طرح تحطيم العداء الأثيوبي هايله جبريسيلاسي الرقم القياسي العالمي لسباق الماراثون، حين سجل في سباق برلين يوم 28 أيلول سبتمبر الماضي 2.3.59 ساعة، السؤال مجدداً عن"الحدود القصوى"الممكن أن يبلغها الرقم في السنوات القليلة المقبلة، استناداً الى"الرحلة"التي قطعها في العقود الأربعة الماضية. علماً أن آفاق الرقم العالمي مطروحة في أي مسابقة أو اختصاص. تمكن جبريسيلاسي من كسر حاجز ال2.4 ساعة واعتبر محللون أن كسر حاجز الساعتين يلزمه ربما 20 سنة أخرى. ولعلهم في هذا التوقع عادوا بالذاكرة ونبشوا سجلات السباق وتوقفوا عند تسجيل الأسترالي ديريك كلايتون 2.9.36 ساعة كاسراً حاجز 2.10س عام 1967. واستعادوا محطات الإنجازات، ومنها رقم البرتغالي كارلوس لوبيز 2.7.12س عام 1985، والمغربي خالد الغنوشي 2.5.42 س عام 1999، والكيني بول تيرغات 2.44.55س عام 2003 في برلين أيضاً، أي المراحل التي شهدت"كسر جدران"وإزالة"حواجز نفسية". وعلّق جبريسيلاسي على مقارنات هؤلاء وتحليلاتهم متوقعاً بدوره بلوغ عتبة الساعتين وما دونها"يوماً ما... لكن لا يزال بعيداً"، والسبب برأيه"عدم وجود عدائين قادرين على تحقيق ذلك". لافتاً الى سعيه لبلوغ ال2.2س"أما تعزيز الرقم العالمي بحسم 4 دقائق منه، فذلك يتطلّب إنتظار 20 سنة، مع ما تحمله من تطور في برامج التدريب ونوعية أحذية الجري"، مع الإشارة الى أن رقم جبريسيلاسي تحقق بعد مرور 24 سنة على تسجيل الأميركي ستيف جونز 2.8.5س في شيكاغو. وينتظر أن تتضح الصورة أكثر في السنوات المقبلة مع إختمار موهبة الكيني صامويل وانجيرو 21 سنة بطل دورة بكين الأولمبية 2.6.32س، والذي سجل 2.5.24س في ماراثون لندن 2008. ويؤكد وكيل وانجيرو فريديركو روزا أن كلاً من العداء الكيني ومواطنه مارتن ليل هما المؤهلان حالياً لتحطيم رقم جبريسيلاسي، في برلين أو دبي، حيث يوجد أسرع مسارين للمسافة 42.195كلم. ويعتبر روزا أن بامكان وانجيرو وليل بلوغ حاجز ال2.2س. ووحده الاثيوبي كينينيسا بيكيلي، بطل العالم ودورة بكين في ال10 آلاف م، يملك الإمكانات الفنية التي تؤهله للإقتراب من زمن الساعتين، لكن تحوله الى سباقات الماراثون لن يتم قبل دورة لندن الأولمبية عام 2012. بدوره، يشير الهولندي يوس هيرمنس وكيل أعمال جبريسيلاسي وبيكيلي، الى أن الأخير ووانجيرو"سينزلان"بالرقم العالمي الى حدود 2.1س. ويرى أن زمن الساعتين"ملك الجيل المقبل من العدائين"، موضحاً أنه سيكون محصوراً ب"طينة خاصة من الأبطال الذين يعتمدون تدريباً منهجياً خاصاً". طبعاً الأمور مرهونة بما سيتحقق ميدانياً، والا لما تفاجأ الأميركي"الأولمبي"مايكل جونسون ب"إعصار"الجامايكي أوساين بولت خصوصاً بعدما حطّم رقمه"الخرافي"في ال200م 19.30ثانية، معطوفاً على إجتيازه الإنفجاري لسباق ال100م في بكين 9.69ث. فقال جونسون في معرض تعليقه على نتيجة بولت:"من كان يتنبأ منذ 12 عاماً تاريخ تحطيمه الرقم العالمي في أتلانتا أن عداء مثل بولت سيتألق هنا في بكين؟". وفي ضوء المسيرة الطويلة هناك عقبات كثيرة تعترض مراحل الإعداد والتطور، مع الأخذ في الاعتبار عوامل إضافية استثنائية. لاسيما عوامل مناخية طارئة على حدّ تعبير هيرمنس. فزيادة نسبة التلوث قد تؤدي الى مشاكل في التنفس تعيق عطاء العدائين خصوصاً الاختصاصيين في المسافات الطويلة، وفي مقدمها الماراثون. من جهته، يلفت الأميركي ألبرتو سالازار، أحد أبرز عدائي الماراثون في عقد الثمانينات من القرن الماضي والذي يتولى تدريب مجموعة من عدائي النخبة حالياً، الى أن الإقتراب من حاجز الساعتين"دونه فترة طويلة"وتطور"في علم التدريب والإعداد البدني". مستدركاً أن التوقعات ذاتها والمقارنات عينها كانت مثار جدل حين كسر البريطاني روجير بانيستر حاجز الدقائق الأربع في سباق الميل عام 1954. لكن لتحقيق ذلك في الماراثون يجب أن يكون رقم نصف الماراثون أقل بدقيقة من الرقم العالمي الحالي المسجّل باسم وانجيرو 58.33 دقيقة، وأيضاً التمتع بالطاقة الكفيلة بتسجيل زمن مماثل في النصف الثاني، وهذا مضنٍ جداً...فلننتظر ونرَ.