دعا مستشار الحكومة الألمانية لشؤون الاقتصاد الخبير المالي بيتر بوفينغر برلين إلى التدخل لمساعدة الدولار الضعيف والمعرض للمزيد من التراجع. وطالب حكومته بدعم مبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي التي طرحها أخيراً لمساعدة العملة الأميركية على تجاوز محنتها، خصوصاً أن تدهور الاقتصاد الأميركي سيترك تداعيات سلبية جداً على مجمل الاقتصاد العالمي. وسارع عدد من الخبراء والهيئات الاقتصادية الألمانية أمس إلى التحذير من النتائج السلبية لقوة اليورو الذي حطم أول من أمس رقمه القياسي السابق وقفز إلى 1.39 دولار قبل أن يتراجع قليلاً. ولفتوا إلى أن الارتفاع هذا يضغط على أوضاع الشركات الألمانية والأوروبية في منطقة اليورو وعلى صادراتها إلى الخارج، ونفسياً كذلك على الشارين من الخارج بالعملات الأخرى. وإضافة إلى الخبير بوفينغر علت أصوات أخرى أيضاً تحذر المصرف المركزي الأوروبي من التفكير حالياً في رفع الفائدة على اليورو في ظل استمرار الأزمة المالية الناتجة عن تفجر أزمة الرهن العقاري الأميركي. وذكر بوفينغر لصحيفة"برلينر تسايتونغ"أن رفع الفائدة البالغة حالياً أربعة في المئة يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أكبر في سعر اليورو. وتابع أن السوق الداخلية في ألمانيا لا تزال ضعيفة وأن الانتعاش الاقتصادي فيها يعتمد على الصادرات التي تشكل نصف الناتج القومي السنوي،"لذا فكل ما يمكن أن يعتبر سلبياً للتجارة الخارجية يشكل مشكلة، وارتفاع اليورو هو مشكلة". وتابع أن في حال استمرار اليورو في الارتفاع"يتوجب على الحكومة دعم الدولار من طريق شرائه في السوق". وسجل المراقبون الماليون أن التراجع الجديد للدولار أول من أمس حصل بعد التصريحات غير المطمئنة التي أدلى بها وزير المال الأميركي هنري بولسون الذي ذكر أن الاضطرابات في الأسواق المالية ستستمر. وانقسم ممثلو الاقتصاد الألماني أمس في تحديد مدى خطورة المزيد من ارتفاع اليورو. ففيما أكد خبير اتحاد الصناعيين الألمان، راينهارد كوديس، أن الارتفاع"لا يشكل بعد خطراً جدياً على الاقتصاد الألماني، خصوصاً إذا استمر الانتعاش الاقتصادي العالمي بصورة جيدة"اعتبر رئيس اتحاد التجارة الخارجية وتجارة الجملة أنطون بورنر أن اليورو"سيصبح مشكلة جدية بالنسبة إلى الصادرات ابتداء من عتبة 1.40 للدولار"، الأمر الذي أكده أيضاً خبير معهد"إيفو"غيرنوت نيرب. ورأى الخبير في معهد راين - وستفاليا رولاند دورن أن الاقتصاد الألماني لن يتأثر في حال بقي مستوى اليورو العالي يوماً أو بضعة أيام، لكنه حذر"من وجود عوامل تشير إلى إمكان تعرض الدولار إلى المزيد من الضعف، ما سيجعل وضع بعض المصدّرين الألمان حرجاً". وعبّر كبير خبراء معهد البحوث الاقتصادية في برلين ألفرد شتاينهر عن القلق نفسه قائلاً:"إن الوضع يصبح شيئاً فشيئاً مقلقاً لنا". ومع ذلك أعرب عن اعتقاده بأن بقاء اليورو على ارتفاعه الأخير"لن يؤثر على نمو الاقتصاد الألماني هذه السنة، إنما يمكن أن يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي في ألمانيا بنسبة 0.5 في المئة عام 2008".