يسعى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، على هامش مشاركته في اجتماع مجلسي وزراء الإعلام والثقافة والاتصالات العرب الذي بدأ أعماله في دمشق أمس، الى استيعاب التوتر المفاجئ الذي يهدد العلاقات اللبنانية - السورية على خلفية بث التلفزيون السوري اعترافات عدد من الموقوفين لدى أجهزة الأمن السورية بتهمة تنفيذ التفجير الذي استهدف حي القزاز في دمشق، وعلاقتهم بتنظيم"فتح الإسلام"الإرهابي واغتنام المناسبة للتشهير بتيار"المستقبل"بزعامة النائب سعد الحريري الذي طالب بتشكيل لجنة تحقيق عربية للنظر في الاتهامات السورية المتلفزة. ويتزامن مسعى موسى مع التحقيق الذي نشرته جريدة"المستقبل"في بيروت أول من أمس، وضم وثائق بالاعترافات التي أدلى بها عدد من الموقوفين في ملف تنظيم"فتح الإسلام"وهي موجودة لدى القضاء العسكري اللبناني، وظهر من خلالها وجود علاقة بين هذا التنظيم والأجهزة السورية. راجع ص 7 ويحاول موسى وضع كل الاعترافات بيد القضاء اللبناني في ضوء اللقاءات التي عقدها مدير مكتبه في بيروت السفير هشام يوسف مع عدد من القيادات والمسؤولين اللبنانيين من الأكثرية والأقلية في البرلمان، واستمع خلالها الى مطالبة الحريري بتشكيل لجنة تحقيق عربية لجلاء الحقيقة وتبيان المسؤولية في شأن"فتح الإسلام"والجهات الداعمة له. ومع ان لبنان يشارك في اجتماع دمشق، ممثلاً بوزيري الإعلام والثقافة طارق متري وتمام سلام، فإن التوجه السائد لدى الجامعة العربية هو في العمل من أجل سحب"حرب الاعترافات"في شأن"فتح الإسلام"من التداول، لما لاستمرارها من تداعيات سياسية محتملة تنعكس على الجهود الرامية الى تصحيح العلاقات اللبنانية ? السورية، وتتعارض والرغبة العربية في التهدئة لمصلحة الانصراف الى تطبيق ما تبقى من اتفاق الدوحة. وفي هذا السياق، قالت مصادر ديبلوماسية عربية ل"الحياة"أن ما يهم الجامعة الآن هو الحفاظ على الاستقرار العام في لبنان، وتثبيت التهدئة وقطع الطريق على احتمال تعريضه لانتكاسة من شأنها ان تعيد الوضع الى ما كان عليه من احتقان قبل اتفاق الدوحة. ولفتت الى ارتياح الجامعة العربية الى الوضع في لبنان الآن قياساً إلى ما كان عليه قبل الاتفاق، وقالت ان لبنان قبل اتفاق الدوحة كان يقف على حافة الهاوية التي تنذر بانفجار كبير، لكن الجهود العربية واللبنانية أنتجت اتفاقاً شكّل الإطار العام ليس للحوار فحسب وإنما للتقيد به لمنع فتنة مذهبية وطائفية. وأضافت:"هذا الإطار العام يحتضن أبرز القوى السياسية الفاعلة في لبنان ومهّد الطريق لانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، رغم انه لم يوجد حلولاً لكل القضايا العالقة". ولفتت الى ان"الاختلاف أمر طبيعي شرط ألاّ يعود بلبنان الى وراء، والتواصل اللبناني ? اللبناني كفيل بمحاصرة التوتر لمصلحة ترسيخ التهدئة التي باتت مطلوبة لإجراء الانتخابات النيابية في الربيع، على أمل أن يتجاوب الجميع مع جهود الجامعة الآيلة الى تمديد التهدئة ومنع صدامات من شأنها ان تدفع الى المجهول". ورداً على سؤال، لم تستبعد المصادر أن تتكثف الاتصالات بين القيادات اللبنانية وموسى الذي التقى الرئيس السوري بشار الأسد أمس، للعمل من أجل استيعاب التوتر ومنع تفاقمه إذا استمرت"الحرب"المفتوحة في شأن الاعترافات السورية التي تتناقض كلياً مع ما نشرته جريدة"المستقبل". وعلقت مصادر وزارية لبنانية بارزة على الأجواء التي سادت جلسة مجلس الوزراء أول من أمس، وقالت انه"لا يراد من قرار المجلس وضع الإطار العام للتنسيق بين وزارتي الداخلية اللبنانية والسورية، التشفي او نسف الرغبة في تصحيح العلاقات اللبنانية - السورية". وأضافت أن مجلس الوزراء"تصرف من خلال قراره بهدوء لأنه يرغب في صفحة جديدة في ملف العلاقات الثنائية، وعدم إعطاء دور للمجلس الأعلى اللبناني ? السوري في التنسيق بين وزارتي الداخلية في البلدين يصب في خانة العمل لتصحيح هذه العلاقات وتنقيتها من الشوائب، ولأنه مصر على تحضير الأجواء لإحداث تغيير في التعاطي السوري مع القضايا المشتركة بين البلدين باعتبار أنها كانت وراء التأزم لانعدام التوازن في تصحيح العلاقات على أساس الاحترام المتبادل". وأشارت المصادر الى ان"الوزراء المنتمين الى الأقلية وافقوا على الصيغة المقترحة للتنسيق والتعاون الأمنيَّين من دون أي تحفظ، وهذا يسقط لجوء البعض الى التعامل مع هذه الصيغة وكأن هناك من يصر على التشفي من النظام السوري أو الحرتقة على الانفتاح اللبناني باتجاه دمشق". وعلى صعيد التحقيق في مصير زعيم"فتح الإسلام"شاكر العبسي، اعترف موقفان، أحدهما يدعى أحمد العتر لبناني من طرابلس المعتقل لدى فرع المعلومات والآخر لبناني من وادي خالد المعتقل لدى استخبارات الجيش انهما رافقا العبسي في الهروب من مخيم البداوي إلى سورية.