أعلن الرئيس العراقي جلال طالباني ان الجانب الأميركي قدم "تنازلات جيدة" خلال المفاوضات حول الاتفاق الامني مع بغداد، وفيما أبلغ الزعماء الإيرانيون رئيس البرلمان محمود المشهداني رفضهم الاتفاق، أبدت أطراف سياسية عراقية امتعاضها من موقف طهران. وقال طالباني، خلال مقابلة مع قناة"العراقية"الرسمية امس إن"الأميركيين قدموا تنازلات"، متوقعا أن"يتم حسم الاتفاق بعد عودة الوفد من واشنطن الى بغداد". وأكد أن"نقطتين ما زالتا قيد البحث والدراسة". وأوضح ان"عدم توقيع الاتفاق يضر بالعراق كونه يبقيه تحت الاحتلال وتحت خط مصادرة ثرواته النفطية في اي لحظة ويبقيه ناقص السيادة في كثير من مجالات التحرك اليومي والداخلي، لذلك فإن التوصل الى اتفاق يبقى من الضرورات الوطنية". وكان نائب وزيرة الخارجية الأميركية جون نيغروبونتي أجرى خلال الأيام الماضية سلسلة محادثات مع المسؤولين العراقيين للخروج من مأزق المفاوضات. وقالت مصادر مختلفة ان المسؤول الأميركي مارس ضغوطا على بغداد للإسراع في الاتفاق، من دون أن يتراجع عن مطلب واشنطن ضمان الحصانة لقواتها. ولم يعرف هل عاد نيغروبونتي من البصرة الى بغداد أم توجه الى واشنطن، فيما أبلغت مصادر عراقية"الحياة"ان جبهة تضم الأكراد والسنة واحزاباً مختلفة خارج الحكومة تدعم توقيع الاتفاق، مقابل جبهة شيعية يدعمها رجال الدين ما زالت متشددة، وتدفع باتجاه عدم التوقيع والعودة الى المفاوضات مع الادارة الاميركية المقبلة. وكان المشهداني اجرى سلسلة لقاءات مع مسؤولين ايرانيين الثلثاء والاربعاء، قال انها خصصت لمعرفة رأي طهران بالاتفاق قبل توقيعه، فيما كانت تصريحات كبار المسؤولين الايرانيين تحض على رفض الاتفاق وتصفه بأنه"يعرض سيادة العراق ودول المنطقة الى الخطر". وطالب رئيس السلطة القضائية الإيرانية محمود هاشمي شاهرودي الاربعاء الحكومة العراقية بعدم توقيع الاتفاق. واعتبر"وجود قوات الاحتلال الأميركي في العراق لا يخدم مصالح الشعب العراقي وحكومته ودول المنطقة". ولم تعلق الحكومة العراقية على الموقف الايراني المعلن لكن اوساطاً سياسية وبرلمانية انتقدت في تصريحات الى"الحياة"ما اعتبرته"تدخلاً ايرانياً في الشؤون الداخلية". وقال الناطق باسم القائمة"العراقية"عزة الشابندر ان"ايران تعطي لنفسها حق الوصاية على العراق بتلك التصريحات"، مشيرا الى ان"سبب ذلك يعود الى التبعية المهينة والولاء المطلق من بعض القوى السياسية لطهران". ودافع عن زيارة المشهداني، مؤكدا انه"ذهب ليشرح وجهة النظر العراقية وسبب حاجته الى الاتفاق ويطلب احترام سيادة العراق واستقلاله وحقه في ابرام المعاهدات". الى ذلك، أكد النائب عن التحالف الكردستاني عادل برواري ل"الحياة"ان"كتلته ترفض تدخل اي من دول الجوار في شؤون العراق الداخلية"، مشدداً على"ان الاتفاق المزمع توقيعه مع واشنطن لا يهدد ايران ولا اي دولة اخرى". وزاد ان"بعض دول الجوار ومنها ايران لا تريد عراقا قويا قادرا على تجاوز ازمته الحالية بل ترغب بابقائه ساحة مفتوحة لتدخلاتها". وكان الناطق باسم جبهة"التوافق"سليم عبدالله الجبوري دعا الكتل السياسية أمس الى توحيد مواقفها تجاه الاتفاق والابتعاد عن المزايدات السياسية. واوضح"ان جبهة التوافق من حيث المبدأ مع هذا الاتفاق لكن هناك بعض التفاصيل تحتاج الى دراسة مثل مسألة الحصانة و الجدول الزمني لانسحاب القوات الاجنبية". من جانبه اكد رئيس ديوان الرئاسة العراقي نصير العاني ل"الحياة"ان"المفاوضات ما زالت مستمرة مع الجانب الاميركي"و"مسألة حصانة الجنود وجدولة الانسحاب هي التي تحول حتى الان دون اتفاق الجانبين".