أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني أن انعقاد الدورة الخامسة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في العاصمة القطرية الدوحة يوم غد الثلاثاء يأتي في وقت «مهم جداً» وظروف في غاية الحساسية، وهذا بلا شك يتطلب المزيد من التضامن بين دول المجلس. وأعرب الامين العام لمجلس التعاون في حواره مع وكالة الانباء القطرية (قنا) عن سعادته الشخصية بانعقاد قمة الدوحة، معتبراً أنها (قمة الفرحة)، لأنها تنعقد في أجواء (فرحة) أهل الخليج بتضامن دولهم وتمسكها بالثوابت التي جمعت بين دول المجلس ومواطنيه على مدى سنوات، الفرحة التي لمسنا تباشيرها في الاجتماع الذي عقد في الرياض في 16 نوفمبر 2014 بين أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاهل المملكة العربية السعودية، والذي توج باتفاق الرياض التكميلي وبنتائج ايجابية سوف ترسخ تضامن دول المجلس وتقوي تماسكها، مشدداً على أن هذه القمة ستكون قمة قرارات بناءة وانجازات مهمة في مسيرة العمل الخليجي المشترك. وحول رؤيته لأهم القضايا التي سيبحثها القادة الخليجيون في قمة الدوحة في ظل الظروف الحالية التي تشهدها المنطقة قال الزياني إن الأوضاع والمستجدات الخطيرة التي تعيشها المنطقة تؤثر بعمق على أمن المنطقة والأمن الاقليمي، وبخاصة في ظل تصاعد خطر التنظيمات الارهابية المتطرفة، وغياب موقف عربي تضامني، وحالة عدم الاستقرار وانعدام الأمن في بعض الدول الاقليمية، وتفاقم المعاناة الانسانية للاجئين والمهجرين والمشردين في عدد من الدول العربية، وتزايد التدخلات الاقليمية في الشؤون العربية، مشيراً إلى أن كل هذه المستجدات تفرض على دول المجلس تدارس تداعياتها وتأثيراتها على الأمن والاستقرار في دول المجلس، وعلى الأمن والسلم الاقليمي والدولي، لافتاً إلى أن كل هذه المسائل ستكون محل اهتمام وبحث من قبل أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس في قمة الدوحة المقبلة. أما على صعيد العمل الخليجي المشترك، فقد قال الأمين العام إن هناك العديد من التقارير المهمة المرفوعة من اللجان الوزارية، ومن الأمانة العامة للمجلس في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والتنموية سوف تعرض على القمة. الإرهاب لا دين له ولا وطن وفيما يتعلق بالتحرك الخليجي الجماعي لمكافحة الإرهاب في ضوء اجتماع الدول العشر الذي عقد بالمملكة العربية السعودية سبتمبر الماضي، قال الامين العام لمجلس التعاون إن دول مجلس التعاون تركز جهودها إزاء التصدي لظاهرة الإرهاب اعتماداً على عدة ثوابت أساسية، من أهمها أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وأنه عمل دخيل على المبادئ الإسلامية والتربة الخليجية، فضلاً عن إعمال الحكمة والتروي في التعامل معه، باعتبار ذلك الوسيلة الأنسب للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، وهذا يقتضي، ألا يقتصر الأمر على الحل الأمني فقط، بل تكون الحرب على الإرهاب، متعددة الجوانب، لقناعة دول المجلس، بأن الإرهاب لا يمكن تبريره بأي ظرف أو باعث أو غاية، وبالتالي يجب مكافحته بجميع أشكاله ومظاهره والتصدي لكل من يدعمه أو يموله أو يبرره. وأضاف الزياني ان دول المجلس اتخذت سلسلة من الإجراءات الفعالة من أجل مكافحة أعمال الإرهاب على كافة الأصعدة والمستويات داخلياً وإقليمياً ودولياً، فعلى الصعيد الداخلي، أصدرت القوانين الخاصة والتشريعات الوطنية المتعلقة بمكافحة وتمويل الإرهاب، ومن