من منا لا يعرف أغنية "ماما زمانها جاية ... جاية بعد شوي، جايبة لعب وحاجات" للفنان الراحل محمد فوزي؟ ومن كان يتخيل أن"الشنطة التي فيها وزة وبطة"والتي كانت ترددها معظم الأمهات المصريات لأطفالهن لم تعد تقول"واك واك واك"؟ تلك الأغاني التي كانت متداولة على ألسنة الكثيرين سابقاً... لم تعد موجودة على ألسنة الأمهات والأطفال، بل استبدلت ب"ياللي بيسمع كلمة اهلو شو بنقلو؟ شاطر شاطر. ياللي بيقعد عاقل وحده، شو بنقلو؟ شاطر شاطر". و"شاطر... شاطر"هي نموذج"عجرمي"من الألبوم الأخير الذي طرحته الفنانة اللبنانية نانسي عجرم أخيراً، والذي يتضمن 7 أغانٍ للأطفال، ويعتمد الكليب المعروف باسم"شخبط شخابيط"على دمج ثلاث أغان في كليب واحد، نظراً الى التقارب بينها من حيث طبيعة الأفكار والألحان. وتؤدي نانسي في أول أغنية فيديو كليب لها عن الأطفال دور معلمة تحض الأطفال على طاعة الأهل والنجاح في المدرسة. ولكن الكليب الجديد الذي يتضمن أغنية"شاطر... شاطر"و"شخبط شخابيط"لم يتم تسجيله فقط داخل الأستوديو، بل في بيت كل مصري. وليس فقط على أشرطة الفيديو والأقراص المدمجة، بل كنغمات للهواتف الخليوية وأخيراً كرسائل أيضاً، فيما تئن"شنطة ماما"القديمة من الوحشة. فها هي سَحَر التي كبرت وهي تسمع والدتها تردد أغنية"ماما زمانها جاية"، حرصت على جعل أغنية"شاطر شاطر"من النغمات المتوافرة على هاتفها الخليوي، مبررة ذلك بأن الزمن تغير"كما ان أطفالي يحبونها ويريدون سماعها يومياً". وحالة سحر ليست استثنائية، فهي أم لثلاثة أطفال أكبرهم لم يكمل التاسعة من عمره يشاهدون الفضائيات ويحفظون الأغاني عن ظهر قلب. وما إن يبدأ دبيب صوت الأغنية بالظهور، والتي يميز لحنها طفل سحر الذي لم يكمل الثالثة من عمره، فيبدأ بالقفز والغناء معها قائلاً:"يللي بيسمع كلمة أهله، شو منقلو؟ شاطر شاطر". فيما لا تجرؤ سحر على ترديد"ماما زمانها جاية... حاملة لعب وحاجات"على مسامع أولادها لأنهم سرعان ما يبدأون بالضحك عليها لأنها"قديمة". وعلى رغم أن أغنية"شاطر"لا تتعدى كونها فيديو كليب جاذباً بالنسبة الى طفلها، إلا أن الأمر بالنسبة الى سحر يتعدى ذلك، فهي تستغل نقطة ضعف ابنها الذي يحب هذه الأغنية وتستغلها كوسيلة للتأثير في سلوكياته، بدءاً من عدم الصراخ والبكاء مروراً بالأكل وانتهاءً بالنوم. لا شك في أن ألبوم"شخبط شخابيط"استحوذ على نصيب لا يستهان به من اهتمام الأطفال، نصيب بات احتكاراً حصرياً استهدفهم في شكل مباشر من خلال الفيديو كليب الذي صوّر في شكل لافت وجاذب للأطفال، ولم يعد هناك متسع للأغاني القديمة. وسواء كانت الأغاني الموجهة للأطفال جديدة أم قديمة، فإنها كلها تصب في هدف واحد، هو محاولة حض الأطفال على السلوكيات والتصرفات الجيدة والتأثير فيهم من خلال الإطراء على تصرفاتهم إذا أحسنوا التصرف، ومعاقبتهم إذا فعلوا العكس. فالسيناريو واحد على رغم اختلاف الأسلوب. وهدف سناء التي تعاني من صعوبة مزاج طفلها كريم ذي العامين هو التخلص من صراخه وبكائه المستمر. وهي تفلح أحياناً في إسكاته من طريق إسماعه أغنية"شاطر"التي تضطر هي الى سماعها مرات يومياً، كلما لزم الأمر واضطرت إلى اسكاته? ولا يثير هذا الأمر الدهشة أو الاستغراب. فالكليب محبوك بطريقة جاذبة ليس فقط للأطفال، بل أيضاً للكبار من خلال طريقة التصوير والألوان والإخراج. الأمر الذي جعل الحاجة أم حسين تتابع الكليب مع أحفادها، مبدية استغرابها ليس فقط من الكليب، بل من مدى تعلق أحفادها وتأثرهم به.