تلقت الديبلوماسية الروسية صفعة مفاجئة في آسيا الوسطى بعدما توصلت بشكيك وواشنطن إلى اتفاق لتأسيس «مركز» لنقل امدادات الولاياتالمتحدة وحلفائها إلى أفغانستان. واعتبر خبراء روس التطور «التفافاً على قرار إغلاق قاعدة ماناس» العسكرية في قيرغيزستان. وأعلن عن التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن الإثنين، لكن الهيئة الاشتراعية القرغيزية بدأت أمس، مشاورات للمصادقة على الاتفاق ومنحه صفة قانونية، وينتظر أن يصدر البرلمان قراره بغالبية مريحة في جلسة مخصصة لذلك تُعقد اليوم. وينص الاتفاق على تأسيس المركز في مطار «ماناس» الدولي قرب العاصمة بشكيك لتأمين الإمدادات إلى القوات الأميركية المتواجدة في أفغانستان . وكانت الولاياتالمتحدة تستخدم هذا المطار كقاعدة لقواتها الجوية منذ كانون الأول (ديسمبر) من عام 2001 ، لكن قرغيزستان أعلنت في شباط (فبراير) الماضي قراراً بإغلاق هذه القاعدة. وأقرت الهيئة الاشتراعية القرغيزية بعد أسابيع، هذا القرار. واللافت أن الاتفاق الجديد نص على تحويل كل البنى التحتية للقاعدة العسكرية لاستخدام المركز الجديد، كما نص على عدم خضوع الشحنات الأميركية المنقولة وطائرات الولاياتالمتحدة الى أي إجراءات تفتيش أو مراقبة من جانب السلطات القرغيزية. وأيضاً لم يتطرق الاتفاق إلى تحديد طبيعة الإمدادات ما يعني عدم وجود قيود على نقل شحنات مدنية أو عسكرية عبر المركز. كما ترك الاتفاق للأميركيين حرية كاملة للتنقل واشترط عدم ملاحقة أي أميركي حتى لو ارتكب جرماً في قرغيزستان من دون موافقة واشنطن، علما بأن هذه المسألة لعبت دوراً مهماً في تسريع قرار الإغلاق السابق لأن عدداً من الجنود الأميركيين ارتكبوا مخالفات صارخة وصلت أحياناً إلى جرائم قتل. ودفعت هذه التفاصيل التي تعد تكراراً حرفياً لاتفاق القاعدة العسكرية الملغى، خبراء في روسيا إلى اعتبار أن التوقيع على الاتفاق الجديد انتصار للرئيس الأميركي باراك أوباما في منطقة آسيا الوسطى، وضربة لجهود الديبلوماسية الروسية التي سعت إلى تثبيت إغلاق القاعدة العسكرية الأميركية. وأعلنت موسكو في الوقت ذاته،عن استعدادها للمساعدة في تأمين خطوط إمدادات قوات التحالف في أفغانستان، وهو أمر فسره كثيرون بأن موسكو سعت إلى لعب دور «البوابة الوحيدة أمام الأميركيين للعبور إلى منطقة آسيا الوسطى عموماً وأفغانستان خصوصاً». ومعلوم أن موسكو شجعت بشكيك على اتخاذ القرار بإغلاق القاعدة. وكان لإعلان الرئيس القرغيزي كورمان بيك باكييف لقراره في هذا الشأن من العاصمة الروسية دلالات قوية، خصوصاً أن الروس تعهدوا في حينها بتقديم معونة مالية لقرغيزستان تبلغ قيمتها 150 مليون دولار، وقروض ميسرة بقيمة بليوني دولار. وصرح وزير الخارجية القرغيزي بأن مدة الاتفاق الجديد سنة واحد يُفترض أن تحصل قرغيزستان خلاله من الولاياتالمتحدة على مبلغ يزيد عن 170 مليون دولار. لكن وسائل إعلام روسية نقلت عن مصادر قرغيزية أن بشكيك ستحصل أيضاً على نحو بليون دولار، جزء كبير منها سيكون على شكل استثمارات أميركية وتركية. ومعلوم أن تركيا وأفغانستان لعبتا دوراً كبيراً في إقناع بشكيك بالتراجع عن قرار إغلاق القاعدة العسكرية. وذهب سياسيون روس أمس، إلى التلميح بخطوات قد تقدم عليها روسيا للضغط على القرغيزيين بينها احتمال إلغاء نظام التأشيرات المسهل بين البلدين أو التراجع عن قرارات بمساعدات اقتصادية .