تغير المشهد الانتخابي للسباق الرئاسي الأميركي أمس، مع تحقيق المرشح الديموقراطي باراك اوباما قفزة ساحقة في استطلاعات الرأي وتوسيع رقعة تقدمه الى ولايات جنوبية وغربية كانت لوقت طويل معاقل للجمهوريين. جاء ذلك عشية المناظرة للمرشحين لمنصب نائب الرئيس: الجمهورية سارة بايلن والديموقراطي جوزيف بايدن، في ظل مخاوف حملة المرشح الجمهوري جون ماكين من أخطاء"كارثية"لنائبته تطيح بحظوظ الجمهوريين. وعلى إيقاع الأزمة الاقتصادية واستياء الرأي العام من سياسة الجمهوريين وإدارة الرئيس جورج بوش، وسّع المرشح الديموقراطي رقعة المنافسة مع ماكين لتشمل بحسب استطلاع لمجلة"تايم"، ولايات نيفادا وكولورادو ومينسوتا غرباً، وميسوري ونورث كارولينا جنوباً، وهي ولايات لم يفز فيها الديموقراطيون منذ أيام بيل كلينتون في عامي 1992 و 1996 ، ويتقدم فيها أوباما اليوم، كما تقدم في الولايات الحاسمة تقليدياً مثل فلوريدا وأوهايو وبنسلفانيا. وفي حال ترجمة الاستطلاعات على الأرض، تعكس خارطة موقع"ريل كلير بوليتيكس"أن أوباما يتجه الى فوز ساحق وبفارق 168 هيئة انتخابية عن ماكين، وهي نسبة غير مسبوقة منذ عام 1996، اذ انشطرت الولاياتالمتحدة بالتساوي بين الحزبين في ال2000 وال2004. وعزا المعلقون التحول في الاستطلاعات بالدرجة الأولى الى الأزمة الاقتصادية، وحال الارتباك في حملة ماكين ، ما انعكس بحسب صحيفة"بوليتيكو"، خوفاً بين كبار القادة الجمهوريين من خسارة فادحة في الانتخابات خلال خمسة أسابيع، ودعوتهم ماكين الى الهجوم بشراسة أكبر على منافسه. الا أن العامل الاقتصادي يقف حاجزاً أكبر امام الجمهوريين وخصوصاً في ظل تحول المجتمع الأميركي برأي الخبراء، من"فلسفة رونالد ريغان المحافظة"الى"فلسلفة باراك أوباما"الداعية الى تدخل حكومي أكبر في السوق المالي. وأشار الكاتب في مجلة"نيوزويك"هوارد فاينمان في مقال عنوانه:"بدء عصر أوباما"أنه حتى لو خسر أوباما السباق، فقد تحول الملعب السياسي كثيراً باتجاه أفكار حملته وفلفسته في الحكم. وأعلن فاينمان "وفاة رأسمالية رعاة البقر وعصر المحافظين في الولاياتالمتحدة الذي بدأه رونالد ريغان في 1980، وانطلاق مرحلة التدخل الحكومي في السوق وهو ما يؤيده الديموقراطيون. وتوقع الكاتب أن يسيطر هذا التوجه على مدى سنوات، وأن أبرز انطلاقاته ستكون الخطة الإنقاذية العالقة في الكونغرس والتي ستضمن بعد إقرارها، مزيداً من الرقابة على"وول ستريت". ورأى الكاتب أنه في حال فوز أوباما سيكون الفضل الأكبر للأزمة الاقتصادية، ولتحويلها الانتباه عن مسائل الأمن القومي والإرهاب، السلاح الأقوى للجمهوريين، وعزا ذلك الى رغبة الأميركيين في رؤية تغيير في القيادة والتوجه العام للبلاد وهو ما يرسخه المرشح الديموقراطي. واتجهت أنظار الأميركيين نحو مناظرة بايلن - بايدن أمس، وفي ظل ترقب لأداء حاكمة ألاسكا، ومخاوف لحملة ماكين من ارتكابها أخطاء فادحة قد تكلف الجمهوريين السباق، كما أفادت صحيفة"بوليتيكو". وأتت هذه المخاوف بعد أسبوع مليء بالأخطاء لبايلن، عجزت فيه وخلال مقابلة مع"سي.بي.أس"، عن إعطاء أمثلة عن سياسة ماكين الاقتصادية، أو تسمية قرارات للمحكمة العليا تعارضها، غير الإجهاض. وأظهر استطلاع لمؤسسة"بيو"أن 51 في المئة من الأميركيين يعتقدون أن بايلن غير مؤهلة لتولي الرئاسة في حال حدوث أي طارئ لماكين. وخضعت المرشحة لتدريبات متواصلة على يد مفكرين جمهوريين مثل تشارلز كورثايمر وبيل كريستول للتحضير للمناظرة التي جرت في ولاية ميسوري ليل الخميس - الجمعة. وأشار كريستول في مقال في"نيويورك تايمز"عنوانه"كيف يفوز ماكين"، أن المرشح الجمهوري في طريقه الى الخسارة الا في حال انقلابه على مستشاريه والمسار التقليدي لحملته. ونصحه المعلق بالحديث عن الأزمة الاقتصادية بدل الهرب منها، والاعتراف بأن مرحلة ركود وأيام أسوأ تنتظر الأميركيين، ما يتطلب حجماً كبيراً من القيادة وهو ما يتميز به عن منافسه. كما ينصحه بإطلاق سراح بايلن بدل احتجازها بين المستشارين ومساعدي بوش القدامى. ورأى كريستول أن المناظرة هي في غاية الأهمية ، وأن أداء سيّئ لبايلن قد يطيح بما تبقى للجمهوريين من أمل في الفوز، فيما سيترك الأداء الجيد فرصة للعودة بقوة الى السباق. وحاول الفريقان خفض التوقعات من المناظرة، مع تأكيد الديموقراطيين على أن بايلن متمكنة من فنون المناظرة ولديها من الكاريزما ما كان لدى أسطورة الجمهوريين الرئيس الراحل رونالد ريغان، في وقت استحضر الجمهوريون سجل بايدن الطويل في الخطابات السياسية والذي عرفته بايلن"منذ المدرسة الاعدادية". وهاجمت المرشحة قبل المناظرة مواقف بايدن لرفضه ضخ النفط في المناطق المحاذية للشواطئ، و"ليبيراليته"في القضايا الاجتماعية.