بينها الاستراتيجية الأمنية لمكافحة التطرف والارهاب، واتفاقية دول مجلس التعاون لمكافحة الارهاب، فضلاً عن التعاون الشامل والتنسيق الدائم بين الأجهزة الأمنية بدول المجلس في هذا المجال. أما على الصعيد الدولي، فهناك العديد من الاتفاقيات والصكوك القانونية الدولية التي انضمت إليها دول المجلس سعياً منها لدعم الجهود الدولية لمكافحة الارهاب. كما دعت دول المجلس في كل المحافل الإقليمية والدولية إلى نبذ الإرهاب ومكافحته بمختلف أشكاله وصوره، وأكدت في أكثر من مناسبة أن مكافحة الإرهاب واجتثاثه لا يمكن تحقيقه بصورة فعالة، إلاّ من خلال جهد دولي مكثف يتناسب مع جسامة المخاطر الإرهابية. الوضع اليمني وبالنسبة لتطورات الاوضاع في اليمن قال إن المبادرة الخليجية كانت جهداً ذاتيا من دول المجلس تم بناء على طلب من الأشقاء في اليمن، ولاشك ان دور الاممالمتحدة ممثلة في مجلس الأمن كان فاعلاً في متابعة سير العملية الانتقالية في اليمن، مشيراً إلى أن موقف دول المجلس تجاه اليمن يتمثل أساسا في الالتزام الكامل بوحدة اليمن واحترام سيادته واستقلاله ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية، ودعم الحوار والمسار السلمي القائم بعيداً عن العنف والفوضى، وفي هذا الصدد تدعم دول المجلس وتساند فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي لاستكمال المرحلة الانتقالية طبقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وأكد الأمين العام لمجلس التعاون إن المجلس يؤكد على الالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2140 الذي حدد عدة جزاءات ضد معرقلي أو مقوضي عملية الانتقال السياسي، وكذلك البيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 29 أغسطس 2014 بشأن اليمن، مجدداً إدانة دول المجلس لجميع الجهات التي تعرقل العملية السياسية السلمية في اليمن، وتحث جميع الأطراف اليمنية على الالتزام بتسوية خلافاتهم عن طريق الحوار والتشاور ونبذ اللجوء إلى أعمال العنف لتحقيق أهداف سياسية. كما تدين دول المجلس السيطرة على المؤسسات الحكومية العسكرية والمدنية وتخريب ونهب محتوياتها، وتدعو كافة الأطراف لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل وكامل بنود اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي وقع في (21 سبتمبر 2014) بما في ذلك الملحق الأمني، وأن تعود للسلطات الحكومية كامل المؤسسات المدنية والعسكرية كما تدين دول المجلس كذلك كافة الهجمات الانتحارية والهجمات المستمرة ضد قوات الأمن اليمنية. مشروع سكك حديد التعاون وانتقالاً إلى ملف التعاون الاقتصادي الخليجي ومشروع سكك حديد التعاون، فقد أكد الأمين العام لمجلس التعاون أن المشروع يحظى باهتمام كبير من قبل أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، حفظهم الله، لما له من مردودات ايجابية مباشرة على تعزيز التواصل والترابط بين دول المجلس ومواطنيها، و تيسيراً لحركة التجارة بين دول المجلس، وحرية التنقل للمواطنين والمقيمين فيها إلى جانب دعم الاستثمارات المشتركة بين دول المجلس بما يسهم في تفعيل التبادل التجاري والاقتصادي الخليجي. وأوضح الزياني أن دول المجلس دخلت الآن مرحلة الانتهاء من التصاميم الهندسية التفصيلية من أجل انجاز المشروع في أسرع وقت وبأفضل المواصفات عالميا، كما تم تشكيل لجنة مالية وفنية من الجهات المختصة بدول المجلس لاستكمال الدراسات التفصيلية للمشروع والتنسيق بين