يدخل صندوق النقد الدولي بدءاً من اليوم مرحلة جديدة، باختيار مدير جديد لشؤون إدارته، وزير المال الفرنسي السابق دومينيك ستراوس كان، خلفاً للإسباني رودريغو راتو المستقيل. ويعاني الصندوق من انتقادات موجعة سواء لناحية أسلوب أدائه، أو لناحية جمود بنيته التأسيسية منذ 60 سنة. ويمهّد اختيار مدير جديد لمرحلة جديدة ضرورية للصندوق. فمنذ تموز يوليو الماضي، إثر إعلان راتو عدم قدرته إكمال مهمته، صارت مفكرة ستراوس كان مليئة بالاهتمامات: إفريقيا الجنوبية، موزامبيق، البرازيل، السعودية، مصر، الصين، كوريا الجنوبية، اليابان، الهند، وغيرها... فالفرنسي الآتي من شعبية متدنية، حمل حقيبة السفر السريع ليؤمن تأييد الدول له في المنصب الجديد، ولن تكون هناك مفاجآت، وسيبدأ ستراوس كان مشواره الصعب بداية تسلمه مهمته. فصندوق النقد يعاني أزمة ذات وجهين: الفعالية والشرعية. فهدف إنشائه ممولاً للدول الفقيرة أو المدينة، كانت موضع انتقاد من قبل صناديق التحوط المالية الموجودة في الكثير من دول آسيا وأميركا اللاتينية، ودور البنك كوصي تهتم الصين وفنزويلا والسعودية ليلعبه على الساحة العالمية. إن زبائن صندوق النقد تقلصت، في 2006، واستفادت البرازيل والارجنتين وأندونيسيا من ارتفاع أسعار المواد الأولية وسددت ديونها قبل استحقاقها. كما انتقد أسلوبه بشكل واسع إثر فشله في أسلوب المعالجة بطريق"الصدمة الحرة"لخفض العجز والدعم، وخفض قيمة العملة والتخصيص المطبقة عند حدوث أزمة النمور الآسيوية 1997 ? 1998 وفي الأرجنتين 2001 - 2002. هذه الأزمة في الهوية، يضاعفها طرح المسألة القانونية، فلا زيادة الأعضاء المنتسبين أربعة أضعاف في ستين سنة، ولا النمو الكبير في الدول الناشئة خصوصاً البرازيل، روسيا، الهندوالصين، عدّلت في حصص التحكم في إدارة الصندوق، الموضوعة منذ نصف قرن، فهل يعتبر طبيعياً أن تمثل بلجيكا 2.02 في المئة من حق التصويت، والهند 1.89 في المئة، والصين 3.66 في المئة؟ ما يطرح بإلحاح إعادة توزيع حقوق التحكم داخل المؤسسة بنسب تتوافق والحجم الاقتصادي للأعضاء. ولتهدئة استياء الدول النامية استصدر المدير المستقيل رودريغو راتو في 2006، زيادة اقتراع متواضعة لكل من الصين، المكسيك، كوريا الجنوبية وتركيا. لكن اخصائيي الصندوق يعتبرون أن لا بد من إحداث إصلاح فيه. فهل يستطيع ستراوس كان أن يلتزم ما صرح به أمام مجلس إدارة الصندوق لدى مقابلتهم إياه في 2 أيلول سبتمبر الحالي"انه لن يكون مرشح الشمال ضد مرشح الجنوب"؟ هو وعد بتمثيل أكثر عدالة للدول النامية، لتؤخذ القرارات الرئيسة بأكثرية الدول الأعضاء وليس بأكثرية الأصوات. صندوق النقد بالأرقام يبلغ عدد الدول الأعضاء 185 ويعمل فيه 27 ألف موظف، حقوق التصويت للولايات المتحدة 16.72 في المئة، ولأوروبا 32.09 في المئة. يتمتع بقدرة تمويل 190 بليون دولار، ويبلغ العجز في موازنته 105 ملايين دولار لسنة 2006 - 2007.