أكدت واشنطن أمس أنها"تعتمد على قيادة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لفتح أبواب البرلمان في الموعد المحدد واستئناف العملية الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية"، وأثنت على دور رئيس مجلس النواب و"فهمه لواجباته الدستورية"متمنية من الجميع"المشاركة في العملية الدستورية بغض النظر عن توجهاتهم السياسية". واعتبر مساعد الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ويلش في لقاء مع مجموعة صحافيين ورداً على سؤال ل"الحياة"أمس أنه"مقتنع بفهم بري لواجباته الدستورية"وأنه"لمس هذا الأمر"خلال لقائهما في بيروت في منتصف حزيران يونيو الفائت. وقال ويلش"يجب فتح أبواب المجلس في 25 أيلول سبتمبر وكما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري"و"أن يبدأ عملية انتخاب رئيس للجمهورية طبقا للدستور اللبناني والأساليب المرعية". وأضاف المسؤول الأميركي"تحدثت مع بري عن هذا الموضوع خلال زيارتي وأنا مقتنع بأنه يفهم واجباته الدستورية". واعتبر أن"فتح أبواب البرلمان يعني احترام الدستور ونحن نعتمد على قيادة رئيس مجلس النواب لاتباع هذا التوجه والقيام بالمهمة الدستورية المطلوبة لانتخاب رئيس جديد". وتمنى ويلش على جميع النواب"المشاركة والقيام بواجبهم"، مشيراً الى أنه"بغض النظر عن التوجهات السياسية، فإن لدى الجميع مسؤولية قانونية ويجب أن يمارسوها". وأكد أن واشنطن ترحب بالانتخابات الفرعية التي شهدها لبنان أول من أمس، وخصوصاً"لجهة اتمامها في ظروف سلمية"، وقال إنه تلقى تقريراً"جيداً"من السفير الأميركي في لبنان جيفري فيلتمان عن العملية الانتخابية، واعتبر أن"النتائج كانت مثيرة للاهتمام لجهة توجه أصوات المسيحيين". ورفض ويلش الدخول في حيثيات النتائج الانتخابية معتبراً أن"الرابح الوحيد هو الشعب اللبناني"وأن الانتخابات يجب أن"تكون نموذجا للاستحقاقات المستقبلية في لبنان ولتفعيل دور البرلمان واجراء انتخابات رئاسية". وأشاد برصيد الرئيس السابق أمين الجميل ونوه"بمساهمة العائلة التاريخية للبنان التي سيكون لها مساهمات في المستقبل". وعن القرار الرئاسي الأخير للبيت الأبيض الذي يقضي بفرض عقوبات وتجميد أموال أي شخص أو جهة تنتهك العملية الديموقراطية في لبنان، أكد ويلش أن الادارة الأميركية ستقوم بإدراج أسماء"بناء لمعلومات لديها ومعلومات تصلها من السفارة هناك"، موضحاً"أن حزب الله مشمول بمثل هذه العقوبات منذ فترة باعتباره منظمة ارهابية في القانون الأميركي". وقال إن"القرار هو لحماية من يدعمون الديموقراطية في لبنان"وهو"اشارة واضحة لأشخاص داخل لبنان وخارجه بأنه ستكون هناك عواقب لأي تحرك ضد مشيئة الشعب اللبناني أو خلافاً للقانون اللبناني"وأن القرار سيستعمل في مثل هذه الحالة. وكانت انتخابات دائرة المتن الشمالي الفرعية انتهت بفوز مرشح"التيار الوطني الحر"بزعامة العماد ميشال عون بالمقعد الماروني الذي كان شغر باغتيال النائب والوزير بيار الجميل بفارق ضئيل هو 418 صوتاً، والى إعلان الرئيس السابق للجمهورية رئيس حزب الكتائب المرشح أمين