تشدد مصارف أميركية تضررت من ديون معدومة ببلايين الدولارات في معايير الإقراض ما يزيد من تكلفة التسليف على الشركات والمستهلكين الذين يمثلون الأمل في حماية الاقتصاد من الانزلاق إلى الكساد. وتتزايد مخاوف الاقتصاديين من ان يؤدي تخاذل المصارف عن الإقراض وقلق المستهلكين إلى كارثة اقتصادية وحتى خفض حاد في أسعار الفائدة قد لا يكون كافياً لمنع الكساد. وقال رئيس شركة"سويفر"للاستشارات المصرفية راي سويفر:"إنها حلقة مفرغة. فمع تشديد المصارف لمعايير الإقراض يصعب الحصول على ائتمان وهو أمر سيئ للاقتصاد ويدفع المصارف الى تشديد المعايير بدرجة أكبر". وأظهر تقرير مجلس الاحتياط الفيديرالي الدوري عن الأوضاع الاقتصادية الصادر أول من أمس ان أنشطة الإقراض لكل من الشركات والمستهلكين تباطأت من منتصف تشرين الثاني نوفمبر وفي كانون الأول ديسمبر وأعلنت أغلب فروع المجلس الإقليمية عن زيادة شروط الائتمان صعوبة. ولدى المصارف ما يدعو الى القلق في شأن جودة الائتمان وفي وقت يجد المستهلكون الأميركيون صعوبة في الحفاظ على قدرتهم على سداد ديون متراكمة. وأعلنت شركة"أميركان إكسبرس"التي تركز عادة على المستهلكين الأكثر ثراء والأقل عرضة لأخطار التباطؤ الاقتصادي، ان حالات التخلف عن السداد زادت في شكل مفاجئ في كانون الأول. وأفادت"سيتي غروب"التي تسعى الى جمع 14.5 بليون دولار لزيادة رأس مالها والتي قررت خفض توزيعات الأرباح لتحسين موازنتها، بأن تكاليف الائتمان في الربع الأخير من العام الماضي لقروض المستهلكين الأميركيين قفزت بسبب ارتفاع حالات التخلف عن السداد في مجالات بطاقات الائتمان والرهون العقارية وقروض شراء السيارات والقروض الشخصية. وما زال المقترضون من أصحاب السجل الائتماني الجيد، يجدون إقبالاً من جانب المقرضين لكن الأموال السهلة التي أبقت على سير الاقتصاد في السنوات الماضية، نضبت في حين تجاهد المصارف المتضررة من أزمة الرهون العقارية عالية الأخطار لدعم موازناتها. ويقدر"دويتشه بنك"ان تبلغ الخسائر من قروض الرهون العقارية عالية الأخطار ما بين 300 بليون و400 بليون دولار ربعها تقريبا سيقع على عاتق القطاع المصرفي. وكتب المصرف في مذكرة الى العملاء:"نحن أكثر تفاؤلاً من بعض المراقبين الذين توقعوا أزمة ائتمان كبيرة نتيجة شطب أصول بسبب قروض الرهون العقارية. وفي الوقت نفسه نحن نتوقع ان تحد عملية تصحيح الموازنات من ميل المصارف الى تقديم قروض جديدة ما يؤدي إلى ارتفاع فائدة الإقراض وتشديد معاييره". وثمة دلائل على تشديد شروط الائتمان على المستهلكين وهو ما سيضر بالاقتصاد الأميركي في شكل خاص إذ ان إنفاق المستهلكين يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي في الولاياتالمتحدة. وأفاد بحث أعده"بنك كريدي سويس"بأن الشركات التي تصدر بطاقات ائتمان قلصت ترويجها لها. وأصدر قطاع البطاقات الائتمانية 595 مليون عرض ترويجي في تشرين الثاني بانخفاض ثلاثة في المئة عن تشرين الأول أكتوبر و11 في المئة عن تشرين الثاني 2006. وتظهر بيانات مجلس الاحتياط الفيديرالي ان ديون الأسر نمت بمعدل سنوي سبعة في المئة إلى 13.6 تريليون دولار في الربع الثالث من عام 2007. ومع ذلك تباطأ معدل النمو عن مستواه في النصف الأول من العام فيما يرجع أساساً إلى تراجع سوق الإسكان الذي خفض الطلب على الديون المرتبطة بالرهون العقارية. وما زالت أحجام القروض للشركات ذات الجدارة الائتمانية العالية مرتفعة لأنها تعتمد بدرجة أقل على مصادر تمويل أخرى مثل الأوراق التجارية. ويتوقع أن تنخفض قروض الشركات التي لا تتمتع بجدارة ائتمانية عما كانت عليه في 2007 لأن المصارف والمستثمرين أصبحوا أقل ميلاً الى تحمل الأخطار. بودمان قال وزير الطاقة الأميركي سام بودمان أمس ان الاقتصاد الأميركي يواجه"تحديات خطيرة"وان احتمالات الكساد زادت عما كانت عليه في الآونة الأخيرة. وقال بودمان لصحافيين في الأردن ان إمدادات النفط الحالية أقل من المستوى الذي تريده الولاياتالمتحدة.