بدأ نائب مدير الاستخبارات المصرية اللواء عمر القناوي، بتكليف من الرئيس المصري حسني مبارك، جولة على القيادات اللبنانية الرسمية والسياسية في مهمة استطلاعية لتأكيد الحضور المصري، كجزء من الحضور العربي في لبنان، وللوقوف على ما يمكن مصر القيام به لتعزيز الجو الوفاقي الداخلي والمساعدة على حل المشكلات التي ما زالت عالقة، اضافة الى سؤاله بعض الذين التقاهم عن رأيهم في احتمال إجراء مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل على غرار المفاوضات الجارية بين سورية وإسرائيل من اجل استرجاع مزارع شبعا المحتلة. راجع ص 7 وكان القناوي وصل ليل أول من امس الى بيروت من طريق الكويت في زيارة تستمر حتى غد الثلثاء، وباشر تحركه امس فالتقى تباعاً رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس حزب الكتائب رئيس الجمهورية السابق امين الجميل ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي يتوجه غداً الأربعاء الى القاهرة ليرأس مع نظيره المصري احمد نظيف اجتماعات اللجنة العليا اللبنانية - المصرية المشتركة. كما إلتقى رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط. ويلتقي الموفد المصري اليوم رئيس المجلس النيابي نبيه بري وقيادات في الأكثرية والأقلية في البرلمان أبرزها رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري ورئيس تكتل"التغيير والإصلاح"العماد ميشال عون ورئيس الهيئة التنفيذية لحزب"القوات اللبنانية"سمير جعجع، ووفد من"حزب الله"يرجح ان يكون برئاسة وزير العمل محمد فنيش. وبالنسبة الى لقاء سليمان والقناوي، علمت"الحياة"انه جرى خلاله استعراض الزيارة المرتقبة لسليمان الى القاهرة في الثامن من تشرين الثاني نوفمبر المقبل. ونقل القناوي رسالة من مبارك الى سليمان وفيها تأكيد دعم مصر للشرعية اللبنانية ووقوفها الى جانبها في رعايتها للحوار اللبناني - اللبناني باعتباره الأساس لحل المشكلات والحفاظ على الاستقرار العام في لبنان. إضافة الى قلق مبارك على الوضع فيه لما سيكون له من انعكاسات على جهود التهدئة. وبحسب المعلومات، فإن القناوي أبلغ الذين التقاهم ان الرئيس مبارك أوفده الى لبنان قبل ان يتوجه بعد غد الأربعاء الى باريس للقاء نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي. وأبدى القناوي ارتياح القيادة المصرية الى الإنجاز الذي تحقق بإقامة علاقات ديبلوماسية بين لبنان وسورية وسأل عما هو المطلوب من مصر للمساعدة على حل المشكلات العالقة بين البلدين، فقيل له ان هناك مشكلة اساسية تتعلق بتحديد الحدود بين البلدين وخصوصاً في منطقة مزارع شبعا ليكون في مقدور الحكومة اللبنانية استعادتها وفقاً لما نص عليه القرار الدولي 1701 الذي وضع آلية لاسترجاعها على مرحلتين تقضي الأولى بإعادتها الى سلطة القوات الدولية"يونيفيل"والثانية ببسط سلطة الدولة اللبنانية عليها من خلال نشر الجيش اللبناني فيها. واعتبرت مصادر مواكبة لمهمة القناوي في بيروت ان تطرق الأخير الى زيارة مبارك لباريس، أوحى وكأن بلاده عازمة على حض ساركوزي على مواصلة جهوده من اجل تنقية العلاقات اللبنانية - السورية من الشوائب. وكشفت المصادر نفسها ان معظم القيادات التي التقاها القناوي، اكدت في معرض إجابتها عن سؤاله في شأن احتمال توافق الأطراف اللبنانيين على إجراء مفاوضات لبنانية - إسرائيلية غير مباشرة، ان لبنان ملتزم كلياً مبادرة السلام العربية وأنه جزء منها وأن استرجاع مزارع شبعا يكون من خلال الضغط على اسرائيل لتطبيق القرار 1701. ولاحظت المصادر عينها ان القناوي كان مستمعاً أكثر منه متحدثاً وأنه حضر الى بيروت لتجميع المعلومات عن آخر التطورات المستجدة في لبنان من ناحية، وللوقوف على رأي القيادات اللبنانية في شأن ما يمكن مصر القيام به لتعزيز الجو الوفاقي الداخلي. وإذ أكد القناوي - بحسب المعلومات - ان أبواب القاهرة مفتوحة امام جميع الأطراف اللبنانيين، حرص في المقابل على تجديد الدعوات لعدد منهم الى زيارة مصر وعلى رأسهم الجميل وعون و"حزب الله"باعتبار ان الآخرين على تواصل مع القيادة المصرية. ولفتت المصادر الى انه يجب عدم توقع نتائج سريعة من زيارة القناوي تترك تأثيراتها الإيجابية في الوضع الداخلي، بمقدار ما ان لمحادثاته في بيروت معنى باعتبارها أول إشارة مباشرة الى رغبة مصر في التواصل مع جميع الأطراف، وهذا ما يفسر دعوتها سابقاً الرئيس عمر كرامي. وتابعت المصادر ان القناوي أبدى رغبة في معرفة حاجات لبنان وسأل عن التوقعات من اجتماع اللجنة العليا اللبنانية - المصرية وطلب إيجاد تسوية لمشكلة العمالة المصرية في لبنان في ضوء ما يعانيه العمال المصريون البالغ عددهم 60 ألفاً من مشكلات تتطلب حلولاً سريعة. ونقلت عن القناوي قوله ان مصر التي تدعم تكريس الهدوء والاستقرار في لبنان تؤيد بلا تحفظ اتفاق الدوحة. كما نقلت عنه استعداد مصر لأن تأخذ مبادرة في هذا الإطار إذا لاحظت ان هناك ضرورة لدور مصري في هذه المرحلة، مؤكداً ان علاقاتها العربية تسمح لها بهذا التحرك. ونقلت المصادر عن القناوي قوله ان علاقة مصر بسورية ليست سيئة بالقدر الذي يظنه البعض وأن قنوات الاتصال بين البلدين لم تنقطع وأنه في حال حصول تنسيق بينهما فإنه يسهم في تهدئة الوضع في لبنان. اما الرئيس الجميل فأبلغ القناوي ان من مصلحة لبنان تنقية الأجواء العربية لما تتركه من آثار إيجابية على وضعه الداخلي. وشدد القناوي بدوره على التعاون السعودي - المصري من أجل لبنان واصفاً العلاقات السورية - السعودية بأنها ما زالت على حالها. كما استفسر عن التوقعات من الجلسة المقبلة لمؤتمر الحوار. ومع ما هو معلن وما تسرب من معلومات عن زيارة قناوي هناك من يعتقد بأنه يسعى ايضاً الى تنقية العلاقات داخل الطائفة السنية في ضوء تجربة الاتصال المصري بكرامي، إضافة الى توجيه دعوات الى عدد من القيادات المسيحية نظراً الى قدرة مصر على لعب دور في التهدئة بين المسيحيين.