قال مصدر سياسي يواكب عن كثب اللقاءات التي يعقدها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مع الأطراف اللبنانيين لتهيئة المناخ لترجمة خطة العمل العربية بشأن لبنان:"لا نبالغ إذا قلنا انه لم يتمكن حتى الساعة من تحقيق أي تقدم، والمسؤولية لا تقع عليه وإنما على القوى المحلية نظراً الى ان بعضها لم يستكمل جاهزيته للسير قدماً في المبادرة العربية". وأوضح المصدر ان موسى يغادر اليوم بيروت معلّقاً مهمته، على ان يعود في 16 الجاري أي قبل أيام من موعد جلسة انتخاب الرئيس في 21 منه، آملاً بحسب المصدر، الوصول الى نتيجة ايجابية. ولفت المصدر نفسه إلى ان موسى يبذل جهوداً مضنية لتسويق المبادرة العربية، خصوصاً عبر محاولة ترميم العلاقة بين الأطراف اللبنانيين باعتبار انها تسهم في إنجاح الدور الموكل إليه من مجلس وزراء الخارجية العرب في إقناعهم بأن لا حل للأزمة في لبنان إلا باعتماد خطة العمل العربية من دون أي تعديل. وأكد المصدر ان رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، صرف النظر عن المجيء الى بيروت أقله في الوقت الحاضر، موضحاً ان موسى اتصل به. ورأى المصدر عينه ان سورية تدعم مهمة موسى في بيروت"لكن في إطار العمل من اجل تقطيع الوقت باعتبار ان الظروف الراهنة ليست ناضجة وحتى إشعار آخر لإنتاج تسوية للأزمة". وفي هذا السياق، سأل المصدر ما اذا كانت كل الرسائل الأمنية التي أطلقت من الأراضي اللبنانية وسبقت وصول موسى الى بيروت جاءت بالصدفة ولا تمت بصلة الى توفير الشروط المحلية لإنجاح خطة العمل العربية"وإلا ما معنى إطلاق صواريخ الكاتيوشا على مستعمرة اسرائيلية مع ان التحقيقات لم تؤكد انها أُطلقت من داخل لبنان؟". كما سأل المصدر عن"سر"تزامن زيارة موسى لبيروت مع"الإفراج"عن تسجيل صوتي لزعيم تنظيم"فتح الإسلام"الإرهابي شاكر العبسي يتهدد فيه العماد سليمان، وكذلك عن"صدفة"تفجير عبوة على طريق الرميلة صيدا ضد جيب تابع للوحدة الإرلندية العاملة في عداد قوات الطوارئ الدولية وفي داخلها عنصران من هذه الوحدة. وعلى رغم ان كل هذه الرسائل الأمنية سبقت وصول موسى الى بيروت، وأيضاً بدء جولة الرئيس الأميركي جورج بوش على عدد من دول المنطقة، ما جعلها تبدو مزدوجة الأهداف، فإن البعض، كما يقول المصدر، يتعامل معها على انها عينة لمستقبل الوضع في لبنان في حال لجأت الإدارة الأميركية الى خطوة عسكرية تريد منها قلب الأوضاع في المنطقة. واعتبر المصدر ان دمشق وافقت على خطة العمل العربية اعتقاداً منها بأنها قادرة على استيعاب الضغوط العربية والدولية الرامية الى انتخاب سليمان رئيساً للجمهورية تتويجاً للتوافق الداخلي وبالتالي سيكون في وسعها إعادة الاعتبار لعلاقاتها بعدد من الدول العربية بذريعة انها منفتحة على حل المشكلة. لكن المصدر سأل:"هل دمشق راغبة في إنجاز الاستحقاق الرئاسي انطلاقاً من ان الظروف السياسية مواتية لإعادة تصحيح علاقاتها العربية والدولية؟ ام انها ترى ان الوقت لم يحن الآن وأن لديها الفرصة الكافية التي تتيح لها اتباع سياسة الانفتاح من دون ان تكون مقرونة بقرار داعم للمبادرة العربية؟". كما سأل المصدر عما اذا كان لدى دمشق كل استعداد"لتبيع موقفها"بتسهيل إجراء الانتخابات للجامعة العربية، أو إذا كانت تود الإبقاء على الفراغ ريثما تسمح لها الظروف بإعادة الاعتبار لعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية وإنما هذه المرة بطريقة مباشرة. وأوضح المصدر ان دمشق ليست متضررة ابداً من محادثات موسى في بيروت"لا بل مستفيدة من وجوده بغية توظيفه باتجاه ان هناك فرصة جدية للحوار ومن ثم الاتفاق، لكن الأمر يحتاج الى مزيد من الوقت". وتابع:"ان إحالة دمشق موسى على الأطراف المحليين وتحديداً المعارضة ممثلة بزعيم"تكتل التغيير والإصلاح"العماد ميشال عون للتفاهم معه على الإطار العام التنفيذي للمبادرة العربية، تصب في خانة كسب الوقت، خصوصاً ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري قرر منذ فترة ان يأخذ على عاتقه توفير المخرج الدستوري لانتخاب سليمان في مقابل التسليم لعون بمهمة التفاوض مع الأكثرية". لكن، تبين من المحادثات التي أجراها موسى، بحسب المصدر نفسه، أن عون لا يتقاطع مع بري في موقفه باعتماد المادة 74 من الدستور لانتخاب سليمان من دون الحاجة الى تعديل الدستور ولا في موقفه الآخر بالنسبة الى تحقيق المثالثة في توزيع الوزراء على طرفي النزاع، إضافة الى رئيس الجمهورية العتيد. واعتبر المصدر ان موسى وإن كان يتصرف بمرونة من ناحية وباتباع سياسة النفس الطويل من ناحية ثانية، فإنه في المقابل يدرك الى اين يقود به الالتباس في موقف المعارضة في ضوء ما سمعه من الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله من ان الملف السياسي في عهدة عون وما على الأكثرية إلا التفاوض معه، علماً ان رئيس"تكتل التغيير"ابلغ موسى ما يرفضه، لكنه لم يطرح امامه البدائل في شأن البنود الواردة في الخطة العربية بخلاف الأكثرية التي أبلغته استعدادها لتسليمه مذكرة خطية تتضمن موقفها من الخطة في حال ارتأى ان هناك حاجة ماسة لذلك، ولا سيما ان محادثاته مع قياداتها أتاحت له الوقوف على رأيها الداعم من دون تحفّظ للمبادرة العربية. وعليه، فإن مهمة موسى ما لم يتبدل الموقف السوري ستبقى في حدود تمديد مهمته في لبنان باعتبار ان هناك حاجة للدور العربي للحفاظ على التهدئة وتوفير الأسباب الموجبة للمعارضة بتجميد تحركها بذريعة ان التحرك العربي مستمر ولن يتوقف في المدى المنظور.