مشاريع تنموية صغيرة تنتشر في المخيمات الفلسطينية في سورية، لا تتوخّى الربح، إنما تنمية المهارات الفردية، لتعود في ما بعد، بالفائدة والربح على أصحابها، فيتمكنون من إدارة حياتهم اليومية بطريقة مجدية. "مركز هوية للتنمية والإبداع"من المؤسسات التي تنفّذ مثل تلك المشاريع. نشاطاته متنوعة تسعى إلى تقديم خدمات ذات طابع اجتماعي للفلسطينيين داخل المخيمات. وأبرزها مشروع صغير أطلقته أسرة المركز، بإدارة خيرية الزبيدي، ويقوم على تدريب النساء على استخدام ماكينات الخياطة، ليمكّنهن في ما بعد من العمل وإدارة حياتهن. ومشروع الخياطة هذا من بنات أفكار نساء في منطقة الحسينية، المتاخمة لمخيم السبينة للاجئين الفلسطينيين. وهي منطقة مكتظة فقيرة، تفتقر إلى مياه الشرب. بيوتها عشوائية من دون مراخيص. طرقها ترابية، وتقوم على أراض زراعية. فضّلت خيرية الاجتماع بنساء المنطقة لاستشفاف حاجاتهن والعمل على تلبيتها. فاقترحن الالتحاق في ورشة للخياطة، على أساس أن التدريب لا يأخذ وقتاً طويلاً، ويتناسب مع قدراتهن ومؤهلاتهن، فضلاً عن زيادة احتمالات فرص العمل والمردود السريع نسبياً. بعض التجار الفلسطينيين تضامنوا معهن وجمعوا الأموال. وأتت أيضاً مساعدة من"تجمع حق العودة"، ومركزه في الولاياتالمتحدة الأميركية، لتحمل تكاليف شراء المنزل أو مكان العمل والماكينات، التي وفّرت منظمة"أونروا"بعضاً منها. انطلق التدريب وتوزّعت المشاركات على ماكينة الحبكة وماكينة الخياطة وماكينة الفرز والتغليف، والتسويق. إلاّ أن حداثة عهد الورشة وصغرها، جعلاها قليلة الإنتاج، فهي لا تزال"تعتاش"مما ترسله معامل أخرى أكبر حجماً. وتنفّذ الورشة الصغيرة أعمال التشطيب الأخيرة على الملابس. عملهن إذاً، حتى الآن، يؤمّن فقط استمرار الورشة. والنسوة سريعات التعلم، بفضل رغبتهن وفضولهن، وأملهن بتحسين أحوالهن. إحدى العاملات في المركز، وهي امرأة أربعينية، رفضت تعلم الخياطة، واكتفت بعملية الفرز والتغليف، لأنها سهلة ولا تحتاج إلى تركيز وخبرة. عاملة أخرى كانت بدأت تعلم الخياطة قبل افتتاح هذا المشغل. دفعها إلى ذلك طلاقها بسبب عقمها، وعزمها على الخروج من قوقعتها، فباعت مجوهراتها لتحصل على ماكينة خياطة تنطلق بها في مشروع خاص. خبرتها السابقة جعلتها مديرة المشغل، بعد افتتاحه. العمل في المشغل مستمر بفضل بعض معامل الخياطة، خصوصاً أن القدم والخبرة يكتسبان أهمية في هذه المهنة، وهو بعيد من المجال الحيوي والاقتصادي لمدينة دمشق، حيث تكثر التعاملات التجارية وطلبات المعامل الكبرى. وعلى رغم صعوبة المسيرة، شجّع الطابع الإنساني الذي يتحلّى به هذا المشغل، بعضهم على التبرع لافتتاح مركز آخر في مخيم فلسطيني مجاور، لتوفير فرص عمل جديدة. لكن يبقى السؤال عن مدى تطوير هكذا مشاريع وإمكانات توسّعها، في الشكل الذي يعود بالنفع على أعداد متزايدة من الخيّاطات؟