مع استياء الحزب الحاكم من منع رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف من العودة إلى بلاده وفشل المحادثات بين الرئيس برويز مشرف وزعيمة حزب الشعب بينظير بوتو، تضاءلت خيارات الرئيس الباكستاني في الحصول على تفويض جديد من البرلمان الحالي أو المقبل لولاية رئاسية ثانية.آمال مشرف تحطمت امام صخرة المحكمة العليا التي نقضت دستورية جمعه بين الرئاسة وقيادة الجيش، المنصب الذي وصفه قبل اسابيع بأنه"جلده الثاني"، رافضاً التخلي عنه في وقت تخوض البلاد حرباً على الإرهاب. ويصر مشرف على ان تلك الحرب تتطلب أن يكون صاحب القرار الأول في المؤسسة العسكرية ومشرفاً في شكل مباشر عليها وليس قائداً أعلى كرئيس مدني. وفي محاولة لتمرير الاستحقاق الرئاسي، وعد مشرف بالتخلي عن منصبه العسكري بعد إعادة انتخابه رئيساً، ما يستدعي تعديل الدستور الذي يحظر انتخاب عسكري رئيساً للبلاد. لكن التعديل يحتاج الى موافقة ثلثي أعضاء البرلمان ومجلس الشيوخ وهو ما يفتقر إليه مشرف في المجلسين، ذلك ان حزب الشعب بزعامة بوتو وتحالف الأحزاب الدينية ليسا في وارد الموافقة على ذلك.وقطع الحزب الحاكم الطريق على أي صفقة قد يبرمها مشرف مع بوتو، وذلك بمعارضته منح رئيسة الوزراء السابقة ثمن تلك الصفقة بإسقاط تهم الفساد الموجهة اليها وإلغاء المجالس المحلية المؤيدة للحزب الحاكم، وإزالة القيود الدستورية التي تحظر على بوتو تولي رئاسة الحكومة لفترة ثالثة. موقف الحزب الحاكم برره قادته بأنهم لا يريدونها ان تصل على أكتافهم، ويخرجوا هم بخفي حنين.نواز شريف الخصم التقليدي لبوتو كان يرقب محادثاتها مع مشرف، ورأى في قرار المحكمة العليا الذي يسمح له بالعودة إلى البلاد وممارسة كل حقوقه السياسية، طوق نجاة له من سنوات المنفى، فسارع إلى إعلان عزمه على العودة إلى البلاد ليقود المعارضة، وفتح أبواب حزبه مجدداً لمن يريد العودة إلى صفوفه من برلمانيي الحزب الحاكم الذين انشقوا عنه اساساً، وبادر عدد من هؤلاء الى إعلان معارضتهم لمشرف.وفي ظل الخلاف بين مشرف والمحكمة العليا ومحاولات القضاء الاستقلال التام عن السلطة التنفيذية وهو ما لم تشهده البلاد في السنوات الستين من عمرها، لا يبدو سهلاً على الحكومة الوقوف في وجه المد الإسلامي الداعم للجماعات، على رغم محاولات واشنطن دفع مشرف الى"تحالف علماني"مع بوتو".وإذا كان مشرف يجد من الصعب عليه فرض الأحكام العرفية في هذه الظروف خوفاً من ان تقدم المحكمة العليا على إبطالها، فإن جل ما يمكنه فعله هو الإشراف على انتخابات عامة حرة ونزيهة يقدم بعدها السلطة لمن ينتخبه الشعب ويخرج من المسرح السياسي محافظاً على كرامته وعلى هيبة القوات المسلحة الباكستانية التي أصبحت موضع انتقاد منذ اقتحامها المسجد الأحمر في إسلام آباد، وقتل مئات الطلاب داخله، وصولاً الى إبعاد شريف بدل تقبله معارضاً ومواجهته عبر صناديق الاقتراع.