القرار الصادر عن قمة مجلس التعاون في قمة الدوحة حول انشاء السوق المشتركة، يعد انطلاقة تاريخية وخطوة شجاعة نحو تحقيق التكامل بين دول المجلس على غرار ما تهدف اليه العولمة لتحقيق التكامل بين دول العالم، بما يحقق، وعلى المدى، البعيد استعادة التوازن والعدالة بين شعوب تلك الدول وتقاسم العيش المشترك بعيداً عن الهيمنة والاستغلال لثروات تلك الشعوب بوحي من الأنانية البغيضة التي سادت في القرن الماضي وما قبله خلال حقبة الاستعمار التي أدت الى امتصاص ثروات تلك الشعوب المستعمرة بفتح الميم من قبل قلة من تلك الدول المستعمرة بكسر الميم. لن أستطرد في الحديث عن العولمة وما شابها من سلبيات أو ما نتج عنها من ايجابيات. نحن الآن، شعوب مجلس التعاون، نحتفل بهذا الانجاز التاريخي لانطلاقة السوق المشتركة بين دول المجلس التي أمل بل أرجو مخلصاً"تنوير"مواطني المجلس بما تعنيه هذه السوق لكل مواطن من فتح آفاق جديدة لفرص العمل وحرية التنقل لرؤوس الأموال والعمل والتملك وما يعنيه من ازدهار اقتصادي سينعكس على حياة كل مواطن بل كل أسرة وكل شعب. الأمر لا يتوقف على تلك المزايا الآنية المادية بل يجب أن نوسع مفهومنا للمدى البعيد والأبعد الذي هو هدف قادة دول المجلس من انشاء هذه السوق المشتركة والتي يجب أن نبث لدى مواطني هذه الدول، الوعي العميق لإدراك معاني هذه الخطوة والتفاعل معها بما يحقق ذلك الهدف الذي رمى اليه قادة دول المجلس... أعني به انصهار مواطني دول المجلس في بوتقة التكامل الذي ستحققه هذه السوق وما يليها من قرارات تصب جميعها في مصلحة أبناء هذا المجلس بل دوله... وعندما أقول"دوله"انما أعني تلك القوة التي ستنشأ أو تتمخض عنها هذه الخطوة التاريخية، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ازاء التكتلات والمخاطر التي تحيط بالمنطقة، وهي الأهداف الرئيسة التي حدت بقادة دول المجلس لانشاء هذا المجلس التي انبثقت منه هذه السوق بعد نحو ربع قرن قطع خلالها نجاحات مهمة ولو ان ذلك تحقق بخطوات تدريجية ومتئدة ومدروسة للحفاظ على هذا الكيان من أي تداعيات سلبية قد تعترض مسيرته نتيجة للارتجال أو الانقياد وراء الشعارات العاطفية، وأكبر دليل على ذلك، الوقت الذي استغرقه قادة دول المجلس للتوصل الى هذا الاتفاق أو التوافق لاطلاق مسيرة هذه السوق المشتركة بعد تذليل كافة العراقيل والتحديات التي واجهت انطلاقة هذه السوق المشتركة. المطلوب الآن وبإلحاح شديد، ان نواكب هذا الحدث الهام، بحملة توعية واسعة لمواطني دول المجلس بحقيقة هذا الانجاز وما ينتج عنه من مزايا وفوائد لكل مواطن لأن هذا المواطن هو ركيزة هذه السوق وهو المستفيد الأول من معطياتها الخيرة، وتلك هي مهمة الإعلام بكافة وسائله، ولا أعني بذلك تدبيج المقالات في المديح والإشادة التقليدية بهذه الخطوة، بل المطلوب شرح فوائدها للمواطن، وما هو المطلوب منه لتحقيق هذه الاستفادة بأكبر قدر ممكن وبالتالي نجاح هذه السوق بما يحقق هدف قادة دول المجلس، الأمناء على هذا النجاح وحمايته من أي انتكاسات لا سمح الله قد تتسبب بها سوء الممارسة في تطبيق بنود وروح هذه الاتفاقية سواء من قبل الأفراد أو الدول"والشاطر يفهم"؟!... * سفير سعودي متقاعد.