بدا العداء الأثيوبي العالمي هايله جبريسيلاسي غاضباً لدى اجتيازه خط النهاية في سباق ماراثون امستردام الدولي الأحد الماضي، على رغم فوزه به، لأنه لم يمنح مناصريه والمعجبين بمسيرته الاستثنائية، فرصة الاحتفال بتحطيم الرقم العالمي. عزز جبريسيلاسي رقمه الشخصي مسجلاً 2.6.20 ساعة السابق 2.6.35س، لكنه ظل بعيداً من الزمن القياسي الذي يحمله الكيني بول تيرغات 2.4.55س. ولما تقدم أسباب عدة فنية ومناخية، لكن النتيجة عموماً لافتة وواعدة بالنسبة للبطل العالمي والأولمبي في ال10 آلاف متر. لقد اختلف ايقاع الجري بالنسبة لجبريسيلاسي لأن الانطلاق في السباق كان عند الحادية عشرة قبل الظهر بدلاً من التاسعة، أي في الوقت الذي اعتاد فيه العداء الأثيوبي الفذّ تناول طعام الغداء، وتصاعد الموقف سلباً في الكيلومترات السبعة الأخيرة، في أوج لحظات المنافسة بسبب اشتداد الريح، علماً أن"الأرانب"أمنوا له اجتياز منتصف المسافة بزمن مقداره 1.2.3 ساعة. وعند الكيلومتر العشرين، كان جبريسيلاسي يملك تقدماً بمقدار 56 ثانية عن الوقت الذي سجله تيرغات حين حطم الرقم العالمي عام 2003 في برلين. ويلفت جبريسيلاسي الى ان الريح ربما أخّرته دقيقتين، مذكّراً بأن الحرارة والهواء هما خصمان شديدان لعدائي المسافات الطويلة، ومطمئناً الجميع بأنه في حال بدنية ممتازة،"تجاوزت الاصابات وأوجاع القدمين، حتى أني بلغت خط النهاية في أمستردام ولم أشعر بالتعب مطلقاً". سجل جبريسيلاسي في أمستردام الرقم ال11 عالمياً، و"يفكر بصوت عال"واضعاً نصب عينيه اللقب الأولمبي في دورة بكين عام 2008، كاشفاً عن عزمه جري ماراثون لندن في نيسان أبريل المقبل، السباق الذي دشّن من خلاله هذه السنة انتقاله الى الاختصاص الجديد،"وحيث أخطط للفوز وتتجاوز أهميته حالياً تحطيم الرقم العالمي"، موضحاً ان تكتيك المنافسة يختلف عنه في سباقات المضمار"التي هي أصعب عموماً... المطلوب منك في السباق المفتوح اتباع ايقاع محدد ومراقبة ساعة التوقيت خشية التباطؤ غير المقصود...". ويرى الهولندي يوس هيرمنز مدير أعمال جبريسيلاسي، ان الأخير يملك طاقة مضاعفة السرعة في الكيلومترات الأخيرة، ما يرجّح كفته في المستقبل، ويشير الى ان تيرغات حطّم الرقم العالمي في برلين متجاوزاً سامي كورير في"السبرنت الأخير"، لكنه أكثر جاهزية الآن نظراً لخوض سبعة سباقات قبل انجازه في برلين،"لذا لا يمكن التفكير باستعداد جبريسيلاسي لتحطيم الرقم العالمي قبل أن يجري في أربعة أو خمسة ماراثونات على الأقل". ويتحدث هيرمنز من منظار الخبير وصاحب التجربة الفنية اذ حمل سابقاً الرقم القياسي العالمي ضد الساعة، ويتفق مع عدد من اختصاصيي علم الأنسجة والعضلات، بأن جبريسيلاسي 32 عاماً لا يزال يحمل الآثار الكثيفة لتدريبات ال10 آلاف متر التي جعلت أليافه العضلية سريعة الانقباض فضلاً عن معاناته من الاصابات... و"وحده الوقت سيحوّل هذه الألياف تدريجاً ويجعلها أكثر مناعة وقابلة للعطاء المطلوب وتحمّل الجهد المبذول في الماراثون"، لافتاً الى ان عدائي ال10 آلاف متر يتكيّفون أكثر من غيرهم في الماراثون مذكّراً بتيرغات حامل الرقم القياسي العالمي السابق في ال10 آلاف متر عام 1997 26.27.85 دقيقة، والبريطانية باولا رادكليف بطلة العالم وحاملة الرقم العالمي في الماراثون وحاملة الرقم الأوروبي في ال10 آلاف متر 30.1.09د. ويؤكد جبريسيلاسي انه لم يشخ"أنا في عافية تامة"... ويتطلع الى اعادة ارث اثيوبيا في سباقات الماراثون الأولمبية على خطى الرواد من بيكيلا الى وولدي، ويواكبه عن كثب هيرمنز الذي يفتش عن أفضل السبل والفرص ليحقق له أحلامه، ولا بدّ من سباقات تنشيطية عدة تحفّز البطل الأثيوبي، ومنها سباق ضد الساعة كفيل أن يحطّم فيه الرقم العالمي ويعزز ثقته وجدارته.