في الإعلان الخاص بالجزء الخامس والأخير من مسلسل «باب الحارة» الذي عرضه بعض الفضائيات العربية بالتزامن مع اقتراب حلول الشهر الفضيل ثمة ما يقلق. ليس بسبب التهديدات النارية التي يطلقها أبطال وبطلات المسلسل الشامي عبر الأثير، وانما بسبب الوعد القاطع الذي يطلقه الإعلان بإغلاق هذا الباب نهائياً هذه المرة. مصدر القلق ليس إقرار صنّاع المسلسل بأنه قد آن الأوان لإغلاق الباب على الأحداث التي شغلت الأوساط الدرامية ردحاً من الزمن، بخاصة بعد أن استنفد الترويج له كل إمكانية بجذب المشاهدين مع بروز أعمال شامية موازية للأحداث ذاتها تقريباً مثل «أهل الراية» و «الدبور» اللذين استعارا معظم أبطال المسلسلين لدرجة أنه لم يعد ممكناً إلا تصديق أن ما يدور أمامنا لا يتعدى خلط أوراق درامية وإعادة إنتاجها بسبب من قلة حيلة وتكرار وضعا بعض الأعمال الدرامية السورية على محك المراوحة في الشكل والمضمون. الوعد بأن يكون الجزء الخامس هو الأخير من هذه السلسلة، مقلق أيضاً بسبب استغلال الطبيب الراحل أبو عصام وزجه في أحداثه من باب الترويج له، إذ ثمة ما يشير في الإعلان إلى بقائه حياً، وأن هناك شهوداً التقوا به، وأن رسالة مكتوبة بخط يده وصلت إلى ابنه عصام وتعرّف اليها. هذه بعض أحداث المسلسل كما قدمها الإعلان الخاص بالجزء الخامس، وإن افترضنا أنه من حق كاتب المسلسل أن يتكئ في كتابته على ما يريد، فإننا نفترض أن النجم السوري عباس النوري الذي لعب دور الطبيب حرص في الفترة الماضية بعد خلافه الشهير مع مخرج العمل على التأكيد مراراً أنه لم يشارك في الجزء الخامس، بالتالي فإن الإثارة المرجوة من حشر رسالته لن تتعدى في أحسن الأحوال إصرار أهل المسلسل على الترويج البدائي للعمل بالطرق ذاتها التي استخدمت في المرحلة الماضية، فقد ثبت للجميع إن كل الكتابات التي تناولت هذا العمل بالذات صبت في مصلحته ولم تنل من شعبيته، ووضعته في «طليعة» الأعمال الدرامية العربية على مدار السنوات الماضية. لا نعرف موقف «الطبيب أبو عصام» من استغلال خط يده المزعوم في رسالة سيقرأها ابنه أمامنا، ولا يفترض بنا أن نصدق أنه موجود في خضم الأحداث، لأن كل الدلائل والمؤشرات والتصريحات التي أطلقها النوري تؤكد أنه لم يشارك في العمل بعد تلفيق جنازة افتراضية له في الجزء الثالث، وبالتالي فإن الإصرار على وجوده يصب في خانة الترويج الأعمى والممجوج لمسلسل بات أسير أحداث تنغلق على نفسها أكثر فأكثر وراء «الباب» الذي أصر أصحابه حتى النفس الأخير على الإخلال به كإطار موضوع لحماية أهل حارة الضبع من الأعداء والوافدين الغرباء، والتضحية به لحساب الانفتاح على قصص كثيرة تدور حولهم، وهم بذلك حبسوا الفكرة ومنعوها من البحث عن ماهية جديدة في الشكل والمضمون، وهو أمر لم يعد خافياً، فالأحداث لم يكتب لها أن تذهب أبعد من ذلك، لتكشف للمشاهدين أن الشام في تلك الفترة كانت حافلة بالقصص والأحداث والوعود الملهمة.