حب الشباب مرض مزعج واسع الانتشار هوايته المفضلة ضرب البشرات اليانعة للشبان والشابات، الى درجة أنه قد يحوّل حياة البعض الى جحيم لا يطاق. فتجد هؤلاء تائهين في البحث عن حل يريحهم من معاناتهم، ولكن هيهات أن يجدوه. إذ غالباً ما ينتهي بهم المطاف الى اللجوء الى أساليب لا تقدم ولا تؤخر في مرضهم، هذا إن لم تجعله يسير نحو الأسوأ. وحب الشباب مرض جلدي يضرب الغدد الدهنية، وهو قد يشاهد في أي عمر، ولكنه شائع جداً في فترة المراهقة التي تصاحبها تقلبات طارئة في الهورمونات، خصوصاً في هورمون الذكورة الذي يدفع الغدد الى طرح مزيد من مفرزاتها الدهنية. لا يعرف أحد بعد الأسباب الحقيقة لظهور حب الشباب، ولم يتضح لماذا يظهر لدى البعض، في حين يسلم من شره آخرون. والشيء المعروف عن حب الشباب هو آلية ظهوره، إذ ينتج هذا المرض عن عاملين أساسيين: الأول، زيادة مفرزات الغدد الدهنية بفعل الهورمونات الذكورية، ما يؤدي الى تضخم هذه الغدد. أما العامل الثاني، فيتمثل في حدوث التهاب المفرزات الدهنية. فبدلاً من أن تجد هذه المفرزات دربها الى سطح الجلد، تبقى تراوح مكانها، ما يترتب عنه تشكل البثور. وغالبية هذه الحبوب قد تتحول الى نقاط سود تعرف بالزؤان، أو أنها تنتفخ أكثر فأكثر لتصبح مرتعاً خصباً للجراثيم، فتتحول هذه الى كييسات مملوءة بالصديد. وإلى العامل الهورموني الذي يلعب دوراً مهماً في بروز حب الشباب، هناك عوامل أخرى تؤدي الى زيادة إفرازات الغدد الدهنية وإقفال قنواتها المطلة على سطح الجلد، وهذه العوامل هي: - الوراثة، وهذه تلعب الدور الأساسي في الإصابة بحب الشباب، والدليل على ذلك كثرة حدوث المرض بين أفراد العائلة الواحدة. - الضغوط النفسية، في أحيان كثيرة قد تكون الضغوط النفسية الشرارة التي تؤدي الى ظهور حب الشباب، وذلك من خلال تأثيرات طارئة تحدث في الجسم عموماً والجلد خصوصاً. - تناول بعض العقاقير، مثل المنشطات الستيروئيدية التي يتعاطاها بعض رياضيي كمال الأجسام، وعقار"فينيتوين"المضاد للصرعة، وعقار"ريفامبيسين"المضاد للسل، وفيتامين ب12، وعقار"ليتيوم"المضاد للكآبة. - الكريمات والزيوت ومستحضرات التجميل، فهذه كلها تعمل على إغلاق مسامات الجلد، ما يمهد الطريق للإصابة بحب الشباب. - الرطوبة الزائدة، هناك نوع من حب الشباب يظهر عند قاطني المناطق الحارة ذات الرطوبة العالية. ويرى هذا الحب في أماكن معينة كالظهر والصدر، ولكنه لا يشاهد على الوجه إلا نادراً. وحب الشباب هنا يكون على شكل بثور وأكياس دهنية ضخمة، أو على شكل بثور قيحية تترك ندبات وتشوهات بعد شفائها. رب سائل يسأل: وماذا عن الغذاء؟ هل له دور في ظهور حب الشباب؟ الواقع انه لا يوجد أي دليل علمي يؤكد أن هناك علاقة بين الطعام وظهور حب الشباب. في المقابل، فإن الإسراف في تناول أصناف معينة من المأكولات، مثل المكسرات والدهنيات والأسماك والشوكولاتة وملح الطعام، قد يكون له بعض الأثر أحياناً في اندلاع حب الشباب. كيف يعالج حب الشباب؟ قبل الخوض في بحر العلاج، لا بد من التذكير هنا بأن علاج حب الشباب ليس واحداً لكل المصابين به. عدا هذا، فإن اللجوء الى الطبيب المختص يعتبر أمراً جوهرياً من أجل تحديد نوع حب الشباب لوصف العلاج الأنسب له. وفي ما يأتي نورد الخطوط العريضة لهذا العلاج: - محاربة زيادة المفرزات الدهنية باستعمال مشتقات الفيتامين أ، ويعمل هذا الدواء على تقليل إنتاج المفرزات، وفي فتح مسامات الجلد المقفلة، وفي منع تكون بثور جديدة، هذا عدا عن خصائصه المضادة للالتهاب. يستغرق العلاج بضعة أشهر للحصول على النتيجة المرجوة. ولدى بعض المرضى قد تسوء حالة حب الشباب قبل ظهور بوادر التحسن. وقد يحدث أثناء العلاج تقشر وتهيج البشرة، ومن المحتمل أن تصبح هذه الأخيرة أكثر حساسية تجاه أشعة الشمس. من هنا ينصح باستعمال الدواء ليلاً. - إذا كان حب الشباب من نوع الملتهب، فإن وصف المضادات الحيوية يعتبر أمراً ضرورياً من أجل ردع الالتهاب ومنع تشكل حب شباب جديد. وتعطى المضادات الحيوية لبضعة أشهر يقررها الطبيب، وفي بعض الحالات قد يحتاج العلاج فترة لا تقل عن السنتين. - يجب غسل الوجه مرات يومياً باستعمال الصابون المناسب، إضافة الى استعمال المطهرات الموضعية. وفي الختام، لا بد من تسليط بعض الأضواء المهمة المتعلقة بحب الشباب: أولاً: ان الإصابة بحب الشباب لا تقتصر على الوجه فقط، بل يمكن أن يظهر في مناطق أخرى مثل الصدر وأعلى الكتفين. ثانياً: ان الحرمان من الشوكولاتة لا يفيد في شيء، فالاتهامات الموجهة لها بأنها تلعب دوراً رئيساً في ظهور حب الشباب، ليست صحيحة. ثالثاً: لأشعة الشمس أثر واضح في سرعة اندمال حب الشباب. في المقابل فإن الجو الرطب يؤثر سلباً عليه. رابعاً: ان عصر وفرك الحبوب الدائم هو عادة سيئة تزيد الطينة بلة، لأنها تزيد من حب الشباب، لا بل قد تؤدي الى حدوث آثار وندبات مشوهة. خامساً: ان المحافظة على نظافة البشرة أمر في غاية الأهمية، فهي تخلص صاحبها من الدهون المتراكمة، وتجعل المسامات سالكة. وطبعاً يجب عدم الإسراف في غسل البشرة لأن ذلك قد يضر أكثر مما ينفع. سادساً: ان حب الشباب غير معد، أي انه لا ينتقل من فرد الى آخر أبداً. سابعاً: ان البودرة والكريمات ومركبات التجميل تلعب دوراً في بزوغ حب الشباب لأنها تعمل ستاراً يحول دون خروج المفرزات الدهنية. ثامناً: هناك اعتقاد بأن الوصال الجنسي مفيد في إطفاء حب الشباب، والواقع ان هذا الاعتقاد هو خرافة لا أكثر ولا أقل. تاسعاً: قد يلجأ البعض الى استعمال العقاقير الموصوفة من الطبيب بكمية أكبر بهدف التعجيل من فرص الشفاء. فعلى هؤلاء أن يعلموا، أن هذا السلوك أعوج، لأنه يمكن أن يؤدي الى مضاعفات تؤخر من الشفاء. عاشراً: إذا ولى حب الشباب قبل انقضاء مدة العلاج المقررة، فيجب عدم التوقف عن أخذه فجأة، لأن الحب قد يظهر مجدداً بعد أسابيع قليلة، لذا يجب استشارة الطبيب قبل الإقدام على خطوة من هذا النوع.