عشية افتتاح معرض السيارات الدولي IAA في فرانكفورت اليوم تحت شعار"حماية البيئة"، تتطلع صناعة السيارات الألمانية بثقة إلى المستقبل إن من حيث تسجيل رقم قياسي في المبيعات المنتظرة هذه السنة والسنة المقبلة أو من حيث التحول من إنتاج السيارات الكبيرة المسرفة إلى السيارات الصغيرة بمحركات تقنية جديدة تخفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، ما يتطلب استثمارات ضخمة تصل إلى مئات ملايين اليورو. وتشعر شركات صناعة السيارات الأوروبية بحال صراعها مع الوقت إثر إعلان مفوض البيئة في الاتحاد الأوروبي سترافروس ديماس قبل أيام أن المفوضية ستحدد عام 2012 مهلة أخيرة لإنتاج محركات وتطوير تكنولوجية تخفض الانبعاثات السامة إلى 120 غراماً للكيلومتر الواحد، وإلا سيكون على شركات السيارات دفع عقوبات مالية عالية. وأظهرت دراسات أجريت أن كلفة الإضافة التقنية هذه تتراوح بين 600 3000 يورو بحسب نوع السيارة وحجمها. ويشارك في المعرض الذي تفتتحه المستشارة أنغيلا مركل 1081 شركة عارضة وموزعاً من 40 دولة يقدمون 128 طرازاً جديداً بينها 88 طرازاً يعرض للمرة الأولى، وأكثر من نصفها 46 طرازاً للشركات الألمانية. وتنتظر رابطة صناعة السيارات في ألمانيا VDA قدوم مليون زائر بين 31 وپ32 الشهر الجاري، كرقم قياسي. وقال رئيس الرابطة وزير المواصلات الأسبق ماتياس فيسمن إن رابطته تتوقع على خلفية الطلب الكبير الآتي من الصين بزيادة تبلغ 30 في المئة على السنة الماضية، أن تحقق مبيعات شركات السيارات الألمانية إلى الخارج، رقماً قياسياً هذه السنة يصل إلى 5.6 مليون سيارة تبلغ حصة أوروبا منها نحو 47 في المئة. وذكر فيسمان أن المبيعات في ألمانيا ستسجل تراجعاً من 3.4 إلى 3.2 مليون سيارة بسبب رفع ضريبة القيمة المضافة مطلع السنة الجارية ولجوء الكثيرين السنة الماضية إلى شراء مسبق لتفادي الزيادة. وبدا واضحاً من الإعلانات والدعايات التي بثها الكثير من المشاركين في المعرض انهم أكثر وعياً لموضوع حماية البيئة بسبب القوانين التي تُسن في عدد متزايد من البلدان والتزام الدول الموقعة على معاهدة"كيوتو"لحماية المناخ بخفض جذري للغازات السامة القاتلة للغلاف الأرضي الناتجة عن المحروقات التي تستخدم بكميات متنامية. وإذا كانت انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من محرك السيارات تبلغ في المتوسط 160 غراماً للكيلومتر الواحد فان الهدف المرحلي الذي حدده الاتحاد الأوروبي، وهو 120 غ/ كلم، لا يزال بعيد المنال. وقال رئيس شركة الاستشارات رولاند برغر إن حسابات شركته تظهر إنه سيكون على صانعي السيارات الألمان صرف ثلاثة بلايين يورو إضافية كل سنة لتحقيق الهدف الموضوع لعام 2012. وأعرب عن اعتقاده بأن الضغط الكبير الممارس لإنتاج محركات أقل ضرراً بالبيئة"أمر مهلك"، مقترحاً العمل على تقليل أنواع محركات السيارات بهدف زيادة أعداد المنتج منها واللجوء إلى تسويق أفضل لطرازات السيارات. ويعترف الخبراء هنا بأن إحدى فضائل صانعي المحركات الألمان هو إنتاج محرك الديزل وتطويره ليصبح أكثر نظافة من غيره. واستناداً إلى البيانات المسجلة هبط مصروف المحروقات في سيارات الديزل الجديدة منذ عام 1990 بنسبة 25 في المئة تقريباً. وذكر أولريش هوبنر من معهد الطاقة وبحوث البيئة في هايدلبيرغ أن الألمان"سبقوا عصرهم"في صناعة محرك الثلاث ليترات بنزين لطراز"لوبو"لشركة"فولكسفاكن"ومحرك"هايبريد"الأول لسيارة"أودي"، لكنهم عادوا"وتراجعوا عن الاهتمام بحماية البيئة لمصلحة السيارت الكبيرة والثقيلة والمسرفة إلى أن تنبهوا إلى واقع أن شركات السيارات الأجنبية، بخاصة اليابانية، سبقتهم في هذا الحقل". وكانت انتقادات رئيس معهد الاستشارات هلموت بيكر وهو كبير خبراء شركة سيارات"بي إم دبل يو"فكانت أكثر حدة حين اتهم صناعة السيارات الألمانية"بتبذير البلايين على تطوير سيارات أكبر وأثقل وأسرع باستمرار بدلاً من الاستثمار في تصنيع سيارات أصغر وأقل استهلاكاً للمحروقات". ويرى مراقبون أن شركات السيارات الأميركية وقعت بدورها في فخ الإسراف وإنتاج سيارات الپ"بيك أب"و"الجيب"الضخمة، لكنها بعد ارتفاع أسعار المحروقات في السنوات الأخيرة واجهت هبوطاً كبيراً في المبيعات إذ توجه الناس الى شراء سيارات من اليابان وكوريا الجنوبية وأوروبا، أكثر اقتصاداً. ولمواجهة هذه المشكلة اكتشفت"جنرال موتورز"و"فورد"الشركات التابعة لها في أوروبا مثل"أوبل"التي تنتج طراز"أسترا"المتوسط الحجم والقليل الاستهلاك فسارعت إلى استقدامه إلى الولاياتالمتحدة لمواجهة منافسيها الخارجيين. وسيكون في إمكان زائري المعرض الاطلاع على سيارات تعمل بمحركات"هايبريد"الجديدة لعدد غير قليل من الشركات. وتتميز هذه المحركات بأنها مزيج بين نظام الاحتراق ونظام الكهربة، وهي اقتصادية وقليلة الانبعاثات السامة. وأعلنت شركات:"مرسيدس"و"بي إم في"و"فولكسفاغن"وپ" أودي"و"بورشه"الألمانية أنها تخطط لإنتاجها جماهيرياً ابتداء من 2009. وفي حين تركز"مرسيدس"على تكنولوجية الديزل، تعرض"أوبل"سيارة تسير على الكهرباء، وتعمل"أودي"على محرك يسير على الغاز، و"دايملر - كرايسلر"وپ"بي إم دبل يو"على الهيدروجين. واتهمت"مرسيدس"و"بي إم دبل يو"الألمانيتان وپ"تويوتا"اليابانية شركات صينية بسرقة ثلاثة تصاميم منها لموديلات"سمارت"و"إكس 5"و"رافا"وطالبت بمنع عرضها في المعرض مهددة برفع دعوى قضائية ضدها في حال طرحها بالفعل للبيع قريباً كما أعلن موزعها. وكانت المستشارة مركل احتجت على هذه السرقة خلال زيارتها الأخيرة إلى الصين وشددت على ضرورة احترام القانون الدولي الذي يحمي حقوق الملكية الفكرية.