فقد المدخنون في فرنسا آخر الأماكن العامة التي كان في وسعهم إشعال سجائرهم فيها، مع دخول قرار حظر التدخين في المقاهي والمطاعم حيز التطبيق مطلع العام. الجلوس في المقهى وتدخين سيجارة من المعالم التقليدية الراسخة في فرنسا. لكن هذا التقليد اصبح خروجاً على القانون وسيعرض صاحبه لغرامة 68 يورو، مثلما يعرض صاحب المقهى أو المطعم الذي يتغاضى عن هذا السلوك لغرامة 135 يورو. وتعمل السلطات الفرنسية منذ سنوات على التضييق تدريجاً على المدخنين، فبدأت بحظر التدخين في الأماكن العامة الرسمية ومحطات القطارات والمطارات. وابتداء من مطلع 2007، طبقت قراراً يحظر التدخين في أمكان العمل، بهدف مكافحة مخاطر التبغ على الصحة والحد من عدد الوفيات الناجمة عنه، والتي تقدرها وزارة الصحة بحوالى 66 ألفاً من المدخنين سنوياً و5 آلاف من غير المدخنين. ويثير القرار حيرة المدخنين وارتباكهم، خصوصاً أولئك الذين تشكل جلسة المقهى جزءاً اساسياً من حياتهم اليومية. ويعتبر بعض هؤلاء الرواد انه سيجد سبيلاً للتأقلم مع القرار الذي يستهدفه، فيما يقول آخرون انهم سيعدلون عن التوجه الى المقهى. والمرجح ألا تواجه السلطات الفرنسية صعوبات بالتزام القرار، لكنها عرضة لحملة انتقادات قاسية من أصحاب المقاهي والمطاعم الذين يتخوفون على مواردهم. ووصف رئيس اتحاد اصحاب المقاهي في باريس وضواحيها، جيرار يوهيلي، حظر التدخين بأنه"قرار نذل". ويلوح بوهيلي وغيره من اصحاب المقاهي، باحتمال اضطرارهم لخفض عدد العاملين لديهم في حال تراجع عدد زبائنهم، في حين يلوح آخرون بعدم التزام القرار، حفاظاً على مداخيلهم. والواقع ان حظر التدخين في المقاهي والمطاعم التي قد يعرض بعضها للخسائر، يشكل مصدر ربح لسواهم، فالصحف الفرنسية المختلفة تنشر منذ مدة اعلانات تروج لمستحضرات متنوعة تحتوي على مادة النيكوتين يمكن مضغها أو ابتلاعها في شكل أقراص وتساعد المدخن في التعويض عن حاجته. ويبقى الرهان الفعلي لهذا القرار وما سبقه هو اقناع أكبر عدد ممكن من الاشخاص بالاقلاع عن التدخين، أملاً بأن يأتي يوم يصبح فيه من يحمل سيجارة بمثابة مشهد من الماضي.