الدول الأعضاء فيما يخص إنشاء سكة الحديد وتواؤمها وتكاملها مع شبكات السكك الحديدية الوطنية بدول المجلس. وأكد الزياني في حواره ان المشروع قد أحرز تقدماً ملموساً وقطع خطوات كبيرة على مسار تنفيذه، حيث اتفقت الدول الأعضاء، بالتنسيق مع الأمانة العامة، على خطة عمل وبرنامج زمني لاستكمال التصاميم الهندسية التفصيلية للمشروع، ومن المتوقع أن يستكمل تنفيذه وتشغيله خلال عام «2018م»، بمشيئة الله، مع الأخذ بعين الاعتبار مواكبة آخر المستجدات والتحديات التي قد تواجه تنفيذ المشروع ووضع الحلول المناسبة للتغلب عليها. ولفت إلى أن الأمانة العامة تتابع مع الدول الأعضاء مراحل تنفيذ المشروع للتأكد من تنفيذه بشكل متكامل ومتوائم مع شبكات السكك الحديدية الوطنية بدول المجلس وذلك من خلال عقد اجتماعات دورية للجنة المالية والفنية والقيام بزيارات ميدانية لمشاريع السكك الحديدية لتبادل الخبرات بهدف تنفيذ المشروع بشكل متكامل، حيث حققت الدول الأعضاء انجازات مهمة في هذا المجال. الربط المائي وحول الخطوات التي قطعها مشروع الربط المائي، قال الامين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني إن العمل في مشروع دراسة الربط المائي يجري من قبل اللجان المختصة بالشكل المطلوب تماماً، تنفيذاً لتوجيه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون، حفظهم الله ورعاهم. ومازالت المشاورات جارية بين الدول الأعضاء للوصول إلى افضل طريقة لتنفيذه على أرض الواقع مع مراعاة متطلبات البيئة، معرباً عن اعتقاده أن المشروع مهم وحيوي ويفيد المنطقة حيث إنه يضمن توفر المياه في دول مجلس التعاون، على المدى الطويل ولأجيال عديدة. العلاقات الاستراتيجية وعن تقييمه للحوارات الاستراتيجية التي يجريها المجلس مع الدول والتكتلات العالمية أوضح الزياني ان الحوارات الاستراتيجية التي تجريها دول مجلس التعاون مع الدول والتكتلات العالمية مهمة لتطوير وتنمية العلاقات المشتركة، والتشاور والتنسيق تجاه القضايا الاقليمية والدولية، مؤكداً على ان هذه الحوارات تساعد دول المجلس على استكشاف فرص ومجالات التعاون مع الدول الصديقة، ولذلك نلاحظ أن الكثير من الدول ترغب في عقد حوارات استراتيجية مع دول المجلس، ويتم النظر فيها واقرارها، من قبل المجلس الوزاري، اذا ما كانت تعود بالفائدة وتعزز مصالح دول المجلس. وحول ما وصلت إليه المفاوضات مع الجانب الاوروبي بشان منطقة التجارة الحرة، قال الزياني إن علاقات مجلس التعاون مع الاتحاد الاوربي علاقات تاريخية ومهمة، وهي تقوم على الشراكة والتعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والجانبان يرتبطان باتفاقية اطارية للتعاون بينهما تم التوقيع عليها في عام 1988م، وهي تنص على تشجيع وتطوير وتنويع المبادلات التجارية بين الطرفين وذلك من خلال التوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة. وأضاف ان عدة جولات من المفاوضات قد عقدت بين الجانبين، حيث تم انجاز الكثير من الموضوعات، وبقيت بعض المسائل التي تحتاج الى مزيد من الدراسة والبحث، ومن بينها رسوم الصادرات، والتي تقوم لجنة مختصة بدراستها، ولذلك كان قرار دول المجلس هو التريث في المفاوضات مع الجانب الأوروبي الى حين الانتهاء من الدراسة المطلوبة. تطلعات مواطني دول المجلس وبالحديث عن المواطنة الخليجية ومكانها على قائمة اهتمامات قادة المجلس، قال الامين العام لمجلس التعاون إن موضوع المواطنة الخليجية يحظى بمتابعة قادة دول