بعد 11 أيلول سبتمبر وانهيار برجي منظمة التجارة العالمية، وهما أبرز معلم على التفوق الاقتصادي، والهجوم على مبنى البنتاغون رمز القدرة العسكرية العالمي، ظهرت قراءة جديدة للعلاقات. فطرأت على العقائد القديمة المتعلقة بالأمن تغييرات أساسية. ومعيار هذه الفرضية هو اللجوء السريع الى تنفيذ عقيدة"الشرق الأوسط الكبير". وإذا رتبنا مكوناته ترتيباً صحيحاً، فيما يتعلق بالأمن وباللاعبين السياسيين، جاز التحليل المختصر التالي. فتنفيذ مشروع"الشرق الأوسط الكبير"، وهو يعرف بپ"الشرق الأوسط الجديد"، غدا أولوية بعد حادثة 11 أيلول، ترجمتها إجراءات منها الهجوم على أفغانستان واحتلال العراق. وقد يتبادر الى الذهن، بداية، ان الهجوم على البلدين يعني مداواة الجرح. لكن، بعد مرور وقت قصير، انكشفت أهداف المشروع، وهي إنشاء المؤسسات الديموقراطية، وتطبيق الديموقراطية من فوق، من أجل السيطرة على حوادث متوقعة تشبه الحادثة الأم. والتطبيق الصحيح لهذا الأمر هو الرجوع الى العقائد السابقة، أي الحفاظ على مصالح الولاياتالمتحدة الأميركية وأمنها، على مسافة 14 ألف كلم، والسيطرة على دول المنطقة. وأما كيف هذا، وبأي وسيلة، فمجال للمناقشة. ومن الطبيعي أن تنهض مقاومة مصادرها أصولية، أو ثروات متأتية من البترو-دولار، أو الدول الإسلامية، والجارة التي تتغذى من قوة موحدة هي الإسلام. وفوق هذا كله، ثمة مطالبة بعض الدول الإقليمية بحصتها في دور محوري. والمطالبة هذه من أبرز مشكلات المشروع. وفي ضوء هذا، يصح القول ان هدف أميركا لا يعقل ان يكون تغيير الأنظمة السياسية. فالتغيير تنجم عنه منازعات تعرقل المشروع الأميركي. واذا ظهر ما يتعارض مع المشروع، اقتص منه. والمثال الأبرز هو حرب ال33 يوماً التي شنتها إسرائيل، على خلاف العقيدة المتبعة. وأيّد الأميركيون، على نحو غير معلن، إسرائيل، واعطوا الضوء الأخضر الى إسلاميي المنطقة. وغايتهم هي إحداث تغيير في تعاطي الغرب مع شؤونها، ومنح الدول ذات النفوذ وزناً يمكنها من المساومة الإيجابية، وتحسين التخطيط لمشروع"الشرق الأوسط الكبير"وتنفيذه. ويجيز هذا القول ان بعض النافذين والمسؤولين السياسيين في بلد من البلدان، اذا كانو يدعون الفهم الصحيح للنظام العالمي، واستمروا على نهجهم وأسلوبهم السابق في معارضة الاصلاحات الأساسية، والحقوق الأساسية والمحقة للشعوب مثل الانتخاب الحر وحق الترشح، فإنما يعملون على احراق آخر أوراقهم الرابحة. وقد تلجأ شعوب دولهم الى أساليب أخرى غير الأساليب السابقة. ونأمل، في ما يتعلق بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، أن نشهد تعديلاً منطقياً لقوانين مصافي الاستنساب، وان نكتب مستقبل البلد ومصيره بالخط الجميل للحرية. عن محمود رضا يافت آبادي، "مردم سالاري" الإيرانية، 21/1/2008