الأغنية المفردة أو كما يطلق عليها فنياً مصطلح أغنية"السينغل"، سوف تتسيّد الموقف الغنائي في الفترة المقبلة، ولن يستمر الإسهال الفني الذي يقدمه المطربون في كل ألبوم من ألبوماتهم ويصل إلى 16 أغنية أحياناً، وتقل وتزيد حسب الوضع والمزاج العام. والفترة التي تمر بها الأغنية الآن، على رغم حضورها الإعلامي القوي، هي فترة حرجة لأن مبيعات سوق الكاسيت تكاد تصل إلى أدنى مستوياتها. وللآسف لا ينعكس هذا الوضع القاتم على طريقة التعاطي مع عدد الأغاني التي يحويها كل البوم لهؤلاء النجوم. وعلى رغم النجومية والحضور الإعلامي الكبير الذي تتمتع به نخبة من الأسماء الشهيرة في عالم الأغنية، لم يشفع هذا الوهج لهم من أجل تسجيل مبيعات أكثر، تخفف من عبء التكلفة الذي يثقل كاهل شركات الإنتاج خصوصاً، عندما يزيد عدد الأغاني عن المعتاد. ووسط إغراق السوق والإذن بكم هائل من الأغاني، تحمل في اغلب الأحيان اللون والطعم والذوق ذاته، من النادر أن تجد أي جديد يطرح. وحين طرح الجديد فإن أسبوعاً أو أسبوعين كفيلان بتحويل هذا الجديد إلى العادي. أخيراً، ابتدع المطربون والشركات حركة تجارية تضمّن القرص المدمج للفنان نفسه أغنية أو أغنيتن زيادة عما طرح في الكاسيت، وهم بذلك زادوا الطين بلّة. على سبيل الدعابة، تذكرت جملة وتعليقاً لمحمد عبده... عندما سئل في لقاء إذاعي عن رأيه في طرح البوم للفنان عبد المجيد عبدالله يحتوي على 15 أغنية، ردّ فنان العرب حينها بذكاء حاد:"أحد أصدقائي يعلق على ذلك أن سعر الكاسيت 15 ريالاً أي إن سعر الأغنية عند عبد المجيد عبدالله تساوي ريالاً واحداً فقط". وعلى رغم ذكاء الإجابة وإسناد الرأي لصديق فنان العرب، فإن ذلك لم يمنع تعقيبات وردود فعل كثيرة نبهت إلى إغراق السوق الغنائية بكم هائل من تلك الأغاني، مع تفاوت مستوى نجاحاتها وتقبل الناس لها. اليوم، ومع تدني مستوى المبيعات وهجوم الإنترنت الشرس على الإنتاجات الجديدة، كان لا بد من اللجوء إلى أغنية فردية يطرحها الفنان ويصب فيها كل جهده وانتقائه ويصورها ويوزعها بجهد كبير. وهذه الأغنية ستكون كفيلة بتحقيق الحضور والتواجد الجماهيري والإعلامي المناسب، وهو ما يحصل الآن لكن بطريقة مختلفة... كيف؟ الفنان يقدم 14 أو 15 أغنية في البوم واحد لكنه يصور أغنية واحدة فقط تصويراً رسمياً وعادة ما تكون هذه الأغنية في اختياره هي الأنجح والأفضل، وهي التي تظهر وتسوّق وتصدر للناس، لذا فإن نظرية الأغنية الواحدة سارية المفعول على المستوى العملي لكن بتكلفة اكبر، كما هو حاصل. ربما يبرر الفنانون الذين أغرقوا السوق بأغانيهم بالقول ان الأمر يعود إلى جلسات الطرب والمهرجانات والنغمات... لكن هذه في غالبها تكدس غنائي قديم وليس جديداً، لأن الجلسات تركز على الأغنيات القديمة، والمهرجانات قليلة جديدة، وأغلب المطربين يغنون الأغاني نفسها في كل مهرجان. اتجاه الشركات والمطربين إلى الأغنية الفردية اتجاه صحيح وأغنية واحدة، بحسب ظني، في هذه الفترة، تكفي وتكفي جداً!