"العكيد"أبو شهاب في حارة الشام ليس هو العكيد في بلاد الفايكنغ التي زارها أخيراً ليحظى بتكريم الجاليات العربية فيها، ففي الأخبار أن"عكيد"باب الحارة المتوج زار السويد والدنمارك تلبية لدعوة مواطنين عرب يقيمون في هذين البلدين بدعوى الاحتفاء به وبالمسلسل الذائع الصيت. زيارة"العكيد"لا تحمل هنا مضامين أو رموزاً ينبغي أن يتدافع المهتمون وراءها من أجل تحليلها أو فك شفراتها، فقد تكون زيارة محض شخصية، بخاصة أن الفضائيات العربية يمكنها أن تنصب خيمة هنا أو خيمة هناك من أجل الاحتفاء بنجوم هذا المسلسل من باب التشديد على"القيم النبيلة والأخلاق المصانة والشجاعة والنخوة الآسرة"... الخ. وبالطبع ما من حدود لأوتادها المغروسة في الأرض"المشاع"- درامياً -، وليس هناك سوى مرآة واحدة يحملها العكيد ويطوف بها على الجميع ليروج لجزء رابع في بلاد الفايكنغ الذين تخلوا عن شجاعتهم طواعية. فالعكيد لا يسبب أرقاً لهم، ليس لأنهم يهابونه كما هو حال رجالات حارة الضبع وأبو النار والحارات الأخرى، فهم رجال أشداء وأصحاب بأس، ولكنهم لا يعرفون عنه شيئاً، ولم يسبق لهم أن شاهدوا حلقة واحدة من أي من أجزاء المسلسل الثلاثة، ناهيك بأن حارات الفايكنغ لا تكشف عن أوجه للشبه بينها وبين حاراتنا، وهذا لا يبدو أيضاً مهماً. ما هو مقلق هو اندفاع الجاليات العربية هناك لتكريم هذه الكليشيهات الملفقة عن الحارة الأصيلة والنخوة والمرأة الشامية الأسيرة في البيت على رغم وجود نسوة لهن تاريخ مميز ومجيد خلف جدران هذه البيوت الشامية العريقة، وبعضها أنصف هذه المرأة في عشرينات القرن الماضي وثلاثيناته وأربعيناته وأنصف بالتالي ذريتها من بعدها. هذا الانكشاف على الملأ مقلق، فهو فضاء منفتح ولا يعترف بالمرأة التي تشتهي التودد الى رجلها الفحل حتى في وجود ضرة منافسة لها، وكأن وجودها لا يتعدى الوظيفة التي رسمت لها في المسلسل اذ قررت فيه أن تعيش من أجله، ومن أجل إعداد كل أنواع المآكل والأطعمة التي تليق بهذا"المتنمر"في البيت. يخذلنا"العكيد"في بلاد الفايكنغ. ينسى شجاعته وشبريته وتكشيرت الحاسمة في حارات الشام وينفي في بلاد الفايكنغ أن يكون قد اعتذر عن المشاركة في جزء رابع ويلقي باللوم على بعض المواقع الالكترونية التي روجت لاعتذاره. يخذلنا، فقد فاته أن يكذّب تلك الصحيفة السورية المحلية التي نشرت في حينه على صدر صفحتها الأولى صورة مكبرة له وعليها تصريحه الذي يؤكد عدم رغبته المشاركة بالجزء الرابع من"باب الحارة". يخذلنا لأنه ما من مجال أمامه ليظهر شجاعته ويكذب الصحيفة في حينه، فإلقاء اللوم على المواقع الالكترونية المجهولة أمر سهل، فهي لا أصحاب لها وما يكتب فيها لا يتعدى التخرصات! ابو شهاب في حارة الضبع هو غيره في بلاد الفايكنغ وهذا مؤكد.