أراد العماد ميشال عون من مشاركة التيار الوطني الحر في الانتخابات النيابية الفرعية في دائرة المتن الشمالي عن المقعد الشاغر باستشهاد النائب بيار الجميّل، إثبات قوّته الشعبية وأنه ما زال الزعيم المسيحي الأقوى في لبنان. وخاض الانتخابات تحت شعار الاحتجاج على تهميش المسيحيين ومصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية من قِبل الحكومة الحالية التي يُنكر شرعيتها، بناءً على مرسوم صادر عنها وخالٍ من توقيع رئيس الجمهورية، ما يعني ضمناً اعترافه بها. أراد العماد ميشال عون تحقيق الأهداف الآتية من خلال تلك المشاركة: 1- إثبات قوّته الشعبية في منطقة المتن الشمالي، وهي منطقة مسيحية وذات ثقل اقتصادي وثقافي وسياسي كبير، معتمداً على نتائج الانتخابات النيابية التي أجريت في العام 2005 ومساندة حلفائه الأقوياء، وفي مقدّمهم النائب ميشال المر الذي يتمتع بنفوذ قوي في المنطقة وحزب"الطاشناق"الذي يصوت أنصاره بناء على"تكليف حزبي"من القيادة. 2- إلغاء القيادات المسيحية وإغلاق البيوتات السياسية، حتى يبقى المرجعية المسيحية الأقوى على الساحة اللبنانية. وبدأ في مسيرة الإلغاء في انتخابات عام 2005. 3- توجيه رسالة قوية إلى المجتمع العربي والدولي بأنه المرشح الماروني الأقوى لرئاسة الجمهورية. 4- دفع المتردّدين من حلفائه، خصوصاً"حزب الله"وپ"حركة أمل"إلى تبني ترشّحه، والإقلاع عن مطالبتهم الأكثرية النيابية بمشاركتها في اختيار الرئيس العتيد. 5- إنهاك تحالف"قوى 14 آذار"وإظهار ركاكة التمثيل المسيحي فيه، وضعف التأييد المسيحي الشعبي له، وضرب"القوات اللبنانية"في مهدها قبل ترتيب أمورها وتثبيت قواعدها... هل حقق العماد ميشال عون الأهداف التي توخّاها من مشاركته في انتخابات"المتن"؟ أشارت النتائج إلى أن العماد خسر مارونياً وانتصر انتخابياً فسقطت من يده ورقة تمثيله للمسيحيين وخصوصاً الموارنة من دون منازع، التي حصل عليها في انتخابات العام 2005، حيث نال ثقة 70 في المئة من المسيحيين ما اعتبره تفويضاً كاملاً منهم، بينما يُعتبر فوز مرشحه بالمقعد النيابي من دون الغالبية المسيحية المارونية تحديداً خسارة وليس فوزاً. وكشفت النتائج عن تبدّل المزاج الشعبي المسيحي وتغييرات جذرية في المناخ السياسي عند الأكثرية المسيحية لمصلحة الرئيس أمين الجميل وتحالف"قوى 14 آذار"وتجذّر"حزب الكتائب"وعائلة الجميّل في المتن، إذ حصل الرئيس الجميّل على 57 في المئة من أصوات الموارنة، ما يشير إلى أن الصوت الماروني كان إلى جانب الرئيس الجميل وتحالف"قوى 14 آذار"وليس إلى جانب العماد عون كما كان في العام 2005، وأن المسيحيين وخصوصاً الموارنة سحبوا الوكالة التي أعطوها للعماد عون في انتخابات العام 2005 وأعادوها إلى تحالف"قوى 14 آذار"، ما يدفع"ثورة الأرز"إلى إنجاز أهدافها انطلاقاً من تدعيم وحدة المسيحيين وصولاً إلى الوحدة الوطنية، دفاعاً عن القرار اللبناني الحر ولتحصين السيادة والديموقراطية. وأدى اهتزاز شعبية العماد عون في الساحة المسيحية إلى انهيار أسطورة"الزعيم الأوحد"والممثل الأقوى للمسيحيين المؤهل لمنصب رئاسة الجمهورية وأصبح مثله مثل أي أحد من القيادات اللبنانية. * كاتب لبناني