الجميل انتصاره السياسي بسبب تفوقه على خصمه في صناديق الاقتراع المارونية، ورضوخه للنتائج التي أعلنتها وزارة الداخلية فجر أمس وحصل فيها مرشح التيار الدكتور كميل خوري على 39534 صوتاً مقابل حصول الجميل على 39116 صوتاً. وأتاح الإعلان الرسمي للنتائج إجراء كل فريق، مع حلفائه، تقويماً لدلالات المعركة الحامية التي خاضتها المعارضة والأكثرية في دائرة المتن. وقالت مصادر مراقبة متعددة الاتجاهات ان عون ربح المقعد النيابي لكنه خسر أرجحية الزعامة عند المسيحيين، فيما خسر الجميل المقعد لكنه استعاد الزعامة في المتن. ولعل الدلالات السياسية لنتائج المعركة هي التي دفعت كلاً من الفريقين الى اعتماد لهجة هادئة في جزء من الخطاب السياسي غداة الإعلان الرسمي عن أرقام صناديق الاقتراع فأبدى عون استعداده لتسوية وقيام حكومة وحدة وطنية، مسلّماً ضمناً بأن ورقة التفاهم بينه وبين"حزب الله"التي وقعها في شباط فبراير عام 2006 لم تشرح في شكل كافٍ للناخبين وكانت بالتالي أحد أسباب تراجع التأييد المسيحي له، فيما أكد الجميل تقبّله خسارة مقعد نجله بيار"بافتخار"وأعلن انه يمد يده الى"التيار الوطني الحر"على أساس الثوابت التي أعلنتها البطريركية المارونية. راجع ص 6 و7 لكن الفريقين، في معرض العودة الى شيء من الاعتدال لم يمتنعا عن تقاذف الاتهامات مجدداً، خصوصاً ان حلفاء كل منهما أدلى بدلوه في سياق دعم موقفه تجاه الخصم. وفيما برزت استنتاجات محايدة إزاء نتائج المعركة وأعلن رئيس الحكومة السابق الدكتور سليم الحص انها"انتهت بلا غالب ولا مغلوب فكان هناك خاسر ولم يكن هناك منتصر"، اعتبر الوزير المستقيل عن"حزب الله"في الحكومة محمد فنيش الحليف لعون، ان الاخير"لا يزال يحظى بالغالبية المسيحية ولا يزال المرجعية المسيحية الأولى في لبنان"وأنه"المرشح الأقوى والأبرز لرئاسة الجمهورية". وإذ سجل عدد من المعارضين على انتخابات بيروت التي أعلنت نتائجها الرسمية فوز مرشح تيار"المستقبل"محمد الأمين عيتاني ان نسبة الإقبال فيها اقتصرت على 18 في المئة معتبرين انها"خسارة كبيرة"للأكثرية، فإن زعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري تناول فوز عيتاني على انه انتصار قاطع على الجريمة، مشيراً بذلك الى ان الانتخاب الفرعي في بيروت جرى لملء المقعد الذي شغر باغتيال عضو كتلته النيابية النائب القاضي وليد عيدو، وذكّر بسلسلة الاغتيالات التي استهدفت نواباً لبيروت. وقال الحريري ان"الانتصار الكبير في بيروت والمتن هو انتصار لقوى 14 آذار بكل المقاييس الديموقراطية والسياسية، وحتى الشعبية، وليس لأصوات تم استيرادها من محافظة إدلب سورية ان تغير في الحقائق"، مشيراً بذلك الى استقدام مجنسين من سورية للتصويت في المتن. وأكد انه"انتصار الولاء للبنان على نهج الولاء للنظام السوري وحلفائه". وأضاف الحريري:"منذ أشهر ونحن نتحمل الإساءات والتحريض المذهبي والطائفي علينا وكلما كانت لأحدهم قاصداً عون مشكلة في طائفته يستحضر اسم رفيق الحريري وتيار"المستقبل"ليضعهما في واجهة الهجوم على خصومه"، منتقداً استخدام"شعار أسلمة