لا يعجز وليد توفيق عن ابتكار طريقة غنائية يعود بها الى الواجهة مسفِّهاً رأي بعض الذين يحلو لهم اطلاق التكهنات و"المعادلات"التي تقول ان وليد... انتهى."هكذا"، ببساطة مطلقة ينبري بعض"الاعلاميين"و"الفنانين"و"المنتجين"لاشاعة أجواء توحي بأن وليد توفيق لا يستطيع ان"يأخذ عمره وعمر غيره"في الفن، وأنه عاجز عن اللحاق بمزاج الجمهور، وتالياً فإن نتاجه الفني المصاب بالوهن والضعف لن يتمكن من إنقاذه! هذا ما نسمعه نحن. هذا ما يسمعه وليد نفسه. وهذا ما يسمعه أغلب الجمهور. لكن وليد الذي يتميّز بذكائه الحاد، وقدرته الفائقة على النهوض والاستمرار وادارة المعارك والنجاح فيها منذ مطلع احترافه الغنائي، لا يزال يملك ذلك الذكاء وتلك القدرة مع الادارة الناجحة لشؤونه الفنية، وهو لا ينفك يقدم البرهان خلف البرهان على انه باقٍ في السباق، باقٍ في المواجهة والواجهة معاً... آخر ما قدّمه وليد توفيق ألبوم"يا بحر". لا شك في ان اسم الألبوم لا يعني الكثير لجمهور اليوم في العالم العربي الذي يفضل عناوين أكثر وضوحاً عاطفياً. أضف الى ذلك ان غنية"يا بحر"كانت أضعف من ان تقاوم الاغاني الشائعة والرائجة التي اختارها أهل الغناء لتكون عنواناً للتواصل مع الجمهور في أول أغنية بعد صدور ألبوماتهم الاخيرة. لذا فقد مرت أغنية"يا بحر"من دون اهتمام حقيقي، ولا سيما ان الكليب الذي صور للأغنية كان ضعيفاً هو الآخر وغير مقنع أيعقل غوص الجميلات تحت الموج للتعبير عن البعد عن الحبيب؟، وليس فيه فكرة تجذب المشاهد... أما الاغنية الثانية التي صورها وليد توفيق وأطلقها اعلامياً فكانت"أنتَ مين"، انها الاغنية التي يمكن القول انها من بين الأجمل في الألبوم. فكلامها لنزار فرنسيس يعكس حالة عاطفية عذبة، ولحنها لوليد توفيق يعكس حركة موسيقية وايقاعية لافتة، ثم جاء الكليب لوليد ناصيف اكثر امتلاءً بالحيوية والفرح والشباب، فوقعت الاغنية في الذائقة الشعبية موقعاً طيباً جعلها نجمة الفضائيات. ولعل طبيعة سيناريو الكليب المدجج بصبايا الجمال الأنثوي الرائع في مقابل رجولة وليد وحالة الحبور والتدفق الشعوري بينه وبينهن، خلق مناخاً من المتعة انتقل الى المشاهدين بسرعة مذهلة، وعوّض بعض النقص او البرود الذي كان كليب"يا بحر"قد فرضه مع أغلبهم من غير قصد طبعاً. "إنت مين"أغنية من ألبوم، لكنها تستطيع تقديم الألبوم كاملاً بشكل جيد للناس الذين انتظروا وليد توفيق معلّقين أملاً وضاحاً على جديده. وبالفعل كان جديد وليد عبر أغاني الألبوم ككل، خطوة ايجابية. فقد اختار وليد أغاني منوعة حاول فيها اقامة تواصل مع اكبر نسبة من الجمهور العربي الذي تتعدد مشاربه الفنية وأمزجته واهواؤه، وهو لم يكن"يخترع"شيئاً غير مألوف في تجربته، بل كان يواصل مد الجسور مع أنواع من الاغاني سبق ان أدخل صوته في مساحتها، وسبق ان نال شهرة عربية واسعة بسببها... كأن وليد توفيق الحاضر في ألبوم"يا بحر"يغازل وليد توفيق الماضي في ألوان غنائية شتى. كأن صوت وليد رغب في استعادة صوت وليد الذي كان في مراحل سابقة موزعاً على جمهور عربي اكثر حضوراً، ولم يخطئ أبداً... ان ألبوم"يا بحر"في حاجة الى ماكينة اعلامية وإعلانية ضخمة ليظهر ما فيه من التجدد والتواصل مع الماضي في وقت واحد. وليس كوليد توفيق بين مجايليه مَن يعرف من أين يؤكل... الجمهور!