ"الفيس بوك"إلى الاحتفاء بفكرته على رغم ان قائمة المشاركين لا تضم أياً من التشكيليين المعروفين الذين حضروا كضيوف شرف، بينما ضمت أكثر من 30 كاتباً وأديباً من أجيال مختلفة أبرزهم أدوار الخراط وجمال الغيطاني وبهاء طاهر والناقدة شيرين أبو النجا وعزت القمحاوي وجيهان عمر وفاطمة ناعوت وصلاح العزب ومنتصر القفاش وعماد ابو غازي وشاعر العامية ابراهيم عبد الفتاح، إضافة الى أعمال للراحل صلاح جاهين والكاتب الصحافي كامل زهيري وغيرهم من الكتاب الذين دعاهم الكاتب مكاوي سعيد صاحب رواية"تغريدة البجعة"للمشاركة في المعرض المقام تحت عنوان:"أدباء مصر يرسمون"، على ان يخصص عائد المعرض لضحايا كارثة انهيار"الدويقة"في شرق القاهرة التي حلت قبل شهرين. يقول مكاوي سعيد:"الفكرة قامت على استثمار رغبة الكُتّاب في التعبير عن طاقاتهم الإبداعية ورغبتهم في دعم ضحايا"الدويقة"بطريقة ايجابية من خلال الريشة والألوان لا الكلمات، ولتعريفهم بفنون أخرى موازية بغرض التكامل والتفاعل بين مختلف الفنون والإبداعات". وأشار الى أن مركز القاهرة القديمة الدولي للفنون في منطقة الفسطاط في جنوبالقاهرة استضاف على مدى ثلاثة أيام الكُتّاب ليبدعوا أعمالهم الفنية تحت اشراف عدد من الفنانين المتميزين في الحركة التشكيلية المصرية منهم رضا عبد الرحمن وعبد الوهاب عبد المحسن، وإبراهيم غزالة، وعمر الفيومي. وتابع سعيد:"راقت فكرة الورشة للأدباء إذ أنها أيقظت داخلهم الحس الغامض الذي طالما تحدث عنه كامل زهيري وهو يؤكد أن داخل كل كاتب رساماً نائماً. ولفت هذا الأمر الفنانة التشكيلية نازلي مدكور التي زارت الورشة وكتبت انطباعها على لوحة ورقية مثبتة في مدخلها:"أدهشتني قدرة الكُتّاب على التعبير بكل سلاسة عما يعتمل في داخلهم وكأن اعمالهم نتاج خبرة فنية طويلة". ويقول عماد أبو غازي، الأستاذ الجامعي والمسؤول عن لجان المجلس الأعلى المصري للثقافة:"كانت مشاركتنا رمزية وبسيطة لدعم الفكرة وهذا هو الأهم". ويرى سلماوي الذي شارك بلوحتين في المعرض إضافة إلى عرض لوحة أصلية من مقتنياته رسمها الشاعر جان كوكتو تحت عنوان:"العاشق"أن المعرض يثبت أن الفن لا يتجزأ، وان الفنان سواء كان كاتباً او رساماً له دائماً ضمير اجتماعي". أما بهاء طاهر فيقول:"فكرة المعرض النبيلة تجعله جميلاً، وان كان التعبير بسيطاً، وغنائياً إلا أن التلقائية التي في الأعمال هي سبب إضافي للجمال". وبعيداً من أهداف التجربة الفريدة التي أقيمت من دون اية رعاية أو تمويل رسمي، تحمل مكاوي سعيد وصديقه الفنان رضا عبد الرحمن مسؤولية إنجاز المعرض وتمويله عبر توفير الخامات ومواد الدعاية وتشجيع الكُتّاب على المشاركة وتجاوز مخاوفهم من فشل التجربة. وتميزت في المعرض لوحات للروائي الشاب صلاح العزب صاحب"وقوف متكرر"، إذ رسم لوحة ونفذها بطريقة"الكولاج"تجمع أوراقاً ومعالم كثيرة من حياته، سواء كانت صوراً لشهادات ميلاده ووثائق وبطاقات هوية جامعية وشخصية، أو كانت أغلفة لمؤلفات ومغلفات لرسائل وصلته على عناوين عدة في أبنية سكنها طوال حياته. كما رسم صورة شخصية بورتريه مميزة بالأبيض والأسود. كذلك عكست لوحات فاطمة ناعوت خبرة في التعامل مع الخطوط، وردّ البعض مصدرها إلى دراستها الجامعية في كلية الهندسة، ومن بين اللوحات التي رسمتها واحدة بعنوان"صخرة سيزيف"وجمعت لوحات أخرى لها في معظمها تنويعات على أغلفة لأعمالها الشعرية. وحاورت شيرين أبو النجا بين نص طويل لمحمود درويش وخطوط لامرأة غير واضحة المعالم لتعكس معاناة الأخيرة مع هوية تعاني حالة من حالات التشظي". وكانت هذه اللوحة من اللوحات التي بيعت ليلة الافتتاح. وفي المقابل تميزت أعمال الكاتب الشاب أحمد العايدي بحسها الكاريكاتيري اللاذع وخطوطها الطفولية المشاغبة القريبة من أنماط الرسم الصحافي. أما لوحة الروائي والصحافي سعد القرش فكانت أقرب إلى لوحات السورياليين المصريين في رهانها على العجائبي والشعبي. وذهب عزت القمحاوي بعيداً في محاولته رسم جسد امرأة ما يشي بانشغاله الاروسي في أدبه. ومن طرائف المعرض لوحة الكاتب بهاء طاهر الذي رسم صوراً لصاحب الدعوة الى المعرض مكاوي سعيد في حالات مختلفة. بينما شارك ادوار الخراط بلوحة"كولاج"قديمة رسمها قبل أعوام. وعلى العكس منه شارك جمال الغيطاني بلوحة رسمها خصيصاً لهذا المعرض جاءت أقرب الى التجريد وتميزت بألوانها الصاخبة. بهاء طاهر يرسم في الورشة والى جواره سعد القرش ومكاوي سعيد يتابع العمل. نشر في العدد: 16665 ت.م: 19-11-2008 ص: 30 ط: الرياض عنوان: أدباء مصريون يرسمون ... بإشراف فنانين