فاجأت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو الأوساط الحاكمة في إسلام آباد أمس، بتنصلها من اي اتفاق محتمل لتقاسم السلطة مع الرئيس برويز مشرف. وتوقعت انضمام نواب حزب الشعب الذي تتزعمه إلى أحزاب المعارضة في حملة الاستقالات من البرلمان، الهادفة الى نسف نصاب جلسة إعادة انتخاب مشرف، أو على الأقل نزع الشرعية عنه. جاء ذلك رداً على تحفظ الحزب الحاكم في باكستان عن مشروع الحكومة إسقاط تهم بالفساد موجهة الى بوتو، تمهيداً لعودتها المرتقبة الى باكستان في 18 الشهر الجاري، وتقديم دعمها لمشرف خصوصاً في"الحرب على الإرهاب". وقالت رئيسة الوزراء السابقة خلال اجتماع لمحازبيها في لندن أمس، ان المحادثات"متوقفة تماماً"مع نظام مشرف"العاجز عن تحقيق الديموقراطية"، نافية ما أعلنته الحكومة عن إسقاط التهم ضدها. ورأت بوتو ان الأنباء عن إسقاط التهم، تأتي في إطار"حملة تضليل تمارسها الاستخبارات"الباكستانية. في الوقت ذاته قال مخدوم أمين فهيم، نائب رئيس حزب الشعب ان عرض العفو عن بوتو"ليس كافياً". وكان يشير كما يبدو الى شرط وضعته بطلب الحكومة تعديل الدستور لتمكينها من ترؤس الحكومة للمرة الثالثة. وبرز انقسام في الحكومة الباكستانية على مشروع العفو عن بوتو، إذ اعتبر عدد من أعضاء حزب"الرابطة" الحاكم ان إسقاط التهم"غير منصف". وقال وزير الشؤون الدينية اعجاز الحق:"أبدينا تحفظاتنا عن عرض العفو المقترح، ولا نؤيده". وشدد على وجوب"عدم منح العفو للسياسيين الفاسدين، خصوصاً المتهمين بنهب 1.5 بليون دولار"، في إشارة الى الزعيمة المعارضة. يذكر ان اعجاز الحق هو نجل الديكتاتور العسكري السابق ضياء الحق الذي أعدم ذو الفقار علي بوتو، والد بينظير، العام 1979. وذكرت مصادر في الحزب الحاكم انه قد يقدم طعناً أمام المحكمة، إذا أصدر مشرف مرسوماً رئاسياً بالعفو عن بوتو. وهذه هي المرة الثانية التي يدخل الحزب الحاكم بقوة على خط أي محاولة للتقارب بين مشرف وبوتو، علماً ان تقارير توقعت تخلي الرئيس عن هذا الحزب بعد الانتخابات الرئاسية المقررة بعد غد، نظراً إلى فشل أركانه في تأمين قاعدة تأييد شعبي لمشرف في تحالفه مع الأميركيين في"الحرب على الإرهاب"، ما تسبب في حملة ضده من الأحزاب الأصولية القوية التي تحاول منعه من تولي الرئاسة مجدداً. واللافت ان وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أبدت تأييد بلادها"انتخابات حرة ونزيهة"في باكستان، سواء بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي نهاية الأسبوع، أو الانتخابات الاشتراعية المقررة في كانون الثاني يناير المقبل، ما يهدد في ظل الوضع القائم بفقدان مشرف قبضته على الحكم، في وقت لا يحقق الجيش تقدماً ملحوظاً في الحرب على"أنصار طالبان والقاعدة"غرب البلاد. ونقلت صحيفة"واشنطن بوست"عن مسؤولين أمنيين باكستانيين وغربيين ان الحكومة الباكستانية بدأت تخسر الحرب ضد المسلحين المتشددين غرب البلاد، ما سمح ل"أنصار طالبان والقاعدة"بتوسيع رقعة سيطرتهم، والانطلاق منها لشن مزيد من الهجمات على القوات النظامية.