لبنان"، معتبراً انه"صُنع في غرفة الاستخبارات السورية...". وأكد رئيس الهيئة التنفيذية ل"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع ان قوى 14 آذار نالت ما لا يقل عن 51 او 52 في المئة من أصوات المسيحيين في دائرة المتن"وفي أسوأ الحالات هناك 50 في المئة من المسيحيين يمثلهم عون وحلفاؤه و50 في المئة نمثلهم نحن... ويفترض ان نتصرف على هذا الأساس، خصوصاً في ما يتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية". أما رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط فكرر القول ان التحولات في اتجاهات التصويت في المتن الشمالي تثبت ان الرأي العام يقف الى جانب مسيرة السيادة والاستقلال وعاد بذلك الى موقعه الطبيعي بعدما غرر به في انتخابات عام 2005 بالتجييش المذهبي والطائفي. وكان الرئيس الجميل تحدث في مؤتمر صحافي عن الفوز الحسابي في انتخابات المتن. وقال:"ان ما يعنينا هو الانتصار السياسي الذي يمثل موقف أبناء المتن لا سيما المسيحيين". واعتبر ان"الانتخابات انتصار للدولة وربحنا هذا الاستفتاء"، مقارناً بين ما ناله عون في انتخابات عام 2005 وبين انتخابات الأحد الماضي. وقال:"نلنا 57 في المئة من أصوات الموارنة ونال الطرف الآخر 40 في المئة وهذا يدلنا على ما سيكون عليه التمثيل في مناطق أخرى في جبل لبنان". وقال الجميل ان مرشح عون حظي ب80 في المئة من أصوات الأرمن و97 في المئة من أصوات الشيعة و50 في المئة من السنّة والتيار العوني تراجع 20 ألف صوت وصعدنا 10 آلاف صوت". وقال ان الانتخابات أظهرت مدى وجود سورية في المتن من خلال حلفائها وعملائها". أما عون فأقر في مؤتمر صحافي، بتأثير ورقة التفاهم بينه وبين"حزب الله""السلبي"على التصويت الماروني خصوصاً والمسيحي عموماً في المتن على شعبيته بالقول:"بعض المتنيين لم يفهموها جيداً وربما نحن نسير بسرعة قبل ان يستوعب المواطنون أبعاد سياستنا ونحن مستعدون لأن نكرس وقتاً أكثر كي نشرح". لكنه أكد تمسكه بالتفاهم. وتحدث عون عن استخدام"الوضع العالمي والشهادة والإعلام المضلل والواقع المذهبي والمال السياسي والإقطاع السياسي في المعركة"ضد مرشحه. واستدرك قائلاً:"إذا أرادوا تسوية نحن على استعداد لأن غايتنا ليست المقعد النيابي". لكنه اشترط إقراراً بصلاحيات الرئاسة. وقال عون:"لن تكون هناك ظروف في المستقبل أسوأ من ظروف هذه المعركة. وكانت الاتهامات التي وجهت الى حزب"الطاشناق"الأرمني بالتزوير لمصلحة مرشح عون في منطقة برج حمود الأرمنية سببت سجالاً مع الحزب وأدت الى تناول الموقف الأرمني في الانتخابات ورفض"الطاشناق"التصريحات"المتشنجة واللاعقلانية"، مشيراً الى ان البعض عوّل على خلافات وانشقاقات داخل صفوف الحزب. وعلى قيام حركة مناهضة للحزب. وأشار الى ان الانتخابات أكدت فشل محاولات تحجيم دور الحزب في الحياة السياسية. وانعقد مجلس الوزراء أمس وعلى جدول أعماله طلب من وزير الاتصالات مروان حمادة لبحث قيام"حزب الله"بحفريات في منطقة الجنوب لتمديد خطوط هاتفية تحت الأرض، موازية لشبكة الخطوط الهاتفية التابعة للإدارة الرسمية.