مع مقتل زعيم مجلس صحوة مدينة الاعظمية وسط بغداد في "هجوم مزدوج" تجد تنظيمات العشائر والمناطق، التي شُكلت لقتال"القاعدة"بدعم اميركي وفتور حكومي، نفسها في مواجهة تحديات وصراعات اكثر تعقيداً من الطريقة العفوية التي بدأت بها عملياتها ووسط فتاوى دينية تبيح دماء المنتمين الى"مجالس الصحوات". وكانت الايام الاولى من السنة الجديدة شهدت تصعيداً امنياً غير متوقع وجه معظمه الى"المجالس"التي قتل العشرات من افرادها في بغدادوبعقوبة وصلاح الدين. راجع ص 4 وقالت مصادر الشرطة العراقية امس ان تفجيرين انتحاريين، احدهما بحزام ناسف والآخر بسيارة ملغومة استهدفا مقر ديوان الوقف السني في الاعظمية، ما أسفر عن سقوط 14 قتيلاً بينهم رياض السامرائي قائد"مجلس الصحوة"في الاعظمية كما أصيب 25 شخصاً بجراح. واتهم رئيس ديوان الوقف السني عبد الغفور السامرائي تنظيم"القاعدة"بالمسؤولية عن الحادث معتبراً انه يندرج ضمن سياسته الانتقامية ضد معارضيه من السنة. ويأتي الحادث بعد يومين من هجوم انتحاري استهدف نقطة تفتيش لعناصر"الصحوة"في بعقوبة شرقاً، فيما قالت الشرطة العراقية امس ان ثلاثة من عناصر تلك المجالس قتلوا في عمليات اغتيال متفرقة في بيجي وجنوب بغداد. وبدا عدد من قادة الصحوة في بغداد ساخطين لما اعتبروه تقاعساً حكومياً عن دعمهم في مواجهة"القاعدة"وحمل بعضهم، في اتصالات مع"الحياة"، الحكومة العراقية والمليشيات التابعة لايران المسؤولية عن استهدافهم محذرين من تواصل التصعيد الامني ضدهم. وقال شجاع ناجي شاكر الاعظمي رئيس"صحوة حي الغزالية"واحد ضباط الجيش العراقي المنحل:"ان للحكومة العراقية يداً في تصفية عناصر الصحوة بعد تحذيرات من هذه المجالس". واتهم العقيد رعد علي حسن زعيم"صحوة الدورة"مليشيا"جيش المهدي"في قضية تصفية عناصر منها بناء على فتاوى دينية. وحمل العقيد كريم المعيني رئيس"صحوة السيدية""فيلق القدس"الايراني المسؤولية عن تصفية رموز الصحوة واغتيالها. وجاءت ردود الفعل على خلفية فتور في العلاقة بين مجالس الصحوات والحكومة العراقية التي تحاول"تطهيرها من الاختراقات"، كما قال رئيس الوزراء نوري المالكي، فيما تسود شكوك في علاقة تلك المجالس باحزاب سياسية شيعية متنفذة على خلفية رفض الاخيرة اقتراحات اميركية لدمج معظم عناصر الصحوة السنية في القوى الامنية ما ادى الى تقليص نسب الدمج بنحو 20 في المئة اعتبرها الحزب الاسلامي سني مخيبة للامال داعياً امس الى دعم حكومي"جدي". واشار مراقبون في بغداد الى ان الطريقة العفوية التي شكلت خلالها تنظيمات الصحوة والنتائج الكبيرة التي حققتها في مرحلة زمنية قصيرة وضعتها في مواجهة تعقيدات سياسية عميقة اكبر من طاقتها وسرعان ما وجدت نفسها تخوض فيها. وكانت احزاب وشخصيات سياسية وامنية اتهمت مجالس الصحوة بانها مخترقة من"القاعدة"مرة واخرى من البعثيين، في وقت استمرت التحذيرات الحكومية من تحول تلك القوى الى ميليشيات خارجة عن القانون تعيد ملف الصراع الطائفي الى المربع الاول. ويعيد قادة اميركيون الى مجالس الصحوة الفضل في تراجع اعمال العنف خصوصاً الطائفية منها وانحسار نفوذ تنظيم"القاعدة"في حاضناته التقليدية في مدن العراق السنية، لكن خبراء عسكريين وسياسيين سرعان ما حذروا من ان تراجع العنف قد يكون موقتاً وغير دائم اذا لم تصاحبه تطورات سياسية حاسمة. واعترف زعيم"القاعدة"، الذي اعلن نهاية العام الماضي تشكيل"كتيبة الصديق"لمحاربة عناصر الصحوة عبر هجمات مكثفة بدور تلك المجالس المفصلي في التغيير الامني الذي طرأ خلال النصف الثاني من العام 2007 فيما يقول مقربون من عمل الجماعات المسلحة ان قدرة"القاعدة"على التكيف وتغيير استراتيجياتها لا تزال قائمة في ضوء الهجمات الاخيرة. ويشدد زعماء مجالس الصحوة على انهم يشكلون اليوم خط الدفاع الاول ضد"القاعدة"المتجذرة في المناطق التي ينتشرون فيها في مقابل عدم توافر الامكانات العسكرية والمالية والمعنوية اللازمة لمواجهة مثل هذا التحدي.