وافق مجلس الوزراء اللبناني في جلسة ماراتونية عقدت أمس، في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وامتدت نحو سبع ساعات، على تشكيل"لجنة متابعة لاجتماع وزيري الداخلية اللبناني والسوري"والذي عقد في العاشر من الجاري في دمشق، على أن تشكل من الجانب اللبناني من: المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي والمدير العام للأمن العام اللواء الركن وفيق جزيني. وسجل في الجلسة تحفظ وزيرين من الالكثرية عن تشكيل اللجنة على خلفية وجوب معالجة الأمور من خلال السفارتين، ومغادرتهما الجلسة قبل انتهائها. وحصر المجلس مهمات اللجنة بأربع نقاط: البحث في السبل المؤدية الى تفعيل التعاون والتواصل بين الوزارتين والأجهزة الأمنية المرتبطة التابعة بهما، واقتراح أسس التعاون والتنسيق في مجال مكافحة الإرهاب والجرائم على أنواعها، ووضع آلية مشتركة لضبط الحدود والإجراءات اللازمة لوضعها قيد التنفيذ بالتنسيق مع سائر الوزارات والأجهزة الأمنية الأخرى، وإعداد مشروع مذكرة تفاهم للتعاون الأمني في مجال اختصاص الوزارتين على ان يرفع المشروع المذكور الى الجهات المختصة دستورياً لإقراره. وأقر المجلس أن تجتمع اللجنة بالتنسيق بين وزيري الداخلية في البلدين،"وعلى لجنة المتابعة ان تنجز مهمتها في مهلة ثلاثة اشهر اعتباراً من اكتمال موافقة مجلسي الوزراء في كل من البلدين على إنشائها، وترفع اللجنة تقريرها الى وزير الداخلية والبلديات الذي يحيله مع اقتراحاته الى مجلس الوزراء". وكانت الاتصالات التي أجراها كل من الرئيس سليمان ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة قبل انعقاد الجلسة تمحورت حول ضرورة التهدئة، وقال وزير بارز ل"الحياة"ان الاتصالات"هدفت الى ضمان جلسة هادئة وصريحة، وان تجرى مناقشة زيارة وزير الداخلية زياد بارود لدمشق من دون حدة وبمرونة، خلافاً للسجال السياسي الذي ساد الأسبوع الماضي". وأشار المصدر نفسه الى ان المفاجأة كانت عندما أدخل الوزير بارود الى التقرير الذي كان وزعه على الوزراء عن الزيارة، تعديلين، أولهما"عدم تفويض اللجنة إنشاء لجان فرعية، وثانيهما وجوب ان تحصل اجتماعات التنسيق مباشرة بين الوزارتين ولا تمر بالمجلس الأعلى اللبناني - السوري أو ان يكون له أي دور في ذلك، وجدد تأكيد ضرورة العودة الى مجلس الوزراء في كل شيء". والجلسة التي شهدت خروج وزراء لإجراء اتصالات هاتفية ومن ثم عودتهم الى القاعة، اعترض خلالها وزير الدولة وائل أبو فاعور على مبدأ تشكيل اللجان المشتركة مع الجانب السوري، سائلاً عن دور السفارة، واعترض بدوره وزير الدولة جان أوغاسبيان على المبدأ نفسه"انطلاقاً من ضرورة إعطاء الأولوية لتبادل السفراء بين البلدين لتكون السفارات هي المدخل لمعالجة الأمور كما هو معمول في بلدان العالم". ورأى ان"لا داعي للاستعجال طالما ان البلدين يقولان ان تبادل السفراء سيتم قبل نهاية العام الحالي". وأشار المصدر الى ان الاعتراض على مبدأ تشكيل اللجان شمل وزراء آخرين أبرزهم وزراء المال محمد شطح والدولة نسيب لحود والثقافة تمام سلام، إلا ان اعتراضهم لم يصل الى حد التحفظ عن القرار. وكان بارود أكد خلال الجلسة انه رفض إحياء اللجان السابقة في إطار معاهدة التعاون والتنسيق بين البلدين"لأن هذا لا يؤسس لمرحلة جديدة". وكان أكد خلال اجتماعاته في دمشق انه لا يسير بأمور يعرف مسبقاً انها لن تمر في مجلس الوزراء. وأشار وزير الإعلام طارق متري في تلخيصه لمسار الجلسة الى ان بارود أكد خلالها أن لجنة المتابعة التي تحدث عنها لا علاقة لها باللجان الأمنية المشتركة المعروفة سابقاً ولا تشبهها لا في تشكيلها ولا في مهماتها". وأفاد المصدر الوزاري"الحياة"بأن بارود أبلغ الوزراء انه أثار مع نظيره السوري في اجتماع الاثنين الماضي موضوع الاعترافات التي أدلى بها موقوفون في سورية واتهموا"تيار المستقبل"بدعم تنظيم"فتح الإسلام"، وهنا ذكّر الرئيس سليمان بحسب الوزير متري،"بما أعلنه غير مرة بأن تيار المستقبل ومناصريه ومن يمثلون وقفوا وبقوة الى جانب الجيش اللبناني واحتضنوه وأيدوه في معركته ضد تنظيم فتح الإسلام، وفي السياق نفسه ذكّر الرئيس سليمان بالدعم الذي تلقاه الجيش اللبناني من سورية في تلك المعركة". ورفض عدد من الوزراء في مداخلاتهم الاتهامات للبنان بأنه قاعدة للإرهاب، وتقاطعت مواقف الوزراء حول الموقف القائل إن خطوة الاعترافات"لا تنسجم مع الانفتاح اللبناني على دمشق والزيارات التي بدأت وتحديداً زيارة بارود، إذ جاءت الاعترافات عشية الزيارة، كما انها تسهم في فرار ملاحقين بانتمائهم الى هذا التنظيم". وأبلغ بارود الوزراء انه أثار في دمشق موضوع المعتقلين والمفقودين في السجون السورية وان نظيره السوري ابلغه ان الأمر ليس عنده، ورد بارود بأن الموضوع يجب متابعته وان كل أجهزة وزارة الداخلية اللبنانية هي بتصرف لجنة أهالي المفقودين. وأثار عدد من الوزراء مسألة التحقيقات التي تنشر في الإعلام اللبناني عن قضية تنظيم"فتح الإسلام"وسألوا عن الحقيقة والمصلحة في نشر تحقيقات يفترض انها سرية.