المجلس -يحفظهم الله- من اجل تحسين ومتابعة مستوى التقدم في تنفيذ القرارات وانعكاسها على أرض الواقع بمستوى يحقق طموحات أبناء دول المجلس. وأكد أن هذه المتابعة أثمرت تفعيل القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى بشأن تحقيق المواطنة الاقتصادية وتفعيل متطلبات السوق الخليجية المشتركة، وذلك عن طريق تحديد الآليات المناسبة ومتابعة تنفيذ الأدوات التشريعية الوطنية في كل دولة من الدول الأعضاء، والتي من شأنها تسريع استكمال متطلبات تحقيق المواطنة الخليجية. وبناءً على ذلك تم تحقيق نتائج إيجابية وملموسة شملت العديد من الخطوات، ومن ضمنها على سبيل المثال لا الحصر، السماح لمواطني دول المجلس بتملك وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات، وتطبيق مبدأ المساواة التامة بين مواطني دول المجلس في العمل في القطاعين الحكومي والأهلي، ومد مظلة التأمين الاجتماعي والتقاعد، وحرية تملك العقارات، وانتقال رؤوس الأموال، وتحقيق الاستفادة من خدمات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية الأخرى، وغيرها من مزايا هامة ساهمت في تعزيز الترابط والتكامل الخليجي، وزيادة التبادل التجاري البيني بين دول مجلس التعاون، وتسهيل انتقال السلع والخدمات في إطار كتلة خليجية وسوق واحدة، وبناءً على ذلك تعتبر السوق مفتوحة أمام المواطنين لاستغلال ما تم اصداره من قرارات في هذا الشأن. عوائق تؤخر السوق الخليجية وعن أهم العوائق التي تقف في طريق انطلاق السوق الخليجية المشتركة أكد الزياني انه لا يوجد عمل خال من العوائق والعقبات، ولذلك،ومن أجل ضمان نجاح تطبيق السوق الخليجية المشتركة وضمان استمراريتها بكفاءة، تم وضع آليات متابعة وتقويم، بالإضافة الى تشكيل عدة لجان وزارية وفنية تهتم بتنفيذ توجيهات قادة دول المجلس نحو تحقيق المواطنة الاقتصادية والتأكد من انه تم تنفيذها على الوجه المطلوب وإزالة ما قد يعترضها من عوائق. وضرب الزياني مثالاً على ذلك بلجنة التعاون المالي والاقتصادي التي تتابع عمل لجنة السوق الخليجية المشتركة والمختصة بمتابعة تنفيذ المسارات المتعلقة بالسوق الخليجية، وكذلك تتابع لجنة السوق الخليجية عمل ضباط الاتصال المختصين بقضايا السوق الخليجية المشتركة في الدول الأعضاء والأمانة العامة، مشيراً إلى ان جميع هذه الجهات تعمل على حل أي عقبة تعترض استفادة مواطني دول المجلس من المزايا التي تقدمها السوق المشتركة وفق آلية تم اقرارها لحل تلك المعوقات وإزالة ما قد يعترض التنفيذ من عوائق. واشار إلى ما وجه به القادة حفظهم الله بضرورة أن ترفع الأمانة العامة تقريرا سنويا عما تم بشأن السوق الخليجية المشتركة وذلك للإشراف المباشر والتأكد من سير التوصيات وفق المسار المخطط له سعياً للوصول الى الأهداف المنشودة وتحقيق متطلبات السوق الخليجية المشتركة. واختتم الزياني حديثه بقوله إن ارتفاع سقف تطلعات مواطني دول المجلس دليل واضح على شعورهم بعمق الأواصر التي تربطهم، وايمانهم بأهمية منظومة مجلس التعاون، وما تمثله بالنسبة اليهم من مكانة اقليمية ودولية، وما يلمسونه من انجازات تعمق الترابط والتكامل بين دول المجلس، موجهاً حديثه للمواطن الخليجي بقوله ان مجلس التعاون هو مظلة تظلل دولنا وشعوبنا بالحب والأخوة الصادقة، وتحمينا من الاخطار وتبرز مكانتنا العالمية بين الأمم، فحافظوا عليها وتمسكوا بها وبذلوا لها من العطاء والعمل الجاد من أجل تعزيز مسيرتها المباركة. قادة مجلس التعاون