تستعد موسكووواشنطن لعقد جولة جديدة من المحادثات حول ملفات التسلّح والأمن الإستراتيجيين، على رغم توتر العلاقات وزيادة حدة الانتقادات المتبادلة بين البلدين بعد أزمة القوقاز. ولاحت بوادر لتخفيف الجمود الذي ضرب علاقات البلدين بعدما أعلن أمس الناطق باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك إن الولاياتالمتحدةوروسيا ستعقدان اجتماعاً تشاورياً لبحث تجديد معاهدة الحدّ من الأسلحة الهجومية الإستراتيجية أواسط تشرين الثاني نوفمبر المقبل في جنيف. وجاءت هذه التصريحات بعد يومين على إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن استعداد موسكو استئناف الحوار مع واشنطن في قضايا الأمن الإستراتيجي وفق صيغة"2+2"التي جمعت وزراء الخارجية والدفاع من البلدين في جولات من المناقشات. يذكر أن معاهدة الحدّ من الأسلحة الهجومية التي تحدث عنها ماكورماك تقترب من نهاية فترتها في كانون الأول ديسمبر 2009 . وبحسب نصوص الاتفاقية يتوجب على الطرفين الشروع في محادثات لتجديدها قبل عام على انتهاء مدتها، أي خلال الشهر المقبل. وألزمت المعاهدة التي وقعت عام 1994 الجانبين تخفيض ترسانتهما النووية إلى 6 آلاف رأس. ووقع البلدان معاهدة إضافية عام 2002 قضت بمواصلة تخفيض عدد الرؤوس النووية لديهما ليراوح بين1700 و2200 رأس مع حلول نهاية 2012، وفي حال لم يجدد الطرفان الاتفاقية قبل نهاية العام المقبل فإن هذا التعديل يغدو مهدداً. لكن روسيا دعت من جانبها إلى تحديث المعاهدة السابقة كلياً، وإضافة بنود عليها حول الرقابة على التسلح، وأيضاً توسيعها بإشراك بلدان أخرى حتى"لا تظل قضايا الأمن الإستراتيجي حكراً على موسكووواشنطن"كما يشير مسؤولون روس. ويسعى البلدان من خلال التأكيدات الأخيرة على مساعي استئناف الحوار إلى عدم تعميق هوة الخلاف في القضايا الإستراتيجية. علماً أن موسكو انسحبت في وقت سابق من معاهدة الحدّ من الأسلحة التقليدية في أوروبا ولوّحت بالانسحاب من اتفاق يتخلص البلدان بموجبه من ترسانتهما الصاروخية المتوسطة المدى، في إطار الرد الروسي على نيات واشنطن نشر الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية. في غضون ذلك، أعلن سفير الولاياتالمتحدة لدى روسيا جون بايرلي أن واشنطنوموسكو ستجريان محادثات على مستوى الخبراء حول إجراءات الثقة في مجال الدفاع المضاد للصواريخ. وقال الديبلوماسي الأميركي أمس ان بلاده طلبت من الخارجية الروسية إعطاء تحديد دقيق لما تراه موسكو تهديداً لها من نشر الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية، وكيفية تبديد هذا القلق. وأضاف أن اللقاء الأميركي - الروسي على مستوى الخبراء سيعقد خلال الشهر الجاري. وأكد مصدر ديبلوماسي روسي تحدثت إليه"الحياة"عزم موسكووواشنطن إجراء مشاورات على مستوى الخبراء حول هذه القضية. لكنه أوضح إن الطرفين لم يحددا موعد إجراء تلك المشاورات بعد. اللافت أن الحديث عن مشاورات روسية - أميركية حول ملف الدرع الصاروخية تزامنت مع ظهور بوادر على إزالة عقبة مهمة أمام تقريب المواقف، إذ أعلن رئيس حكومة جمهورية تشيخيا ميريك توبولانيك استعداد بلاده للتوصل إلى اتفاق مع موسكو حول قيام مراقبين روس بمتابعة نشاط المنظومة المنوي نشرها على الأراضي التشيخية. لكنه اشترط ألا يكون وجود المراقبين الروس دائماً. ومعلوم أن موسكو تعتبر الدرع الأميركية تهديداً مباشراً للأمن الروسي وتطالب بصوغ تحرّك مشترك لمواجهة التهديدات الصاروخية على أوروبا. وأشار مسؤولون روس إلى أن مطلب وجود العسكريين الروس في منشآت الدرع المنوي نشرها في تشيخيا وبولندا"حيوي وغير قابل للمناقشة". واللافت أن هذه التطورات تزامنت مع إعلان الإدارة الأميركية رفع قيود كانت مفروضة على دخول مواطني جمهوريات كانت منضوية في السابق في حلف وارسو إلى الأراضي الأميركية. وشملت التسهيلات بلداناً بينها بولندا وتشيخيا لكنها لم تنسحب على روسيا التي تطالب منذ سنوات بتخفيف القيود على سفر مواطنيها إلى الولاياتالمتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي.